كيف تُسهم الجهات غير الربحية في مواجهة التحديات عالميًا
تُعرَّف الجهات غير الربحية بأنها أي جهة تهدف لدعم الأنشطة العامة أو الخاصة بغرض الإصلاح دون التفكير بالمصالح التجارية، وقد يختلف حجم الجهة وعدد العاملين فيها حسب مجالها، ولكن يبقى الهدف من إنشائها واحدًا، وهو مد يد العون للآخرين ومساعدتهم. وإن الجمعيات الخيرية وجمعيات حماية البيئة بعض أمثلة الجهات غير الربحية، حيث يتم توزيع أو توظيف التبرعات والموارد التي تستقبلها هذه الجهات على المُحتاجين، سواءً كانت لإطعام مُحتاج أو لحماية جهة معنية أو للعناية بالمُجتمع بشكلٍ عام. كما تُسهم هذه الجهات أيضًا بمساعدة المتضررين من الكوارث ومن يواجهون غير ذلك من التحديات حول العالم، كالمتضررين من الحروب أو الكوارث الطبيعية على سبيل المثال.
سنستعرض في هذا المقال أهمية الجهات غير الربحية وقدرتها على مواجهة الكوارث والتحدّيات حول العالم، سواءً بيئية أو صحية وغيرها، بالإضافة إلى عرض أبرز المعلومات عن الجمعيات المحلية والعالمية في الوقت الحاضر.
أهمية الجهات غير الربحية:
تُعتبر مبادرات الجهات غير الربحية ضمن أحد الطُرق لتحسين الأحوال المعيشية حول العالم، ويشمل ذلك العديد من القطاعات كالقطاع الأكاديمي والصحي وغيرها، وتنعكس منافع هذه الجهات على من يعمل بها أيضًا، فهي فرصة للتعلُّم والتنمية على الصعيد الشخصي والعَملي والعمل فيها ولو لفترة بسيطة يعزّز من مهارات الفرد ومعلوماته العامة والمُتخصصة، إضافة إلى تطوير مبدأ التعاطف مع الأشخاص من حوله.
أبرز الجهات غير الربحية المحلّية والعالميّة :
تأسست جمعية إنسان الخيرية لرعاية الأيتام في عام ١٤٢٠هـ بهدف توفير العناية والدعم اللازم للأيتام، بالإضافة إلى تأهيلهم للعمل بكافّة القطاعات في المملكة. وتقدّم الجمعية مشاريع موسمية كجمع التبرعات لزكاة الفطر وهدايا العيد، والمشاريع الدائمة لجمع التبرعات وتوزيع السِّلال الغذائية، و توفير الرعاية السكنية. ولهذه التبرُّعات الدور الكبير في نمو جميع أفراد المجتمع، فهي تحُث على الأخلاق الحميدة وتعزيز الروح المجتمعيّة.
بدأت جمعية البر أعمالها الخيرية عام ١٩٧٩م ، حيث ساهمت بمساعدة أكثر من ٨٠ ألف أُسرة، بالإضافة إلى تنفيذ أكثر من ٣٠ ألف مشروع خيري خلال الفترة الزمنية من عام ٢٠١٠م إلى عام ٢٠١٤م وفقًا لأحد أبحاث شركة "فوربس" الأمريكية للنشر ووسائل الإعلام. وتستمر جهود الجمعية ليومنا هذا؛ فهي قائمة على العديد من المشاريع كبناء المساجد وتجهيزها في دولٍ عدّة مثل غينيا وفلسطين وكينيا والسنغال وسوريا والهند غيرها. ممّا يُسهم في منح المسلمين في جميع أنحاء العالم مساجد مريحة للجلسات التعليمية وقراءة القرآن وممارسة الشعائر الدينية بكلّ أمان وخشوع.
أُطلِقت هذه المؤسسة عام ٢٠٠٠م ، وتُعتبر إحدى أكبر المؤسسات غير الربحية في العالم بأصول تبلغ ٦٤.٨ بليون دولار. وترجع تسمية المؤسسة لـ"بيل جيتس" وزوجته "ميليندا جيتس"، وتقوم بالتبرُّع بحوالي مليار دولار سنويًا لمكافحة الفقر والأمراض ودعم المساواة في جميع أنحاء العالم. كما تم وصول المشاريع الخيرية للمؤسسة للعديد من الدول والبُلدان حول العالم، حيث قدَّمت مساعداتها الإغاثية بالهند والشرق الأوسط وأوروبا والصين. ويؤثر هذا التصرف بشكل كبير على أخلاقيات المجتمع والتكاتف فيما بينهم لتقديم ظروف معيشية أفضل لغيرهم رغم اختلافاتهم.
من الجدير بالذكر بأنّ جهود الجهات غير الربحية لا تقتصر على أعمال المساعدة البيئية أو الغذائية وحسب، فالعديد من المشاريع غير الربحية عالميًا تُركّز على الأمور غير الملموسة. فالذي يقوم به التحالف الوطني لاضطرابات الصحة العقلية في الولايات المتحدة بالتوعية في مجال الصحة النفسية هو أحد الأمثلة على ذلك، فهو يقوم بدعم من يعانون من الاضطرابات النفسية عبر تحسين حياتهم من خلال نشر التوعية العامة وتسليط الضوء على الاضطرابات النفسية، إضافةً إلى توفير خط هاتفي لتقديم المساعدات وحثّ الآخرين على التعاون لإحداث تغييرات أفضل فيما حولهم.
معالجة الأزمة:
قال الدكتور "تشارلز أوروبا"، قائد الفريق التنفيذي للعمل ضد الجوع في الولايات المتحدة الأمريكية حول توفير القيادة والتوجيه الاستراتيجي: "تمتلك المنظمات غير الربحية القدرة على مواجهة التحديات الثلاث الأولى في العالم: جائحة كورونا، وتغيّر المناخ، والنزاعات". كما قال: "لمواجهة تحد مثل جائحة كورونا فإنه على المنظمات غير الحكومية أن تكون على أتم الاستعداد للتكيّف والتحرّك بشكل سريع."
كما صرّح الدكتور "أوروبا" فيما يتعلّق بتغيُّر المناخ والنقص في كمّيات الغذاء بأنّه "يجب على المنظمات غير الربحية القيام باستراتيجيات لتعزيز حلول غذائية أكثر استدامة. وأن يُدرك قادة هذه المنظمات أن المناخ والجوع لا بد من أن يكونا جزءًا مهمًا من استراتيجية برنامجهم بغض النظر عن مجال المؤسسة."
وأكَّد "أوروبا" على تعاون قادة الجمعيات غير الربحية مع الشركات والحكومات وأن "العمل والتعاون معهم ضروري جدًا لدعم المعايير الدُولية لوصول المساعدات الإنسانية حيث يمكن للمنظمات غير الحكومية أن تتحد مع بعضها للعمل الجماعي، واستخدام التكنولوجيا لإنشاء حلول جديدة وذكية، واستخدام بيانات مفتوحة للتنبؤ بالأزمات وخدمة المجتمع بشكل أفضل".
ما الذي يُمكنني فعله كقائدٍ لمؤسسة غير ربحية؟
إن معالجة الأزمات تبدأ بالاستماع إلى الموظفين والأشخاص الذين تقوم بخدمتهم أولًا، ومن ثمَّ إيجاد الشركاء والجماهير، حيث يمكن لأصحاب المصلحة تقديم وجهات نظرٍ مدركة حول ما يتطلَّبه الوضع الحالي بما يُتيح لأصحاب المنظمات غير الربحية من مساعدتهم على تحقيق أهدافهم. فالمنظمات غير الربحية تعتبر عمودًا أساسيًا لتطوير المجتمعات اليوم، ويُمكنك الاستفادة من برنامج "مسك" الذي يستهدف أصحاب هذه المنظمات.
يهدف برنامج مسرعة المنظمات الشبابية غير الربحية إلى دعم المنظمات غير الربحية الناضجة التي تركّز على الشباب، لتسريع نموّها وقابليتها من أجل التوسع لتحقيق أثرٍ اجتماعي أكبر. وذلك ضمن رحلة تتضمن معسكرات تدريب وجهًا لوجه، وجلسات إرشادية وموارد تعليمية عبر الإنترنت لرفع القدرات التنظيمية للمنظمات، وتمتد هذه الرحلة لخمسة أشهر.
حاضنة المنظمات غير الربحية للشباب هو برنامج مدته ١٥ أسبوعًا يهدف إلى دعم إطلاق المبادرات والجمعيات غير الربحية التي تركّز على الشباب، ونموها، وتوسيعها.
وأخيرًا فإن الهدف من وجود الجمعيات غير الربحية هو مساعدة الآخرين أينما كانوا. ولطالما كان العمل الخيري وغير الربحي جزءًا لا يتجزأ من ثقافتنا ومجتمعنا، ولكن مع التغيرات والتحديات التي تواجه عالمنا بشكلٍ مستمر فإنه يتوجَّب علينا استحداث طرق وسبل جديدة لتقديم المساعدات للغير ونشر ثقافة الخير في المُجتمعات.