تُعد مهمة إطلاق شركة ناشئة في أيامنا هذه من المهام الصعبة، لكن المهمة الأصعب تكمن في توسيع وتطوير أعمالها. لذا، تُعتبر الاستراتيجيات، والأدوات، والموارد المناسبة وذات الصلة من العوامل الرئيسية التي تضمن استمرارية أعمال الشركة الصاعدة، وخاصةً في ظل الأجواء التنافسية المتنامية.
كما أن تطبيق المنهجية الصحيحة لتوسيع وتطوير أعمال الشركة الناشئة من شأنه تمكين رواد الأعمال من إطلاق العنان لقدراتهم الحقيقية، حيث ستتاح لهم حينها فرصة الوصول إلى آخر التقنيات والموارد المتاحة، وذلك في سبيل تعزيز فرص نجاحهم. وبتنفيذها لاستراتيجيات النمو المثالية، ستصبح الشركات الناشئة قادرة على بلوغ آفاق جديدة من النجاح، إلى جانب إيجادها المزيد من فرص العمل بالمملكة العربية السعودية.
نصائح من رواد الأعمال السعوديين
أصبحت المملكة مركزاً حيوياً لريادة الأعمال خلال السنوات القليلة الماضية، حيث شهدت إطلاق الكثير من الشركات الناشئة ورواد الأعمال مسارات متنوعة من الأعمال الجديدة والمبتكرة. وإليكم فيما يلي بعض النصائح العملية المقدمة من رواد ورائدات الأعمال السعوديين الناجحين حول كيفية تطوير الشركات الصاعدة لتحقيق النجاح:
1. بناء فريق العمل المثالي
محمد الضلعان، رائد أعمال ملهم ومؤسس مشارك في منصة "نون أكاديمي"، منصة التّعلم الرقمي التي تأسست في عام 2013 من داخل المملكة، وحققت إنجازاً هائلاً باستقطاب أكثر من 6 ملايين مستخدم مسجل على امتداد الأسواق العالمية الرئيسية الأربعة.
يُشدد الضلعان على مدى أهمية فريق العمل القوي في مسيرة تطوير الشركة الناشئة ، حيث ينبغي على الشركة البحث "عن موظفين متواضعين، ومبتكرين في طرح الحلول، ويتمتعون بالجرأة وسرعة التعلم. وبغض النظر عن ثقافة العمل التي تتبناها، سواءً كانت انطلاقاً من المنزل أو من وراء البحار، فإن جلّ الأمر يتعلق بالأفراد الذين تقوم بتعيينهم وفصلهم. فالفصل من العمل لا يقل أهمية بأي شكل من الأشكال عن التوظيف! لذا، عليك التحلي بالصبر مع كل من يتعلم ويبذل قصارى جهده للتطور."
2. التركيز على الميزة التنافسية
أحمد حمدان، رائد أعمال في مجال الابتكار والتكنولوجيا، والرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "يونيفونيك"، التي تأسست في عام 2006 وتقدم حلول الاتصالات السحابية الاقتصادية والفعالة، القادرة على تحقيق أهداف الشركات. استطاعت "يونيفونيك" ترك بصمة واضحة على مستوى السوق الإقليمية، ومسيرة نجاحها المميزة أكبر شاهد على ذلك، حيث تمكنت من اكتساب ثقة أكثر من 5,000 شركة، وجمع ما يناهز الـ 146 مليون دولار خلال الجولة التمويلية الأولى والثانية للشركة.
ويتطرق حمدان في حديثه عن كيفية استخدام "يونيفونيك" لميزتها التنافسية وفقاً لمصالحها، فقد "علمتنا تجربتنا خلال السنوات الـ 16 الماضية أن العملاء هم أفضل الأصول، وذلك لأنهم يعملون على إنشاء روابط حقيقية ما بين عملائهم والأسواق. هذا، وقد أتاحت لنا فرصة التمتع بجملة من المزايا الصحيحة، إلى جانب امتلاكنا للبنية التحتية القوية وخضوعنا لأطر الامتثال، إمكانية التميّز على مستوى هذه الصناعة شديدة التنافس. وتقوم منهجيتنا على العمل بشكل وثيق الصلة مع العملاء المحتملين والحاليين، وعلى تجاوز كافة توقعاتهم من حيث كيفية توريدنا وتطويرنا وطرحنا للمنتجات في السوق، وهو ما عجز عن تأمينه أي من منافسينا، وخاصة ما يتعلق بالسرعة في تقديم الخدمة."
3. التوسع ضمن القطاعات الرئيسية
أيمن السند، الرئيس التنفيذي والمؤسس المشارك لشركة "مرسول"، التي حصدت نجاحاً منقطع النظير في مجال التوصيل عند الطلب منذ تأسيسها في عام 2015 بالمملكة العربية السعودية، بحيث أصبحت الآن من أسرع شركات التوصيل نمواً على صعيد الشرق الأوسط، وتحتضن أكثر من 10 ملايين مستخدم، وتوظف أكثر من 800,000 عامل توصيل في المملكة والشرق الأوسط.
ويشير السند إلى حقيقة أن شركة "مرسول" تعمل دائماً على تنويع عروضها، فلديها العديد من "الخطط التوسعية لتقديم خدماتنا المميزة ضمن القطاعات الرئيسية. واليوم، ورغم أننا الجهة التي تعمل على إيصال كل ما يرغب به الجميع، إلا أننا ينبغي أن نركز على طبيعة وجودة الخدمة التي نقدمها. فعلى سبيل المثال، علينا الاستثمار في مفهوم المطبخ، والحرص على تقديم تجربة توصيل أكثر مرونة وكفاءة من ذي قبل. فالمنافسة تدور اليوم حول من يستطيع تطوير هذا السوق بأسرع زمن ممكن، ومن يستطيع تقديم الخيارات الأوسع والأكثر تنوعاً. كما أننا نتجه حالياً نحو قطاع الشركات العائلية الصغيرة، فالنساء اللاتي أسسن مطابخ في منازلهن يرغبن في إيصال طلباتهن، ونحن بإمكاننا مساعدتهن على تعزيز مستوى التواصل مع عملائهن، وتسهيل إتمام هذه العملية برمتها."
4. خطط التمويل المدروسة
دانا باكي، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة "مونج: أون"، التي حققت نجاحاً وتطوراً مذهلين منذ انطلاقة أعمالها عام 2016 في مجال خدمة الشركات والمساكن بكافة أنحاء المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، محققةً معدل نمو شهري مضاعف.
هذا، وقد نجح فريق عمل "مونج: أون" في جمع 6 ملايين دولار خلال الجولة التمويلية الأولى والثانية والثالثة للشركة. وتوجه باكي النصيحة لرواد الأعمال الساعين لتأمين مصادر التمويل خلال الأوقات العصيبة لتفشي جائحة كوفيد-19، بوجوب التركيز بدرجة أكبر على إدارة شؤونهم المالية بدقة وذكاء، حيث تعتبر "النمذجة المالية والفهم العميق لاقتصاديات ومحفزات النمو الخاصة بوحدة العمل أمراً جوهرياً على طريق النجاح. علاوةً على ذلك، وبناءً على ما تعلمناه من تجربتنا الخاصة خلال فترة كوفيد-19، ينبغي علينا التخطيط دائماً لكل ما هو غير متوقع. عليك وضع خطة عمل مفصلة لآلية عملك كي تضمن سير نموذج عملك، وفريق عملك، وتقنياتك بالمرونة والانسيابية الكافية والمؤهلة لتعاملها مع أية تغيّرات ضرورية أو رئيسية."
5. التطور الهادف
أضوى الدخيل، العقل المدبر وراء إطلاق شركة "فلك للأعمال والاستثمار". تسعى الدخيل، التي تقيم في الرياض، جاهدةً من خلال آخر مشاريعها، إلى إطلاق موجة جديدة من الشركات السعودية الصاعدة، وذلك عبر تأمين الدعم اللازم، وفرص النمو والتطوير، وتوفير مصادر التمويل. وتجمع الدخيل من خلال هذه المنهجية الفريدة ما بين مسرعة الأثر، والحاضنة التفاعلية، وبيئة العمل المشتركة، إلى جانب كونها مستثمر ملاك.
وتؤمن الدخيل بقدرة الشركات الناشئة على التطور والازدهار في حال كان لديها هدف واضح، يعمل على توجيه قراراتها وأعمالها، فهي ترى أن "التطور دون سعادة لا يشكل أي فرق على الإطلاق. وهذا هو السبب وراء استمرارية أعمال الشركات الموجهة بالأهداف، مقارنةً بالشركات الموجهة بالأرباح، التي تجني أرباحاً سريعة، وتنهار سريعاً. فالأمر لا يقتصر على تحقيق التطور بحد ذاته فحسب، فالسعادة والرضا العاطفي والعقلي هو ما يدفعنا للعمل بشغف، ولتحقيق كل ما له قيمة سواءً كنت رجل أو امرأة، رائد أو رائدة أعمال."
