القرارات: لحظات بين خلايا المخ

نستعرض في هذا المقال كيف تُصنع القرارات داخل العقل البشري، وكيف تؤثر العواطف والبيئة والظروف المحيطة على دقة ومنطقية القرار. كما سنتعرّف على نماذج علمية وأطر عمل يستخدمها القادة لاتخاذ قرارات مدروسة، خاصة في أوقات الأزمات والضغوط العالية.
 
 

القرار هو عبارة عن مجموعة من الخطوات يتخللها جمع البيانات، وتحليلها، وفرزها، وترتيبها، ومقارنة الاحتمالات؛ للخروج بنتيجة منطقية يظن الشخص أنها الأفضل عقلانيًا.
ولطالما تحدثنا عن مخ الإنسان، الذي من الطبيعي أن يتأثر بالحوادث السابقة، والعوامل العاطفية، والأشخاص في البيئة المحيطة، إضافة إلى الوقت والأحداث الجارية؛ لذلك نجد أن هناك العديد من المؤثرات التي قد تُخضع قراراتنا للتحيّز لجانب ما، مما يؤثر على منطقية القرار.

في عام 1979م، قام العالم دانيال كانمان بابتكار نظرية الاحتمالات، والتي يرى فيها أن القرار في مخ الإنسان يمر بمرحلتين:

  • مرحلة تأطير المعلومات وتحليلها،
  • مرحلة نقد هذه المعلومات، ثم اختيار أقرب الخيارات الملائمة للحدث.

خلال هاتين المرحلتين، يمر متخذ القرار بسبع خطوات للوصول إلى القرار المناسب.

ورغم وضوح الخطوات التي شرحها كانمان، فإن الظروف المحيطة أثناء اتخاذ القرار وتحليل المعلومات تظل أمرًا هامًا جدًا لقادة منظومات العمل. فاتخاذ القرار وقت الرخاء قد يختلف كليًا عن اتخاذه في أوقات الأزمات، حيث يكون الوقت حاسمًا، وقد تكون المعلومات المتوفرة غير مكتملة، أو مغلوطة، أو حُللت بشكل لا يتناسب مع الاحتمالات والفرضيات المستقبلية.
لذلك، يُعد وجود مستشارين متمرسين في تخصصات مختلفة أمرًا بالغ الأهمية للوصول إلى نقطة التقاء تجعل القرار أكثر منطقية.

قد يجد البعض أن اتخاذ القرار صدر من "عقله" بشكل مباشر وسهل، ولكن لحظة!
القرارات "المباشرة" تخطّت بعض الخطوات، لأن القرار اُتخذ بمقارنة مع سياق سابق.
لكن لو نظرنا إلى العقل البشري، لوجدنا أن القرار – مهما كانت سهولته – قد مر بعدد من الخطوات، منها:

  1. تعريف الحدث.
  2. جمع المعلومات.
  3. معرفة البدائل والتبعات.
  4. تقييم الدلائل.
  5. اختيار البدائل.
  6. اتخاذ خط القرار.
  7. مراجعة القرار.

وقد طُوّر إطار عمل يساعد على تحسين طريقة سير العمل، وبالتالي على اتخاذ القرار.
هذا الإطار يُعرف بـ S3، وترمز الحروف إلى:

Speed, Scope, & Significance.

وهو إطار ثلاثي الأبعاد على شكل مكعب، يوضح للقائد أهمية سرعة المتغيرات التي تطرأ في العمل، وتأثيرها على نطاقه وأهميته.

وأثناء الحديث عن هذا الإطار، نجد أن العديد من القادة يشيرون إلى أهمية التفويض للتفرغ لما هو أكثر أهمية وأولوية.
لكن يظل السؤال الأهم:
هل قام القائد بتفويض الشخص المناسب، مع الأدوات الملائمة؟
أم أنه تفويض للإجراءات وليس للقرار ذاته؟

وهكذا، قد ينشغل القائد بقرارات الأعمال الروتينية، ويتأخر عن مجاراة المتغيرات السريعة في منظومة العمل. وسرعان ما يجد نفسه – بعد مدة – واقعًا في إحدى مصائد الإدارة، وهي الإدارة التفصيلية.

كما طُوّر إطار آخر لاتخاذ القرار بُني على أربعة محاور:

  1. المعرفة
  2. عدم المعرفة
  3. الخوف
  4. التوتر

فعندما يقع القائد بين عدم المعرفة والتوتر، تتكوّن حالة من الشلل الكامل في اتخاذ القرار. وهنا تكمن قوة القائد المتعلم باستمرار، والمطّلع على ما يدور من حوله، والمتواصل مع شركاء منظومة العمل.

أما إذا وُجد القائد في منطقة "التوتر مع المعرفة"، فإن القرار لن يكون سهلًا أيضًا، لأنه – كما يُقال – "كلما زادت المعرفة، زادت القناعة بقلة المعرفة". –  لذلك، فالقائد المحاط بمستشارين متميزين غالبًا ما ينجو من هذه المصائد، ويصل إلى القرار المناسب.

ختامًا، عقل الإنسان يتأثر بالأحداث والعاطفة والوقت والأشخاص والبيئة المحيطة، وهذا أمر طبيعي. لكن قد تؤدي هذه العوامل إلى انحراف القرارات عن مسارها الصحيح.
فالتعلم والإلمام بعدة جوانب في الإدارة ومجالاتها، تجعل من القائد منصفًا في قراراته، ويتحكم بزمام الأمور بشكل عقلاني، بالإضافة إلى ذلك دور المستشارين ذوي الكفاءة العالية والقدرات التكاملية في مراجعة القرارات، خصوصًا المؤثرة على منظومة العمل، للإبحار نحو المستقبل بأمان.

مسك تحديثات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات