تقوم رؤية السعودية 2030 على ثلاث ركائز رئيسة، ألا وهي تحفيز الاقتصاد، وتنويع مصادر الإيرادات، وتحويل السّعودية إلى مركز عالميّ رئيس.
تتمحور هذه الأهداف طويلة المدى حول الابتكار، وتنمية الشباب، والتّوسع في الخدمات الرقمية من أجل تأسيس دولة قوية ومزدهرة، تقوم في أساسها على المواهب الشابة. وقد نجحت السعودية منذ إعلان رؤية 2030 بإدخال العديد من الإصلاحات في أنظمة العمل، واضعة نصب أعينها جذب الاستثمار الأجنبي، وخلق وظائف جديدة، ودعم القطاع الخاص.
لقد استهدفت السّعودية في الآونة الأخيرة المقرات الإقليمية الرئيسة، في محاولة منها لتشجيع الشركات على نقل مقراتها إليها، كما أُجريت العديد من التغييرات على أنظمة العمل بهدف تحديث الاقتصاد وتنظيم القوى العاملة وجذب المزيد من العمال الأجانب إلى البلاد. في هذا المقال سنلقي نظرة أعمق على التغييرات الأخيرة في نظام العمل، وما يعنيه ذلك لأصحاب العمل وروّاد الأعمال.
ما الّذي تغيّر؟
دخلت تغييرات نظام العمل والتوظيف حيّز التنفيذ في مارس 2021 مما أثّـر على كل من الموظفين وأصحاب العمل على حد سواء .أولَا: قامت السعودية بتحديث نظام الكفالة بشكل فعال مع العلم أن توظيف العمال المقيمين يجري في منطقة مجلس التعاون الخليجي منذ أكثر من 70 عامًا.
ثانيًا: بالنسبة لرواد الأعمال المقيمين في السعودية، تمت إضافة تغيير جديد في نظام العمل يحفظ حقوق كل من أصحاب العمل والموظفين، مما يخلق التنافس في المجتمع بين القوى العاملة، كما يحقق لهم العدالة بشكل كبير. سيتمتع عشرة ملايين عامل مقيم في الدولة بحرية التنقل، وتبديل الوظائف، ومغادرة البلاد دون الحاجة إلى إذن صاحب العمل، أو حتى طلب نقل الكفالة من شركة إلى أخرى، كما يمكنهم الحصول على تأشيرات إقامة غير مرتبطة بصاحب العمل.
التحديثات الرئيسيــة:
تنطبق هذه الأنظمة المعدلة على جميع العمال المقيمين في الدولة، مع عدد قليل من الاستثناءات المفصلة أدناه. الهدف الأساس من هذه التعديلات -وفقًا لوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية- هو تحسين العلاقة التعاقدية بين العمال وأصحاب العمل، ودعم المصالح المشتركة للطرفين وتعزيزها.
مزايا صاحب العمل
يخلق سوق العمل الجاذب للعمال الأجانب تغييرًا إيجابيًا بالنسبة لأصحاب العمل السّعوديين. فهذه الإصلاحات ستزيد من نسبة المهنيين الموهوبين الذين يبحثون عن فرص عمل في المملكة، مع منح العمال حرية استكشاف فرص عمل مختلفة. تجعل الزيادة في العمالة المهنية القطاع الخاص أكثر قدرة على المنافسة مما يعزز بدوره النمو الاقتصادي.
أما الأعمال الورقية، والتي كانت تسبب صداعًا لأصحاب العمل جاءت هذه التغييرات لتخليصهم منها، حيث ستقل النزاعات المحتملة بين أصحاب العمل والعمال المقيمين خاصةً المتعلقة بتأشيرات الخروج وطلبات التحويل وغيرها. كما ستعمل هذه الإصلاحات على تعزيز علاقة التعاقد بين صاحب العمل والموظفين مع الحفاظ على حقوق صاحب العمل الأساسية، فعلى سبيل المثال: لا يمكن للموظفين الاستفادة من هذه التعديلات إلا إذا أتمّوا عامًا واحدًا في العمل ذاته، وبوجود عقد ساري المفعول بكل تأكيد.
التحديات المحتملة للشركات الصغيرة والمتوسطة
إن إصلاح النّظام لن يجري دون مواجهة تحديات.
ولقد عبّر عن ذلك عبد الغني الأنصاري، رئيس مجلس إدارة شركة بيت الإدارة لتكنولوجيا المعلومات بقوله "قد تواجه الشّـركات الصغيرة والمتوسطة صعوبات في التكيف مع الإصلاحات الجديدة، لذا على أصحاب العمل المسارعة إلى توثيق بيانات وعقود الموظفين الجدد رقميًّا".
ويضيف السيد عبد الغني: "إنّ التحدي الكبير هو تطوير الموارد البشرية في الشركات الصغيرة والمتوسطة، تلك التي تجد صعوبة في استيعاب مفاهيم وآليات هذه المبادرة".
ملاحظات هامة تتعلق بأنظمة العمل وإدارة الموارد البشرية:
التعديلات الجديدة لن تؤثر على كل العمال
وكما لكل قاعدة استثناء، فقد أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عن خمس مهن لا تنطبق عليها تلك التغييرات، مثل السّائق الخاص، والحرّاس، والعمالة المنزلية، والرعاة وعماّل الحدائق في المنازل.
هناك أيضًا ظروف استثنائية أخرى يمكن فيها للموظفين تغيير عملهم دون موافقة مسبقة، وذلك عندما لا يحصل الموظف على أجره لمدة ثلاثة أشهر متتالية، أو إذا كان ضحية للاتجار بالبشر، أو عند انتهاء صلاحية تصريح إقامة صاحب العمل، أو لو رفض صاحب العمل تجديد تصريح العمل أو تأشيرة الإقامة.
لقد أصبحت السّـعودية بيئة أكثر جاذبية للعمّال الأجانب، وسيتوفر لدى أصحاب العمل عدد كبير من العمالة الماهرة، وأصحاب المواهب سوف يتوافدون إلى المملكة بشكل أكبر، وبهذه التعديلات لن يستمر بعد الآن ارتباط الموظفين الجدد بشركة واحدة، بل ستخلق هذه التغييرات قوة عاملة أكثر تنوعًا وتنافسيةً وانفتاحًا على الفرص الجديدة، مما يعود بالنفع على الموظفين وأصحاب العمل والاقتصاد الوطني ككل.