القيادة بين المفارقة والاستقطاب: رؤية جديدة لتحديات الأعمال

أصبحت هناك حاجة ملحة للإدارة الفعالة والناجحة في أن تتعلم كيفية إدارة الأقطاب
في أي مؤسسة أو شركة هناك خلافات واختلافات، ودور القائد في إدارة هذا النوع من التحديات وتحقيق التوازن بين هذه الأضداد دون خسارة أحدهما هو مايسمى بالاستقطاب.

في كل مشروع مهما صغر أو كبر حجمه وفي كافة مجالات العمل باختلاف توجهاتها وأهدافها، أهم عنصر والركيزة الأساسية للنجاح هي طريقة إدارته. كيف يدير القادة العمل؟ كيف يستفيدون من الاختلاف ويوفقون بين الأضداد؟ وهل لدى القائد القدرة على إدارة التناقضات؟ 

من الطبيعي أن تشاهد وجهات نظر متعددة في مكان العمل لأن كل فرد لديه عقلياته وقيمه الخاصة. ومع ذلك، فإن القائد القوي لن يعرف فقط كيفية موازنة وجهات النظر المختلفة  ولكن أيضًا يستخدمها لصالح المنظمة. من خلال تبني القطبية في مكان العمل، سيكون القائد قادرًا على تحدي الفريق للتفكير خارج إطار عقليته الحالية، وعند استخدامها بشكل استراتيجي يمكن لهذه التحديات الإبداعية أن تعزز الابتكار والتعاطف وتحفيز مشاركة أكبر للفريق.

يمكن أن تعزى الاختلافات والصراعات في المنظمات إلى العديد من المصادر. على سبيل المثال، قد يكون بعض الموظفين من جيل أكبر يتجنب المخاطر مما قد يتعارض مع الجيل الأصغر الذي من المرجح أن يتبنى التغيير. وهنا يأتي دور القائد في إدارة هذه الأنواع من التحديات وتحقيق التوازن بين هذه الأضداد دون خسارة أي منهما، وهو المقصود بالاستقطاب.

ما المقصود بالاستقطاب؟

بالمعنى الحرفي للكلمة الاستقطاب في اللغة العربية يعني: حَالَة وجود قطبين متضادين كَمَا فِي المغناطيس (شمَالي وجنوبي) والكهرباء (سالب وَمُوجب).  

أما عن الاستقطاب في المجال الإداري فهو القدرة على التوفيق بين أمرين مختلفين، من الصعب أن يجتمعا في وقت واحد ومن المستحيل التخلي عن أحدهما بالآن ذاته، باختصار هو القدرة على تحقيق التوازن.

وفقا لـ لاري كلارك، مدير هارفارد بزنس للنشر، الاستقطاب هو حالة تجذب فيها القوى المتعارضة داخل النظام بعضها البعض للحفاظ على توازن الأشياء. ولكن، مثل الشهيق والزفير، كل "قطب" لا يمكن أن يوجد دون الآخر. الاختلافات موجودة في كل مكان، لأننا نعيش في عالم معقد. في الأعمال التجارية، هناك المركزية مقابل اللامركزية، أو النمو مقابل زيادة الأرباح، وهناك أمثلة شائعة على الاستقطاب في الحياة اليومية، مثل التوازن بين العمل والحياة، أو التفكير الليبرالي مقابل المحافظ. هناك توتر طبيعي موجود بين الاثنين وسيظل دائمًا موجودًا - إنها إحدى سمات أي نظام.

لكن السؤال هو: كيف يوظف القادة الاختلافات والتناقضات لتعمل لصالح العمل وتخدم أهداف المؤسسة؟

بداية في التسعينات، أظهرت الدراسات التنظيمية اهتمامًا بالمفارقة كنظرية. و بناءاً على هذه النظرية تنقسم المفارقات في المنظمات إلى ثلاثة أنواع:

1) مفارقة التعلم التي تتمثل بالتناقض بين التمسك بالمعرفة القديمة مقابل بناء الجديد. 

2) المفارقة بين الذات مقابل الآخر.  

3) المفارقة بين الإبداع مقابل الكفاءة. 

وبناءً على هذا الوعي، أصبحت هناك حاجة ملحة للإدارة الفعالة والناجحة في أن تتعلم كيفية إدارة الأقطاب لما ينتج عن ذلك من زيادة في الإنتاجية وتحفيز للموظفين وخلق بيئة عمل يسودها التفاهم. إدارة الاختلاف والتفكير من منظور الاستقطاب هو تحول حاسم يحتاج القادة إلى إجرائه للتغلب على التعقيد، وهو عنصر مهم في أي استراتيجية لتطوير القيادة.  

كيف يساعد الاستقطاب على تجنب الخلافات وتحقيق النتائج؟

١) اكتساب ميزة تنافسية. يجب أن يفهم القادة أن الأشخاص الذين هم متضادين لديهم ثروة من المعرفة والخبرات والمهارات التي تميزهم عن بعضهم البعض. بمساعدة التفكير المتباين، ستتمكن الفرق ذات الخلفيات المتنوعة من إنشاء منتجات وخدمات وتجارب مبتكرة تُمكنهم الوصول إلى مجموعة واسعة من الأشخاص.

٢) تعاون أفضل ما بين الفريق. إن تعزيز بيئة شاملة وداعمة أمر ضروري لإنتاجية أي عضو في الفريق. من خلال بدء الحوار ومعرفة المزيد عن ومن بعضهم البعض، سيكون القائد قادرًا على تشجيع التواصل والمشاركة داخل المنظمة.

٣) تقديم نتائج مؤثرة. من المؤكد أن يؤدي إنشاء فريق مبتكر ومتحمس إلى تحقيق النتائج، سواء من خلال الأرباح المالية  أو ارتفاع المستويات المعنوية في الفريق. يمكن أن تكون الاختلافات في الفريق نقطة انطلاق لمنظمة قوية.

نحن نعيش في أنظمة، و أي نظام يحتوي على أقطاب بالفطرة، بل أن وجودها شرط من شروط اتزان النظام و استمرارية وجوده. إذا، فدور رواد أعمال هو القيادة الواعية لهذه الأقطاب. في المرة القادمة التي تشعر بتوتر بين أطراف مؤسستك، تذكر أن هذا أمر طبيعي جداً، و أن التناقض هو مصدر من مصادر الإبداع، والاختلافات تولد الاتفاق، والأضداد تتجاذب، و كل شيء في الحياة يكمل الاخر.

إضاءات ذات صلة

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات