تعتبر العشرينات فترة انتقالية مهمة يمر بها العديد من الشباب، حيث يواجهون ارتباكًا فكريًا في سعيهم لتعريف هويتهم واتخاذ قرارات حاسمة تغير مجرى حياتهم. إنها مرحلة مليئة بالتساؤلات حول المهنة، والتعليم، والأهداف الشخصية، وهو ما يترك الكثير منهم في حالة من عدم اليقين بشأن ما يريدون فعلًا؛ وهذا الارتباك أمر طبيعي تمامًا في هذه المرحلة من الحياة.
من الشائع أن يشعر الشخص أنه قد أضاع وقته إذا لم يجد نفسه في الاختيارات التي قام بها. ومع ذلك، فإن هذا الشعور ليس خطأً ولا دليلًا على الفشل، بل هو جزء من العملية؛ فحتى الارتباك، والتجربة والخطأ، وحتى الانحرافات التي نقع فيها، تُسهم في نمونا الشخصي. وفي النهاية، كل قرار نتخذه، بغض النظر عن نتيجته، يعلمنا شيئًا ذا قيمة.
من تجربتي الشخصية، كنت دائمًا شغوفًا بعلم السياسة. حبي لهذا المجال، وفضولي، وحماسي للمناقشات السياسية، دفعتني إلى اختيار هذا التخصص. ومع ذلك، عندما اكتشفت أن هذا التخصص غير متاح في جامعتي، قررت دراسة الشريعة الإسلامية بدلًا منه. وعلى الرغم من أن هذا القرار لم يكن يتماشى مباشرة مع اهتماماتي الأولى، إلا أنني لا أندم عليه؛ بل أراه فرصة ثمينة زودتني بتجربة غنية في مجال القانون.
من خلال دراستي، تمكنت من تحليل العديد من القضايا القانونية، واكتسبت مهارات عملية، وعززت معرفتي بالنظام القانوني. وحققت أداءً أفضل من كثيرين اختاروا القانون بدافع الرغبة، مما جعلني مرجعية أساسية لزميلاتي خلال التدريب والدراسة. كنت دائمًا مستعدة للإجابة على أسئلتهن، ومساعدتهن في فهم المواد القانونية، مما جعلني مصدر دعم موثوق للكثير من الطالبات.
وبالنسبة لشغفي المستمر بعلم السياسة، قررت متابعة دراستي في هذا المجال من خلال الحصول على درجة الماجستير في علم السياسة. أؤمن أن الفرص في الحياة لا تقتصر على الاختيار الأول؛ بل هي عديدة ومتنوعة. فالتجارب، حتى وإن كانت غير متوقعة أو بعيدة عن أهدافنا الأصلية، تزيد من معرفتنا، وتوسع آفاقنا، وتُثري ثقافتنا. وفي النهاية، لا وجود لما يسمى بـ "إضاعة الوقت"؛ فكل لحظة تمر هي خطوة نحو التطور والنضج.
