الذكاء الاصطناعي يدخل الميتافيرس

إمكانات الذكاء الاصطناعي مع ميتافيرس لا حدود لها.
بدءاً من المساعد الرقمي الذي يوقظك صباحاً إلى نظام نتفليكس الذي يجذبك لمشاهدته حتى ساعات متأخرة من الليل، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً من كل شيء نقوم به. أما في المستقبل، سيكون من الصعب التصرف في أي وقت بدون الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية وقريباً في حياتنا على "الميتافيرس". ومن المهم أن يتعرف قادة اليوم والغد على الأساليب العديدة التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم بها في تحسين تجربة استخدام ميتافيرس في مجال العمل والمنزل والتعاملات الاجتماعية والرعاية الصحية وغيرها الكثير.

تحدث التقنيات سريعة التطور آثاراً متزايدة واسعة النطاق على االشركات والمجتمعات. ولذلك من الضروري أن يتعامل القادة مع الابتكارات بفكر متفتح وقابل للتطور والتكيف مع هذه الابتكارات في مكان العمل. أيمن الراشد، الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للذكاء الاصطناعي( سكاي)  يناقش الإمكانات التي يحملها الذكاء الاصطناعي للأعمال في ظل الميتافيرس الصاعد.

"ما نريد الوصول إليه هو جهاز يمكنه التعلم  من خلال التجربة،" و"تقدم إمكانية السماح للجهاز بتعديل تعليماته تلقائيا." هذا ما قاله آلان تورينج (لندن، 1947) في أول محاضرة عامة تذكر ذكاء الكومبيوتر (الذكاء الاصطناعي). واليوم نحن نستخدم الذكاء الاصطناعي (AI) يومياً، بدءاً من سيارات تيسلا التي توصلنا للعمل وسيري التي تكتب لنا رسائل البريد الإلكتروني إلى نتفليكس الذي يقدم لنا اقتراحات لمشاهدة أفلام حسب تفضيلاتنا.

 

الذكاء الاصطناعي يدخل الميتافيرس

في أكتوبر2021، شهدنا تغير اسم فيسبوك إلى ميتا والإعلان عن الرؤية والمنتجات الخاصة بالميتافيرس. وتبع ذلك إعلان ميكروسوفت عن رؤيتها واستراتيجيتها الخاصة بالميتافيرس كذلك. ولذلك لا أستطيع التوقف عن التفكير كيف يمكن أن يكون شكل الميتافيرس الذي يقوده ويدعمه الذكاء الاصطناعي.

 

أولا، ما هو الميتافيرس؟

يجمع الميتافيرس بين الفراغ الواقعي والرقمي من خلال مساحة مشتركة يمكن الوصول إليها عبر تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي – حاليًا ويقدم تجارب تغمر المشاركين فيها.

والآن، كيف سيكون شعورنا أمام تجارب الذكاء الاصطناعي في الميتافيرس؛ في المنزل والعمل والتفاعلات الاجتماعية والتعليم والرياضة؟

كيف سيصبح التعامل مع المساعد الرقمي مثل سيري وأليكسا وغيرها في الميتافيرس؟

من ناحية التعليم، تخيل وضع نظارات "الواقع المعزز" وأنت في طريقك للمنزل ثم تطلب من مساعدك الرقمي عرض أسماء ما  تراه في الشارع باللغة التي تحاول تعلمها، ويساعدك في تعلم نطقها الصحيح حيث ينطقها لك ثم يطلب منك تكرارها لتصحيح نطقك.

أما عندما تمارس الرياضة، تخيل وضع نظارات الواقع المعزز أثناء لعب التنس مثلاً، ومدربك الرقمي يرشدك "كيف" و"متى" تحرك المضرب حتى تتقن ضرب الكرة.

 

وتخيل وضع سماعات الواقع الافتراضي خلال قيامك بعملك وحضور اجتماع افتراضي مع مشاركين يتحدثون لغات مختلفة بينما يقوم المساعد الافتراضي بترجمة ما يقال بشكل فوري، ومساعدتك على كتابة ملاحظات الاجتماع، وتسليط الضوء على أهم مواضيع النقاش استناداً على حدة لحظات معينة من النقاش.

وفي التعاملات الاجتماعية، على سبيل المثال، إذا كانت تريد الحوار مع شخص أصم، يمكن للمساعد الرقمي المجسم بتقنية "الهولوجرام" أن يكون مترجمك الشخصي ويترجم بين اللغة المنطوقة ولغة الإشارة.

أما في منزلك، تخيل العودة للمنزل إلى مساعدك الرقمي المجسم بتقنية "الهولوجرام" الذي يتبعك وأنت تتجول في المنزل، في انتظار أوامرك، أسئلتك، ونقاشك معه. مثلاً، يمكنك أن تطلب منه استبدال "هذا" بينما تشير بإصبعك لضوء مكسور.

 

كيف يرتبط ذلك بأعمالك؟

إن دمج الذكاء الاصطناعي في الميتافيرس لتحقيق مستوى أكثر ذكاءً في ممارسة الأعمال هو أمر لا مفر منه حيث سيطور ويغير من أسلوب عمل القطاعات والشركات المختلفة. ومن المهم أن نفهم كيف يمكن للشركات في العالم الحقيقي التنقل بين العالم الواقعي والميتافيرس وكيفية التعامل بين العالمين بشكل منظم وسلس.

لنتعرف على حالتي استخدام كمثالين وتطبيقهما من خلال الميتافيرس، ثم تعزيزهما بالذكاء الاصطناعي لرؤية كيف سيبدو الأمر.

 

في التجزئة (التسوق من البقالة)

باستخدام نظارات الواقع الافتراضي، يمكنك الذهاب لمحل البقالة المفضل لديك في الميتافيرس وعند دخولك المكان، سترى أنه تم اختيار المنتجات الموجودة على الأرفف بشكل شخصي مناسب لك- وذلك باستخدام الذكاء الاصطناعي. الأطعمة والنكهات التي تفضلها، وملابس معروضة من الماركات التي تحبها، والأكواب بالألوان والأشكال المفضلة إليك والتي تم اختيارها خصيصاً من أجلك. 

وعندما تنتهي من التسوق وأثناء دفع حساب سلة التسوق، سيتم جمع الطلبات في العالم الواقعي من عدة محلات للبقالة للحصول على الأغراض المختلفة التي طلبتها ثم توصيلها لباب منزلك.

 

الرعاية الصحية (الجراحة):

أنت طبيب على وشك إجراء عملية جراحية لمريضك، ولذلك أنت تضع نظارات الواقع الافتراضي الخاصة بك، وتبدأ في إجراء العملية للمريض في الميتافيرس الموجود أمامك، بينما المريض يتواجد جسمانياً في مدينة أخرى. وبينما تحرك أنت يديك في الميتافيرس، يقوم الروبوت في المستشفى بتقليد حركاتك لإجراء الجراحة على المريض، وفي كل مرة تقدم على إجراء معين، تظهر رسوم بيانية ومخططات لتوضيح كيف ستبدو البيانات الحيوية للمريض وصحته العامة - باستخدام الذكاء الاصطناعي.

وبرغم أن التقنيات التي تمكننا من بناء مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي هذه في الميتافيرس موجودة حالياً بالفعل، إلا أنها ما زالت مليئة بالتحديات. ونحتاج إلى التطور في العديد من مجالات الذكاء الاصطناعي مثل معالجة اللغات الطبيعية ورؤية الكومبيوتر وتعلم الآلة والتفكير المنطقي. على سبيل المثال، نحتاج لتعليم الذكاء الاصطناعي كيف يرى ويدرك العالم بعيوننا وكيف يفهم ويتكلم اللغات الكثيرة التي نتحدث بها في جميع أنحاء العالم. ويبقى أمامنا تحدي آخر وهو إيجاد طريقة لدمج هذه التقنيات بكل سلاسة في حياتنا.

وفي نهاية الأمر، يقدم الذكاء الاصطناعي رؤى وأفكار ويقترح قرارات بشكل تلقائي، مما يوفر الوقت الثمين للقيادات ويمكنهم من التركيز على الابتكار والجانب الإنساني من المؤسسة.

 

"يمكننا فقط رؤية مسافة قصيرة قدماً، ولكن يمكننا رؤية الكثير من الأشياء التي يمكننا

 تنفيذها هناك."- آلان تورينج، 1950

 

 وختاماً، لقد تصوّر آلان تورينج ولادة الذكاء الاصطناعي منذ سبعة عقود مضت. والآن، نتطلع لهؤلاء الذين سيتصوّرون مستقبل الذكاء الاصطناعي.

نحو تطوير الجيل الجديد من الذكاء الاصطناعي، نحو بناء مستقبل الذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي هو أحد قطاعات النمو ذات الأولوية في المملكة العربية السعودية. يسعى برنامج قادة 2030، كبرنامج رائد لتطوير القادة من تنظيم مؤسسة محمد بن سلمان "مسك"، لصقل مهارات القادة وتدريبهم على تبني توجهات فكرية تساهم في تحقيق رؤية 2030، بما في ذلك إعداد القادة لمستقبل يقوده الذكاء الاصطناعي.

 

أيمن الراشد

الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للذكاء الاصطناعي )سكاي)

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات