using MiskFoundation.BLL.Custom;

قاطع تذاكر الإنترنت

محمد الصالح
استفاد محمد الصالح من مهنة التدوين الّتي قدّمها الإنترنت له، على أمل أن تستلهم منه ما يفيدك من هذا العالم الشاسع.
 
 

شهدتُ ظواهر الإنترنت وعاصرت نموها في سنوات مراهقتي. فقد عملت أثناء دراستي للثانوية (٢٠٠٩م) كموظف استقبال في أول مقهى إنترنت في منطقتنا وأكبرها. ضم المقهى أكثر من خمسين حاسوبًا وقدّم جلسات فاخرة مفتوحة لسبعة أيام في الأسبوع وعلى مدار الساعة، حيث كان سعر الساعة المؤجرة على الزبون ١٥ ريالًا. لم يمتلك أي شخص أعرفه حينها اتصالًا بالشبكة في منزله، وكل من عرفتهم ارتادوا المقاهي لتصفح الإنترنت.

عملت في المقهى لمدة ثلاث سنوات. وكان بوابة للتعرف على الشبكة العنكبوتية مثلما سميّت حينها. امتلكتُ، بعد خبرة بالعمل في مكان كهذا، معرفةً تمكنني من تخمين غاية الزبائن من زيارة المقهى. لماذا يأتون؟ وكيف يقضون وقتهم فيه؟ كل زائر له حاجة.

نوع يأتي للدخول على مواقع شتى لاحظت نوعًا من الزبائن أكثر اتزانًا من بين الراكضين نحو بوابات الإنترنت المشرّعة حديثًا، وهو من يقصد الإنترنت للكتابة والقراءة المطوّلة. وفقًا لتصنيفي، لم يزد عدد هذه الفئة على ٥٪ من الزوار، وكان فيهم شيء يصارع للاندماج مع بقية الزبائن. افتقدوا هدوءً مطلوبًا لقضاء وقتهم.

وكان هنالك المدونون

ساعد حراك المدونات في بداية وصول الإنترنت إلى المنطقة على خلق مجتمع من نوع جديد. كان للتدوين طابع فريد في بداية انتشار الإنترنت بالعالم العربي. تعرّف ذلك المجتمع على الآخر المختلف عنهم. مارس الكتّاب والقراء ما أحبوه في مجتمعهم الصغير، لكنّ دوافعهم لم تكن مفهومة، فقد نظر الآخرون إلى المدوّن وقارئه ولم يجدوا الحافز الواضح.

لا يفهم البعض مغزى التدوين وجدوى الوقت المبذول فيه. مع زخم التجارة الإلكترونية والأموال التي تدرها مبيعاتها، غفل هؤلاء عن أحد أهم عوامل تطويع الإنترنت لصالحهم.

مفهوم اقتصاد الاتصال هو أننا نعيش بزمنٍ يُشترى فيه الانتباه بالمال. أنت حر في اختيار صيغة للمحتوى الذي تستثمر فيه جهدك ووقتك، ويمكنك نشره بأي قناة تعجبك. ما يهم حقًا هو الانتباه الناتج عن عملك. هل يقف إبهام المستخدم عن حركته السريعة ليتفقّد ما تصنع؟

أما عن نفسي، فقد تأخرت كثيرًا عن العمل عبر الإنترنت. أقول كثيرًا لأنني عملت بهذا المجال في سن الخامسة عشر أثناء انتشاره، وكان بإمكان تلك الفرصة حينها أن تهيئ للمبادر بها أن يصنع نجاحًا لافتًا. والمؤسف تكاسل البعض عن إدراك طبيعة الأمور الحالية. يستطيع أي راغب بالعمل في هذا المجال أن يتجاوز توقعاته الشخصية مهما كانت. ربما انشغل

المستخدم باستهلاك المحتوى اليومي عن اتساع العالم الرقمي. هل يدرك هؤلاء استقبال المستخدم المبكّر وصدمته تجاه عالم الإنترنت وإمكانياته؟

الإنترنت ليس مجرد مساحة لعقد الصداقات والتسلية، ولن أبالغ بوصفه من أكبر المنجزات الحضارية. أَدارت به كبرى المؤسسات عقد عملياتها. فهل يصعب جني المال كلقمة عيش من خلاله؟

لماذا أبدأ بالتدوين؟

أكتب هذا المقال بالتزام شخصي كبير. فباختياري للكتابة كمهنة رئيسية، قرّرت البدء بتجربة حياتية جديدة. أود الانتقال بعد عشر سنوات من العمل في كبرى الشركات إلى الكتابة كعمل مستقل عبر الإنترنت، ويشعرني ذلك بالحماسة.

تبشر الأمور بالخير بعد ثلاثة أشهر من الانطلاقة. نما حسابي على تويتر وتجاوز ١٠٠٠ متابع رائع. أعمل مع العملاء بلا انقطاع، إلى الحدّ الذي أخرني عن الالتفات لهذه المدونة والبدء بالكتابة. أفكر في مشاركة تفاصيل تجربتي في الانتقال علنًا ليستفيد من هو بنفس الحال، ولأنني لم أجد قصصًا تشبه قصتي على حد علمي.

الإنترنت مكان شاسع. مهما كانت توجهاتك، انطلق وجرّب. جرّب وحسب.

 

 

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات