تخيل لو عٌدت بالزمن إلى الوراء، إلى زمن كان يسكن فيه أسلافنا الكهوف حيث اجتمعوا حول نار دافئة و لم يكن لديهم أدوات متطورة أو تقنيات حديثة، لكنهم امتلكوا شيئًا هامًا: الإبداع.
لقد استخدموا إبداعهم لابتكار أدوات ساعدتهم على البقاء قيد الحياة، وابتكروا طرقًا للتواصل والتعبير عن أنفسهم، وللعيش معًا كمجتمع.
الابتكار هو سمة أساسية للإنسان، وهو ما يميزنا عن باقي الكائنات الحية. لقد دفعنا الابتكار عبر القرون إلى اكتشاف النار، وتطوير العجلة، واختراع الكتابة، وبناء حضارات عظيمة.
ويُعرّف الابتكار بشكل عام بأنه عملية تطوير أفكار جديدة وحلول مبتكرة لمواجهة التحديات وتحقيق نتائج أفضل. ويرتبط الابتكار عادةً بالمجالات العلمية والتكنولوجية، لكنّه يشمل أيضاً مجالات أخرى مثل الفنون والتصميم والأعمال والسياسات الاجتماعية.
الابتكار الاجتماعي هو تطبيق أفكار وحلول جديدة لمعالجة التحديات الاجتماعية وتحسين حياة الناس. إنه نوع من الابتكار الذي يركز على الإنسان واحتياجاته وتحدياته.
إذًا ما الفرق بين الابتكار الاجتماعي والابتكار العادي؟
ومع هذا فإن الابتكار الاجتماعي ليس مجرد أداة لحل المشكلات، بل هو فلسفة تؤمن بإمكانية خلق عالم أفضل للجميع وبناء مستقبل أكثر عدلاً واستدامة.
لماذا يعد الابتكار الاجتماعي مهمًا؟
كيف نصبح مبتكرين اجتماعيين وصانعي تغيير؟
منذ فجر الحضارة، برز الإنسان بقدرته الفريدة على الإبداع والابتكار. فمنذ اختراع العجلة، مروراً باكتشاف النار، وصولًا إلى ثورة التكنولوجيا، رسم المبتكرون خريطة الحضارة الإنسانية، تاركين بصماتهم على كل جانب من جوانب حياتنا.
ولكن من هم المبتكرون؟ هل هم عباقرة استثنائيون يمتلكون قدرات خارقة؟ أم أنهم أشخاص عاديون يتمتعون بفضول وإصرار؟
يجيبنا الكاتب والمحاضر الأمريكي ستيفن كوفي في كتابه "العادات السبع للناس الأكثر فعالية" قائلاً: "المبتكرون هم أشخاص يمتلكون القدرة على رؤية ما هو غير موجود، وتخيل ما يمكن أن يكون، ثم تحويل هذا الخيال إلى واقع."
ويؤكد الكاتب الأمريكي إدوارد دي بونو في كتابه "قبعات التفكير الست" على أن: "الابتكار ليس حكرًا على قلة محدودة من الناس، بل هو مهارة يمكن تعلمها وتطويرها من خلال الممارسة والتفكير الإبداعي."
ويضيف الكاتب الأمريكي تيم فيريس في كتابه "أسبوع العمل أربع ساعات" قائلاً: "المبتكرون هم أشخاص لا يخافون من الفشل، ويتعلمون من أخطائهم، ويستمرون في تجربة أفكار جديدة حتى يصلوا إلى النجاح."
ومن هنا يمكننا التعرف على صفات المبتكرين الاجتماعيين؟
كيف يمكننا ابتكار حلول للتحديات المجتمعية؟
في الحقيقة لا توجد إجابة واحدة تناسب الجميع على هذا السؤال، حيث يعتمد نهج الابتكار الاجتماعي على التحدي المحدد والسياق المحلي. ومع ذلك فإننا نستطيع اتباع هذه الخطوات العامة:
يُعدّ ابتكار حلول للتحديات المجتمعية رحلة إبداعية نحو التغيير. فمن خلال تطوير أفكار وحلول جديدة، يمكننا تحسين حياة الناس وبناء مجتمعات أكثر عدلاً وازدهارًا. ولكن كيف يمكن لابتكار الحلول المجتمعية أن يؤثر على سلوك الفرد ومن حوله؟
تأثير الابتكار الاجتماعي على سلوك الفرد:
تأثير الابتكار الاجتماعي على ثقافة المجتمع:
وأخيرًا فإن المشهد السعودي يُزخر بمبادرات مبدعة تسعى جاهدة لإحداث تغيير إيجابي في مختلف جوانب الحياة. تتنوع هذه المبادرات لتشمل مجالات التعليم والصحة والبيئة والاقتصاد والثقافة وغيرها الكثير. ومن هذه الأمثلة الملهمة على مبادرات الابتكار الاجتماعي في المملكة العربية السعودية:
وهو مبادرة وطنية من أحد برامج مسك تم اطلاقه في مؤسسة مسك، بهدف تعزيز ثقافة الإبداع والابتكار للشباب والشابات المبتكرين في المجتمع، بمنحهم فرص لتقديم حلول إبداعية وفعالة للمشاكل التي قد تواجههم أو تواجه من هم حولهم، لبناء مستقبل باهر بفكرهم النير ومواطنتهم الفاعلة، فكانت أقسامه تشمل: المشاركة المجتمعية، الصحة، التنمية الاقتصادية، التعليم والتدريب، البيئة والطاقة، كذلك؛ كانت الاستفادة تعود لهم بالتجربة التعليمية الفريدة، وتمكين الدعم، وبناء علاقات ذات راجع نفعي.
وهي مبادرة وطنية طَموحة أطلقتها المملكة العربية السعودية في عام 2021م بهدف مكافحة تغير المناخ ورفع مستوى جودة الحياة وحماية كوكب الأرض للأجيال القادمة. تهدف هذه المبادرة إلى تحقيق أهداف المملكة العربية السعودية في مجال الاستدامة البيئية وحماية البيئة السعودية للأجيال القادمة. وتُركز "السعودية الخضراء" على مجموعة من المبادرات، مثل زراعة الأشجار، وحماية البيئة، وتطوير مصادر الطاقة المتجددة.
وسواءً كنت فرد أو منظمة فإنه يمكنك الانضمام لهذه المبادرة والمساعدة في حماية كوكبنا الأرض من خلال تقديم أفكار ومبادرات في الابتكار الاجتماعي.