تُعد المقدرة على كسب ثقة الآخرين أحد أهم عوامل النجاح وبلوغ درجات عالية في السلم الوظيفي وبالأخص الحصول على ثقة مديرك في العمل. ويأتي "اكتساب ثقة الآخرين" من بين العوامل المشتركة التي ساعَدت الناجحين على تحقيق نجاحات استثنائية.
قد يغفل الكثير أهمية هذا الأمر بعد حصولهم على الوظيفة بسبب انشغالهم بالتركيز على كسب الخبرة قبل الثقة، مع أن الشخص لن يحرز أي تقدم وظيفي يكسبه الخبرة إلا عن طريق ثقة الآخرين في قدراته.
تختصر ثقة الآخرين بك مسافاتً طويلة وتقربك أكثر للإنجازات التي تطمح لها. وأذكر هنا إحدى أهم الفرص التي منحتني إياها ثقة مديري في بدايات مشواري المهني كانت العمل على مشروع إدخال الانترنت للمملكة. كنت وقتها ضمن فريق عمل شاب اتسم بالجدية والاعتمادية مما جعله أهلاً لثقة القيادة. وتمكن فريق العمل بالثقة الممنوحة له من تقديم عرض أمام ولي العهد آنذاك الملك عبدالله – طيب الله ثراه - يبين فوائد الانترنت ومخاطره، تبعه صدور قرار السماح بدخول الانترنت للملكة في عام 1417هـ.
تأتي الثقة أولًا وقبل كل شيء عندما يتحلى الشخص بخصال معينة تؤهله لثقة مديره في العمل، منها:
الآن وبعد التعرف على الخصال التي تؤهلك للثقة، من المهم التركيز على كسبها باتباع الخطوات التالية:
أولًا: استثمر في المعرفة
تتمثل أحد أهم أساليب تنمية المعرفة في تطوير المهارات البحثية، فمثل هذه المهارات ليست محصورة بالمرحلة الدراسية فقط، لأنك ستحتاج إليها حتمًا في مجال عملك حيث ستكسبك معرفة فريدة تميزك حتى لو كانت خبرتك أقل ممن هم حولك وستجعلك مصدرًا للمعلومات وأهلًا للثقة، مما يمكنك من إتقان مهامك بشكل أكبر.
وظّف مهارات البحث التي تعلمتها خلال دراستك الجامعية وانقلها معك إلى مكتبك واحرص على البحث عن المعلومة الصحيحة والمحدثة. وقد تساعدك قراءة العديد من المجلات المتخصصة والكتب، ومشاهدة مقاطع اليوتيوب لقادة الفكر في مجالك في توسيع معارفك.
ثانيًا: اعرف نقاط قوتك واستغلها
اطرح على نفسك بعض الأسئلة التي تساعدك على تحديد نقاط قوتك وكيف يمكنك المساهمة بشكل أكبر من خلالها مثل: في أي المهام تبرع؟ ما الأداء الذي تلقيت عليه إشادة في الماضي؟ فكر في أفضل ما لديك واستخدم إجاباتك لتوليد نقاط القوة والموارد التي يمكن أن تصبح وقودًا لبدء حياتك المهنية وتسريع نموك المهني. إن تسخير نقاط قوتك في وقت مبكر يعد وسيلة فعالة لبناء ثقة أولية خاصةً إذا كنت موظفًا جديدًا في المنشأة.
ثالًثًا: تطوع واعرض المساعدة
لا تقلل من شأن التطوع في العمل واعرض المساعدة على الآخرين سواءً كانوا مديرك أو أعضاء فريقك. قدم المساعدة بدون تردد واترك انطباعًا سريعًا كشخص جاد وجدير بالثقة، فمساعدتك لفريقك أو مديرك تحمل مدلولات ذات قيمة عالية تزيد من ثقتهم بك كموظف مبادر يفكر في تحقيق نتائج الفريق وإنجاز المهام أكثر من أي شيء آخر.
رابعًا: لا تعد بما لا تستطيع تحقيقه
في حال كنت تجد صعوبة في الالتزام بالوعد، لا تعد بما لا تستطيع إنجازه وناقش الأمر مع مديرك في أقرب وقت ممكن واطلب منه التوجيه عند الحاجة. تأتي إدارة التزامات وأعباء العمل بحكمة من بين أهم الأمور التي تجعلك أهلًا لثقة الآخرين، لذلك كن استباقيًا في تواصلك مع مديرك وأعضاء فريقك وبادر بطرح الأسئلة التي تساعدك أجوبتها على الإنجاز.
خامسًا: حسّن علاقاتك بزملائك وكوّن شبكة من المعارف
احرص على تكوين علاقات طيبة مع من حولك وبناء شبكة عميقة ومتنوعة من زملاء العمل. واكسر حاجز الخجل والانطوائية واحرص على التواصل من خلال المناسبات التي تقام في المنشأة أو خارجها. إن أحد أهم مفاتيح الحصول على ثقة الآخرين هو التواصل الفعال معهم من خلال بناء العلاقات على المستويين المهني والشخصي حيث ستفتح أمامك هذه العلاقات أبواب لتبادل الأفكار القيمة والداعمة.
أخيرًا، من المهم أن تكون الثقة أول هدف تضعه أمامك في بداية مشوارك المهني من خلال تطوير المهارات السابقة والاستفادة من الأدوات والقدرات التي تملكها كعضو جديد في فريق العمل وتذكر أن الثقة لا تُبنى من تلقاء نفسها، ولن يراك زملاؤك في العمل على أنك جدير بالثقة حتى تثبت بالفعل أنك أهلٌ لها.