الابتكار والتكنولوجيا في إدارة الفعاليات

شهدنا في السنوات القليلة الماضية طفرةً في الفعاليات الكبرى في المملكة العربية السعودية، كجزء من هدف "رؤية 2030" لتعزيز قطاعات الرياضة والترفيه والسياحة
شهدنا في السنوات القليلة الماضية طفرةً في الفعاليات الكبرى في المملكة العربية السعودية، كجزء من هدف "رؤية 2030" لتعزيز قطاعات الرياضة والترفيه والسياحة. فبعدما توقف تقريبًا انعقاد الفعاليات والحفلات الشخصية بسبب فيروس كوفيد-19، فُتحت شهية الشركات والمستهلكين لتنظيم الفعاليات وحضورها بعد أن استعدنا نشاطنا على أثر الجائحة. وقد لعب فريقنا ومنتجنا دورًا كبيرًا في الكثير منها، كما كان للتقنية دورًا رئيسيًا في نجاح كلّ منهما.

أهمية التكنولوجيا في إدارة الفعاليات

أدّى دمج التكنولوجيا في قطاع إدارة الفعاليات إلى زيادة العائد على الاستثمار من خلال تحسين نسبة الحضور والكفاءة التشغيلية، بالإضافة إلى خفض التكاليف بنسبة 30%. وقد ساهم الوضع الحالي للتكنولوجيا الشخصية في جعل دمج التكنولوجيا في الفعاليات أمرًا بديهيًا، لا سيما وأنّ كلّ شخص يمتلك هاتفًا ذكيًا يخوّله الدفع عبر الإنترنت، موفّراً تجربة سلسة لم يسبق لها مثيل. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ البيانات التي يمكننا جمعها حول سلوك الحاضرين وتفضيلاتهم قبل الفعاليات وأثنائها وبعدها، تمنح المنظِّمين الأدوات المناسبة التي تساعدهم في اتخاذ قرارات ذكية لتحسين التخطيط والتنفيذ.

يرغب جميع روّاد الفعاليات بالأمر نفسه عمومًا، ألا وهو تجربة مخصّصة وفقًا لاحتياجتهم، وقضاء وقت ذي قيمة مقابل الأموال التي يدفعونها، ويريدون ذلك بسرعة. وقد بات هذا الأمر أقرب إلى تحقيقه حاليًا من خلال التحوّل الرقمي، حيث تساعدهم الأدوات الرقمية في تلبية احتياجاتهم مباشرة منذ اللحظة التي يحجزون فيها التذكرة حتى لحظة مغادرتهم الفعالية أو الحفلة.

التكنولوجيا وتجربة العملاء (CX)

تساعد الرقمنة في الأتمتة وتسرّع الكثير من العمليات، ممّا يسمح لفرق تنظيم الفعاليات بالتركيز على تحسين تجربة العميل. تُعدّ الفعاليات استثمارًا مهمًا، وإذا كان نموذج عملك يعتمد على مبيعات التذاكر، فإنّ ضمان عودة العملاء لحضور فعالياتك المستقبلية أمر جوهري للعائد على الاستثمار.

يعتبر هذا الأمر أحد أسباب ارتفاع المنافسة على توفير تجربة عملاء عالية الجودة، كما يفتح الباب أمام تحويل العملاء إلى سفراء أو مناصرين لعلامتك التجارية، خصوصًا وأنّ الحديث عن هذه التجربة شفهيًا والتوصية بها يُعدّان من المصادر المذهلة لاكتساب العملاء.

تساعد الأدوات الرقمية المتوفّرة الشركات على ضمان تقديم المستوى المتوقّع من تجربة العملاء، وفيما يلي بعض الخصائص الرئيسية والضرورية لتقديم هذا المستوى.

التذاكر وتسجيل الوصول

يُعتبر إصدار التذاكر بالنسبة للعملاء بمثابة الانتهاء من إجراء الاختيار، وإتمام عمليات الدفع، وتأكيد الحضور. أمّا بالنسبة للمنظّمين، فيعني إصدار التذاكر تتبّع كلًّا من خريطة المقاعد، والمبيعات، ورموز الاستجابة السريعة (QR codes)، ونقاط الدخول، وغيرها. وهذه الرحلة يخوضها العملاء والمنظمون جنبًا إلى جنب.

ولكن، في حال لم تسِر هذه العملية بشكل صحيح، يمكن أن تمسي تجربةً سيئة للغاية لكلّ من الحاضرين والمنظمين، وقد يزداد الأمر حساسية بحسب طبيعة الفعالية وحضورها.

تتيح لنا التكنولوجيا تقديم تجربة موحدة، بدءًا من التاكّد من شراء التذاكر وصولًا إلى تسجيل الحضور بصورة فورية. وهذا ما يساهم في تكوين العملاء للانطباع الأول حول فعاليتك، والانطباع الأوّل أمرٌ في غاية الأهمية لأنّه يحدد مسار بقية التجربة.

ينبغي أن تتجنّب انتظار الحاضرين في طوابير طويلة، وذلك لتوفير تجربة تسجيل حضور رائعة وضمان وصول حاملي التذاكر إلى أماكنهم الصحيحة. الأمر معقّد أكثر في الفعاليات الكبرى، حيث تكون أمام  أنواع مختلفة من حاملي التذاكر الذين يمكنهم الدخول من مداخل مختلفة ما يجعل مساراتهم مختلفة تمامًا حتّى.

يتمثّل الاستخدام الأساسي للتكنولوجيا هنا في تزويد موظّفي الفعالية بهواتف ذكية لمسح التذاكر من أجل تسجيل الحضور في موقع الفعالية، مما يغنيك عن السجلّات الورقية. وعندما تُزوّد هذه الأجهزة بواجهة استخدام مصمّمة بالطريقة الصحيحة، سيكون وكلاء تسجيل الحضور قادرين على إجراء هذه العملية بسهولة فائقة، الأمر الذي  يقلّل من وقت عملية التسجيل إلى ثانيتين تقريبًا لكلّ فرد. وللمزيد من السرعة، تُستخدَم أكشاك الخدمة الذاتية لتبسيط عملية تسجيل الحضور، وتقليل الحاجة إلى المزيد من الموظفين في الوقت نفسه، بحيث يمكن للعملاء تسجيل الحضور لأنفسهم ولضيوفهم، كما تسمح لهم بالدفع، بالإضافة إلى معاينة شارات أسمائهم وتعديلها وطباعتها بأنفسهم عند الضرورة.

حُزَم المعلومات الرقمية

عندما ننظر في البروشورات وحُزَم المعلومات، نفكّر عادةً في الفعاليات المقدّمة كخدمة من شركة إلى شركة (B2B) مثل المؤتمرات والمعارض. تسهّل حزم المعلومات الرقمية في هذا النوع من الفعاليات الأمر على الحاضرين وتجعله أيسر لهم.

لا تنحصر فائدة حُزَم المعلومات بالفعاليات المقدّمة كخدمة من شركة إلى شركة، فتوفير معلومات سياقية حول الأحداث في فعالية ما، سواء كانت مهرجانًا موسيقيًا أو معرضًا فنيًا أو نشاطًا رياضيًا، تجعل الحاضرين يشعرون بأنّهم يتحكّمون في وقتهم وأنّهم لا يفوّتون الأنشطة التي يرغبون المشاركة فيها. إلى جانب ذلك، يضيف توفير هذه المعلومات مستوىً إضافيًا من التفاعل يمكن للمنظمين استخدامه لزيادة التفاعل مع الجمهور.

إضفاء الطابع الشخصي على تجربة الحضور

تفيد التقنيات مثل الأجهزة القابلة للارتداء وأنظمة الملاحة الداخلية والاستدلال المكاني في تحسين تجربة العملاء عن طريق توفير تجربة مخصصة وفقًا لاحتياجاتهم وطلباتهم.

يمكننا استخدام تقنية "تحديد الهوية بموجات الراديو" (RFID) والمنارات المخصّصة لإرسال هذه الموجات، من أجل إرسال المعلومات إلى الأجهزة القريبة، وتزويد الحاضرين بالمعلومات ذات الصلة عندما يحتاجون إليها. يمكن استخدام التكنولوجيا نفسها بهدف تنبيه الحاضرين عندما يكونون قريبين من شخص يمتلك الاهتمامات نفسها بهدف تحسين عملية التشبيك في الفعاليات المخصّصة للأعمال على سبيل المثال، وفي الفعاليات الاجتماعية الأخرى.

يغنيك الاستدلال المكاني الرقمي الداخلي عن الحاجة إلى اللافتات المعلّقة على الجدران، ممّا يسهّل على الحاضرين التنقّل في المكان، كما يمكن إضافة عنصر الألعاب إليه لزيادة تفاعلهم.

بالإضافة إلى ذلك، تسمح تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء للحاضرين بتسجيل دخولهم وخروجهم من الجلسات تلقائياً، مما يقلل من أوقات الانتظار، كما تساعد أيضاً منظّمي الفعالية على معرفة المكان الذي يقضي فيه الحاضرون أكثر وقتهم، ومن ثمّ تحديد انتشار الموظفين وفقاً لذلك.

روبوتات الدردشة

غالباً ما يُطلب من موظّفي الفعالية التعامل مع استفسارات مئات المشاركين، الأمر الذي قد يصعب عليهم التعامل معه. وحين تشهد ساعات الذروة الآلاف من الاستفسارات المتزامنة، قد يؤدي الأمر إلى انتظار العملاء لفترات أطول إذا أُديَرت العملية بمجهود بشري.

يمكننا بدلاً من ذلك الاعتماد على روبوت الدردشة الذي يستطيع التعامل مع هذه الطلبات على الفور.

يمكن بسهولة برمجة روبوتات الدردشة مسبقًا وتزويدها بردود جاهزة للإجابة على أغلب الاستفسارات المتكرّرة، عن طريق القليل من البحث في الأسئلة الشائعة وصفحات الدعم. علاوةً على ذلك، تستطيع برمجة روبوتات الدردشة الذكية اصطناعيًا لتكون ذكية بما يكفي للردّ على الاستفسارات غير المبرمجة أيضًا.

تُعدّ روبوتات الدردشة مصدرًا هائلًا للمعلومات، ويمكن للمحادثات أن تساعد الشركات على تحسين فهمها لمخاوف العملاء واهتماماتهم، وبالتالي مواءمة خططها الحالية أو المستقبلية وفقًا لذلك.

استخدام البيانات الضخمة لتعزيز تدفّق الحشود

يسمح لنا استخدام التكنولوجيا في إدارة الفعاليات بجمع كميات كبيرة من البيانات قبل الفعاليات وفي أثناء انعقادها. يمكن أن لا تكون البيانات بمفردها مفيدة بالضرورة، غير أنّ الأفكار والأنماط والاتجاهات التي تكشف عنها تلك البيانات قد تكون مفيدة بالفعل.

يشير مصطلح "إدارة الحشود" (Crowdshaping) إلى استخدام البيانات لإجراء تعديلات فورية على الفعالية. يُجمَع معظم بيانات إدارة الحشود عبر تقنية "تحديد الموقع الجغرافي" التي يمكن استخدامها لجمع بيانات تحدّد مدى كثافة الحشود في حدث ما، ممّا يسمح لك بتعديل تدفّق الحشود بفعالية أكبر.

يمكن أيضًا استخدام البيانات الضخمة في تحديد المشاكل التي تصاحب تدفّق الحشود، ثمّ إيجاد حلول لها عن طريق إجراء تعديلات آنية. كما أنّ استخدام المسح الحراري لرسم خرائط حرارية (heatmaps)، أو تكنولوجيا الأجهزة القابلة للارتداء، يسهّل المقارنة بين مكان تجمع غالبية الحاضرين وأماكن الأنشطة التي تشهد عددًا أقلّ من الزيارات. وبالتالي، يساعدك ذلك في اتّخاذ قرارات فورية لتحسين تدفق الحشود، مثل تمديد مدّة نشاط معين بناءً على مستويات الحضور وإخطار الحاضرين بها عبر رسالة نصّية.

 

استخدام البيانات الضخمة لزيادة التفاعل المباشر

بالإضافة إلى "إدارة الحشود"، يمكننا أيضاً استخدام البيانات الضخمة لتقييم التفاعل وزيادته.

استطلاعات الرأي حول الفعالية التي يجريها أغلب المنظّمين بعد انتهائها، تقدّم معطيات مفيدة للفعالية التالية حصرًا. أمّا باستخدام التكنولوجيا، فيمكننا طرح أسئلة في فورية أثناء انعقاد الفعالية من أجل الكشف عن أيّ ثغرة في التواصل مع الحاضرين لتزويدهم بأيّ معلومات يصعب الوصول إليها أو ربما نسي المنظمون مشاركتها.

وفي حال أردت استخدام ابتكار مميّز أكثر، يمكنك الاستعانة بـ"برنامج تحليل تعابير الوجه" الذي يساعد في الكشف عن مستوى اهتمام الحاضرين وتفاعلهم مع الجلسات.

كلّ هذه البيانات شخصية وحساسة جداً، ولذلك ينبغي للمنظّمين أن يكونوا انتقائيين جدًّا بشأن اختيار البيانات التي يجمعونها ويعالجونها، كما ينبغي أن يحفاظوا على مستويات عالية من الأمان على المنصّات وقنوات التواصل المستخدمة. والأهمّ من ذلك، ينبغي أن تتمتّع بالشفافية لتشرح للحاضرين ماهية البيانات التي تجمعها وكيفية جمعها والغاية من جمعها. بالإضافة إلى ذلك، يجب تنبيه الحاضرين بأنّك تجمع بيانات عنهم، كما وأن توفّر لهم خاصية إلغاء الاشتراك في أي عملية جمع للبيانات متى أمكن.

كلّ هذه الخطوات تتوافق بالطبع مع "نظام حماية البيانات الشخصية" السعودي الذي صدر في عام 2021م. وفي حين تَجمَع الفعاليات الكثير من المعلومات الشخصية بدءًا من بيانات التذاكر، وصولاً إلى الصور التي تلتقطها الكاميرات وبيانات الموقع الجغرافي، يجب أن تتحلّى بمسؤولية كبيرة للحفاظ على سلامة الحاضرين في الفعالية، فضلًا عن أمن المنظِّمين والمدينة.

 

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات