using MiskFoundation.BLL.Custom;

الاستدامة كميزة تنافسية في الأعمال

مقالة تساعدك على فهم الاستدامة كميزة تنافسية للشركات والمؤسسات، بالإضافة إلى كيفية الاستفادة من الفرص التي تتيحها لتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.
 
 

أصبحت قضية الاستدامة جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، فقلوبنا وعقولنا باتت مفتوحة على مصراعيها لأهمية حماية كوكبنا ومناخنا، ونتوق جميعًا إلى ترك عالم أفضل للأجيال القادمة، ولك أن تتخيل أن أكثر من 80% من الناس مستعدين للدفع أكثر مقابل منتجات صديقة للبيئة حسب آخر الدراسات الحديثة التي تم نشرها، فالكثير منا يقدر الجودة العالية والاهتمام بالبيئة، ويرى أن هذا يستحق الثمن، بل وقد ندفع حتى 10% زيادة مقابل منتجات مصنوعة من مواد معاد تدويرها أو منتجة محليًا. بالطبع، مع ارتفاع الأسعار بشكل عام، قد يكون من الصعب دائماً اتخاذ قرار الشراء المثالي، لكن الرغبة في المساهمة في حماية البيئة تظل قوية. والشركات التي تسهم في صٌنع منتجات مستدامة لا تساهم فقط في حماية البيئة، بل تحقق أيضًا ميزة تنافسية عالية بين الشركات التجارية.

ما هو مفهوم الاستدامة؟

الاستدامة هي ضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة بمعنى أن نقوم بتلبية احتياجنا الحالي دون أن نسلبهم قدرتهم على تلبية احتياجهم لاحقًا، والاستدامة كمفهوم هي دعوة لجميع الأفراد والمنظمات إلى الحفاظ على سلامة كوكبنا وموارده بحيث نستطيع جميعًا العيش بصحة وسلام، ولا تقتصر الاستدامة أيضًا على البيئة، بل تشمل الجوانب الاقتصادية والاجتماعية. والاستدامة في الأعمال تحديدًا هي فن تحقيق التوازن بين ربح الشركات وحماية كوكبنا وتحسين حياة الناس، تخيلها كمثلث متساوي الأضلاع، حيث كل ضلع يمثل جانبًا مهمًا: الربح، البيئة، والمجتمع. وهدفنا هو الحفاظ على هذا التوازن لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة، كما أصبحت الاستدامة للشركات ميزة تنافسية قوية تمكنها من جذب العملاء والمستثمرين، تحت مسمى "الاستثمارات الخضراء". والسؤال الأهم هو لماذا أضحت الشركات تهتم بالاستدامة؟ الجواب ببساطة لأنها أصبحت لغة العصر! الناس اليوم، سواء كانوا عملاء أو مستثمرين أو حتى موظفين، يبحثون عن شركات تهتم بكوكبنا ومجتمعاتنا.

إذا يجب على الشركات أن تهتم بالاستدامة كميزة تنافسية لتتفوق على غيرها من المنافسين، لماذا؟ ببساطة لأنها:

  • جاذبية لا تقاوم للعملاء أو المستهلك: تخيل نفسك كمشتري، أيهما ستختار؟ منتجًا عاديًا، أم منتجًا صديقًا للبيئة ويعود جزء من ربحه لدعم المجتمع؟ بالتأكيد ستميل للاختيار الثاني، وهذا ما يفعله معظم الناس الآن.
  • فرص أعلى مع مستثمرين أذكياء: المستثمرون يبحثون عن شركات مستقرة ومربحة على المدى الطويل، والشركات المستدامة تثبت أنها تمتلك هذه الصفات، لأنها تبني مستقبلًا أفضل وتقلل المخاطر، وهذه الرؤية بالطبع تجذب المستثمرين الذين يبحثون عن شركات ذات تأثير إيجابي على العالم.
  • بيئة عمل مميزة وموظفين سٌعداء: من يريد العمل في شركة لا تهتم إلا بالربح؟ بالطبع أننا كجيل جديد لن نجيب بنعم أبدًا، فالموظفون اليوم يبحثون عن مكان يشعرون فيه بأن عملهم يؤثر إيجابًا بالتالي توفر الشركات المستدامة بيئة عمل محفزة.
  • سمعة تجارية قوية: تخيل أنك سمعت عن شركة تتسبب في تلوث البيئة، هل ستثق بها؟ بالتأكيد لا! بينما الشركات المستدامة تبني سمعة طيبة تجذب المزيد من العملاء والمستثمرين.
  • تقليل التكاليف وتوفير المال: قد يبدو غريبًا، لكن الاستدامة تساعد الشركات على توفير المال من خلال تقليل النفايات واستخدام الطاقة والموارد بكفاءة.
  • الابتكار والإبداع: عندما تفكر الشركات في الاستدامة، فهي تجبر نفسها على البحث عن حلول مبتكرة ومبتكرة، وهذا يجعلها أكثر تنافسية.

الاستدامة كأداة لجذب وتطوير الكفاءات في الشركات

الشركات التي تضع الاستدامة في صميم استراتيجياتها لا تجذب الاستثمارات فحسب، بل تجذب أيضاً أفضل الكفاءات وتحتفظ بها، فما الذي يجعل الاستدامة عامل جذب قوي للمواهب المتميزة وكيف تسهم في تطويرهم؟

أولاً: الجاذبية الأخلاقية؛ يهتم الجيل الجديد من القوى العاملة بأمور أكثر من مجرد الرواتب الشهرية، فهم يبحثون على شركات تٌشجعهم في تحقيق الأثر الاجتماعي بحماية البيئة ودعم المجتمعات المحلية، بل ويشعرون بالفخر والانتماء إلى هذه الشركات مما يزيد من إنتاجيتهم فينعكس إيجابًا على الشركات المستدامة.

ثانيًا: الشركات المستدامة لا تتوقف عند الحد الأدنى من المتطلبات البيئية والاجتماعية، بل تسعى إلى التميز والابتكار. فهي تبحث باستمرار عن طرق جديدة لتحسين أدائها البيئي، وتطوير منتجات وخدمات مستدامة، هذه الثقافة الابتكارية تجذب الموظفين الطموحين الذين يرغبون في العمل على مشاريع مبتكرة تسهم في حل التحديات العالمية.

وأخيرًا تبني الشركات المستدامة ثقافة مؤسسية قوية تعتمد على الشفافية والتعاون والمسؤولية. هذه الثقافة توفر بيئة عمل محفزة على التطور والتعلم المستمر. فالموظفون يشجعون على المشاركة في اتخاذ القرارات، وتقديم الأفكار الجديدة، والعمل بروح الفريق. كما توفر هذه الشركات فرصاً للتدريب والتطوير المستمر، مما يساعد الموظفين على تطوير مهاراتهم وقدراتهم.

أثناء كتابتي لهذا المقال، تساءلت: هل فعلاً سيكون المستقبل للمشاريع والشركات المستدامة؟

ووجدت الإجابة بأنه بلا شك، سيكون المستقبل لها، لأن الشركات اليوم لديها القدرة على تغيير العالم من خلال تبني ممارسات مستدامة، يمكن للشركات أن تكون قوة دافعة نحو مستقبل أفضل. يمكنها أن تخلق فرص عمل، تدعم المجتمعات المحلية، وتحمي البيئة. الاستدامة ليست مجرد مسؤولية، بل هي فرصة للشركات لتترك إرثًا إيجابيًا لمن سيأتون من بعدنا.

أبعاد الاستدامة ودورها في النمو الاقتصادي:

  • الاستدامة البيئية: تتضمن حماية البيئة، والحد من التلوث، والاستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، والانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون.
  • الاستدامة الاجتماعية: تشمل تحقيق العدالة الاجتماعية، والقضاء على الفقر، وتحسين ظروف العمل، وضمان حقوق الإنسان.
  • الاستدامة الاقتصادية: تتضمن النمو الاقتصادي المستدام، وتحقيق التوازن بين الأبعاد الاقتصادية والبيئية والاجتماعية، وتعزيز القدرة التنافسية.

وختامًا الاستدامة هي استثمار في المستقبل، لأنها تخفف المخاطر البيئية، تحفز الابتكار، وتعزز مكانة الشركات في الأسواق من خلال خلق ميزة تنافسية تجعلها في أولى الصفوف بين المنافسين، بل وتميزها. علاوة على ذلك، فهي تساعد في التكيف مع التغيرات المناخية وضمان استدامة الموارد للأجيال القادمة، لأننا جميعًا نتفق على رغبتنا في ترك هذا العالم بسلام وصحة لمن بعدنا.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات