ما هو الاعتزاز بالوهم؟
الاعتزاز بالوهم هي حالة يعيش فيها الشخص في عالم وهمي في ذهنه أو يُظهر صورة مبالغة أو غير واقعية عن ذاته. على سبيل مثال عندما يسجل طالب جديد في "كلية علوم الطيران" ويبدأ الأقارب والأصدقاء بمناداته بـ "الطيار" هنا ممكن أن يعيش هذا الشخص حالة من الاعتزاز بالوهم بأنه فعلا "طيار" وهو في الحقيقة لا يزال يدرس في السنة الأولى في الكلية ولا يعرف حتى أساسيات الطيران. ويمكن أن يؤثر هذا على الشخص بشكل سلبي دون وعي أو حتى إدراك فهو في هذه الحالة حصل على قيمة اجتماعية أعلى من قيمته الحالية فإذا كان سبب الدراسة أن يُقال عنه في محيطه الاجتماعي بأنه "طيار" فهو قد حصل على هذا اللقب بالفعل، ولن يكون هناك سبب أو دافع قوي للاستمرار في الاجتهاد والدراسة والحصول على نتائج ممتازة. ويمكن أن يحدث هذا الوهم بأشكال وأنواع مختلفة وفي هذه الإضاءة سنتطرق أكثر على هذه الحالة الشعورية وكيف يمكن أن نتخلص منها وأن نحقق الاتزان في نجاحاتنا.
تحدّث الإعلامي ومقدم البرامج الأستاذ محمد الموسى في أحد الفعاليات عن "متلازمة الاعتزاز بالوهم" ومدى خطورة هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر مؤخرًا مع كثرة قنوات التواصل الاجتماعي ومحاولة المجتمع في إبراز أعمالهم الشخصية وتضخيم الإنجازات الصغيرة إلى نجاحات عملاقة وتطرق إلى الإشارات التي يمكن أن تُبين إذا كنت مُصاب بمتلازمة الاعتزاز بالوهم وهُنا بعضًا منها.
هوس الألقاب
وهي حالة نفسية تتمثل في الاهتمام المفرط أو الانشغال الشديد بالحصول على المسميات الاجتماعية أو استخدام الألقاب الرفيعة أو للتعبير عن الهوية الشخصية أو تحسين الصورة الذاتية في محيط الشخص الاجتماعي ويمكن أن يشمل هذا الهوس السعي المستمر للحصول على الألقاب بغض النظر عن قيمتها الحقيقية، سواء كانت ألقاب أكاديمية، اجتماعية، مهنية، أو غيرها مثل "الدكتور، المهندس، الطيار، وغيرها". استخدام الألقاب أمر محمود بشكل عام فهو يضع الشخص بالمرتبة الاجتماعية التي يستحقها، ولكن عندما يكون الحصول على هذه الألقاب هوس وهاجس هنا يمكن أن تكون هذه إشارة لمتلازمة الاعتزاز بالوهم حيث أن الشخص في هذه الحالة لا يهمه كيف حصل على هذا اللقب ولكن ما يهمه فعلًا هو أن المجتمع يطلق عليه هذه الكنية.
المبالغة
وهذه تعني الاستخدام المفرط أو التضخيم في وصف شيء ما أو تكبير حجمه أو القيمة الحقيقية له، بغية تحقيق تأثير معين أو جذب انتباه الآخرين، يمكن أن تكون المبالغة طريقة للتعبير أو الإشارة إلى أهمية أو فخر أو تقدير أو حتى للدعابة. ويمكن للمبالغة أن تكون أحد الإشارات التي تدل على أن الشخص مصاب بـ "متلازمة الاعتزاز بالوهم" فالشخص المصاب عادة لا يفضل أن يكتب أو يتكلم عن الإنجازات كما هي ولكن يحب أن يضيف كثير من التشويق والمبالغة وسرد القصص الغير حقيقة في تحقيق الإنجاز حتى يكسب انتباه الآخرين ويكون هو الأول والأفضل وصاحب الإنجازات الأعلى في محيطه الاجتماعي وحتى في المنطقة.
التقليل من الآخرين
التقليل من الآخرين سلوك أو نمط يتمثل في تقديم الآخرين بشكل سلبي أو تقليل قيمتهم أو أهميتهم بطرق مختلفة، وهذه تعتبر أحد الإشارات التي يمكن أن يتميز بها الأشخاص المصابين بـ "متلازمة الاعتزاز بالوهم" حيث أنهم يعتقدون بأن لا يمكن لأحد أن يكون أفضل منهم أو حتى أن يتفوق عليهم، كذلك هم لا يفضلون الإشادة بالآخرين أو الثناء عليهم، و يمكن أن يظهر هذا التصرف في الكلام أو الأحاديث الجانبية، في التصرفات والسلوكيات، أو حتى في التفكير الداخلي بينه وبين نفسه يشعر بهذا النوع من الغيرة والحسد.
كيف نحتفل بإنجازاتنا بطريقة صحيّة؟
احتفل بإنجازاتك بطريقة هادئة ومتواضعة، لا تحتاج إلى البهرجة الإعلامية أو حتى إعلانات ضخمة تروج فيها لإنجازك الشخصي، اعتبر هذا الاحتفال جزءًا من الرحلة الشخصية واستمتع به بداخلك، وكن فخورًا بنفسك على تحقيق هذا النجاح وشاركه مع من هم حولك وعبّر عن مشاعرك وتجربتك بطريقة سلسلة وبسيطة وكن على يقين أن النجاح لا يتوقف عند هذا الحد فهناك دائمًا مساحة للتطوير والتحسين والنمو.
النجاح رحلة طويلة ولا تنتهي بمجرد حصولنا على إنجازات بسيطة، كونها رحلة ليست وجهة فأنت بحاجة دائمة إلى أشخاص داعمين من حولك، أشخاص يمكنك أن تستشيرهم وتسألهم، أشخاص قادرين على إبداء وجهة نظرهم دون خوف أو تردد لأنهم يريدون فعلًا أن يروك بأفضل المناصب وأعلى المراتب الاجتماعية، فهؤلاء الأشخاص لهم فضل ويمكن أن تذكر فضلهم عليك في كل مرة تحقق إنجاز. تشكر كل من ساعدك ووقف بجانبك وكل شخص أشار بكلمة أو جملة حققت تأثير على مسارك المهني أو حتى حياتك الشخصية. فلا تنسَ الداعمين.
تتضاعف الفرحة والسعادة عندما نشارك إنجازاتنا مع من نحب ويهتم لأمرنا فعلاً، فيمكن أن تشارك إنجازاتك أيضا مع من حولك وتخبرهم عن تجربتك وكيف تمكنت من تحقيق هذا الإنجاز مع عدم نسيان للنقطة الأولى وهي التواضع وإدراك أن هذا الإنجاز ليس إلا مرحلة من رحلة وأن الثناء والمديح الذي نستقبله من حولنا ليس إلا مديح لحظي وأن علينا أن نستمر في السعي والمُثابرة وأن نجدد طموحاتنا وأحلامنا لنحقق المزيد حتى نصل إلى الحياة التي نريدها.
في الختام، حاول أن تجد هذا التوزان بين الامتنان والفخر بنجاحاتك الحقيقية دون الوقوع في تلك الأوهام التي يمكن أن توقف سلسلة تفوقك بـ "إنجازات وهمية" وحاول أن تعامل نجاحاتك على أنها فرصة للتحسين والتطوير لتساعدك على السعي خلف المزيد.