بناء القادة لدفع التنمية

يناقش المقال أهمية بناء القادة لتحقيق التنمية المستدامة، مع التركيز على صفات القائد الناجح مثل المرونة، والذكاء العاطفي، والشجاعة في الاعتراف بالأخطاء. يُبرز أهمية خلق بيئة عمل داعمة تشجع على الإبداع والابتكار، وكيفية تحقيق التوازن بين الأولويات الشخصية والمهنية. كما يشدد على أهمية التعلم المستمر والتفويض لبناء فرق قوية وموهوبة.
 
 

في عالم يتسارع فيه التغيير والتطور، تصبح القيم والمبادئ التي يُبنى عليها القائد الملهم العامل الرئيسي في دفع التنمية والابتكار داخل المؤسسات والمجتمعات. وشارك الأستاذ عبدالله البدر ، المدير التنفيذي لشركة المراعي، تجربته في جلسة حوارية ضمن فعاليات منتدى مسك العالمي، ذكر خلالها مسيرته المهنية والتي بدأت من مقر الشركة في مدينة الخرج، قائلاً: "عام 2000، كان العمل في القطاع الخاص ليس الأميز أو القطاع الأكثر جذبًا، وكان يقال لي بالعامية “مسكين يشتغل بشركة! "

 هذه الكلمات تعكس التحديات التي مر بها الكثيرون في سعيهم لتحقيق الذات والمساهمة في التنمية. ومع ذلك، من خلال اكتساب الخبرات وفهم أولويات الموظفين، يمكن بناء قادة يسهمون في تقدم هذا القطاع بشكل مؤثر. استعرض "البدر" بعض الأولويات التي ينبغي أخذها في الاعتبار عند اختيار الوظيفة، فهي عوامل أساسية لا تساهم فقط في تطوير مسيرتك المهنية، بل تعزز أيضًا مهاراتك القيادية.

  1. فرص التعلم والتطوير: إذا كنت حديث التخرج، يجب أن يكون هدفك الأساسي هو الحصول على فرصة لاكتساب معارف جديدة وتطوير مهاراتك القيادية. فالقائد الناجح لا يتوقف عن التعلم، واختيار وظيفة تمنحك فرصًا مستمرة للتطوير يعزز من قدرتك على اتخاذ قرارات حكيمة ويزيد من تأثيرك في فريقك.
  1. ثقافة الشركة: القيم والثقافة التي تحتضنها الشركة تلعب دورًا مهمًا في تشكيل قائد المستقبل. تأكد من أن ثقافة الشركة تتوافق مع قيمك الشخصية وطموحاتك المهنية، حيث أن القائد الذي ينمو في بيئة تشجع التعاون والابتكار يكون أكثر قدرة على تحفيز الآخرين وقيادتهم نحو التميز.
  2. الراتب محفز وليس الأساس: بالرغم من أن الراتب عامل مهم، إلا أن القائد الواعي يعرف أن المكافآت المادية ليست العامل الوحيد الذي يضمن النجاح. القيم، والفرص القيادية، والنمو الشخصي هي التي تضمن لك تأثيرًا طويل الأمد داخل الشركة.
  3. الأمان الوظيفي: الاستقرار الوظيفي هو عنصر أساسي في بناء القيادة. القائد الذي يشعر بالأمان في وظيفته سيكون أكثر قدرة على اتخاذ المبادرات وتنفيذ استراتيجيات ناجحة على المدى الطويل.
  4. المسار المهني والتطوير المستمر: تأكد من أن الوظيفة التي تختارها تقدم لك فرصًا للنمو المهني بشكل مستمر. القائد الذي يملك رؤية واضحة لمسار تطوره المهني يمكنه إلهام فريقه وتحفيزه لتحقيق أهداف مشتركة.

وأضاف "البدر" بأن من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها القادة هي الأصالة والشجاعة في الاعتراف بالأخطاء، لأن ذلك يُعزز من الثقة المتبادلة بينه وبين فريقه فالقائد الناجح ليس فقط من يحدد اتجاه العمل، بل هو من يخلق بيئة تسمح للفريق بالازدهار من خلال مجموعة من الممارسات منها:

المرونة والقدرة على التكيف

في عالمنا اليوم، تُعد المرونة والتكيف مع التحديات أمرًا بالغ الأهمية لاستدامة الأعمال. وينبغي على القائد أن يُركّز على أهمية التنويع في اتخاذ القرارات، وهو ما يُتيح له تلبية احتياجات فريقه وتنفيذ استراتيجيات مرنة تتماشى مع التغيرات السريعة.

الذكاء العاطفي: مفتاح النجاح

القائد الذي يُظهر الذكاء العاطفي في تفاعلاته هو من يستطيع التأثير بشكل حقيقي على من حوله. فليس كافيًا أن تكون ذكيًا فحسب، بل يجب أن تتقن فن الاستماع، والتفاعل العاطفي، والتواصل عبر التفاصيل البسيطة مثل الابتسامة أو إلقاء التحية.

التفويض وبناء الكفاءات

يعتبر التفويض أحد الأساسيات التي يجب على القائد أن يتقنها. عندما يتحمل القائد جميع المسؤوليات وحده، فإنه لا يمنح أعضاء الفريق الفرصة لتطوير مهاراتهم. التفويض يعزز من قدرة الفريق على العمل بشكل مستقل ويُعزز من الثقة المتبادلة بين القائد ومرؤوسيه. وهذا ما أكد عليه الأستاذ عبدالله البدر " المبدأ البسيط يقول: أي عمل يستطيع أحد آخر عمله المفروض أنت ماتسويه !"

التعلم المستمر: حجر الزاوية

لا يوجد قائد كامل، وكل قائد يجب أن يكون في حالة دائمة من التعلم. الفهم العميق للواقع المهني يتطلب أن يتحلى القائد بروح الاستكشاف المستمر. حيث أشار البدر في حديثه: "إذا كنت تعتقد أنك انتهيت من التعلم، فأنت لا تعرف شيئًا بعد. فأبواب المعرفة ليست معلومات فقط، بل أحيانًا تبحث عن الحكمة والصواب. ذهنك مثل الوعاء، إذا ملأته بشيء مفيد مع الوقت ستلاحظ أن مهاراتك وسلوكياتك أصبحت أكثر تهذيبًا."

ولخص الأستاذ عبدالله البدر ثلاثة اعتبارات رئيسية ينبغي أن يضعها الموظف في باله عند اختيار عمله، سواء كان موظفًا أو صاحب عمل، إذ أن هناك عوامل داخلية قد لا يكون مدركًا لها لكنها تؤثر على قراره منها وجود مساحة الإبداع والابتكار، وضوح المسؤوليات، رؤية الأثر والتأثير. بناء القادة هو أمر أساسي لتحقيق التنمية المستدامة في أي منظمة أو مجتمع. من خلال تعزيز ثقافة التكيف، الذكاء العاطفي، والتفويض، مع التركيز على الإبداع والابتكار، يستطيع القائد أن يحدث فرقًا حقيقيًا. حيث اختتم البدر حديثه بقولة: "أن من يُريد أن يكون مختلفًا يجب أن يفعل شيئًا مختلفًا".

 

مسك تحديثات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات