التصميم المبني على المكان: هوية تنموية ومستقبل مستدام

هل فكرت يومًا كيف يمكن للتصميم أن يكون مفتاحًا لتحويل هوية مكانك إلى قوة اقتصادية؟ في هذا المقال، نكشف كيف يمكن للاقتصاد المبني على المكان أن يعزِّز الهوية الثقافية ويُسهم في التنمية المستدامة.
عن الكاتب
عضو في مكان مسك
 
 

في عالم يتجه نحو التماثل بفعل العولمة، تزداد أهمية التميز المحلي في صياغة اقتصاد مستدام. من هنا يأتي مفهوم الاقتصاد المبني على المكان، الذي يركّز على استثمار الموارد الثقافية والجغرافية والاجتماعية الفريدة لكل منطقة. في هذا السياق، يظهر التصميم كأداة فاعلة، ليس فقط لتجميل المنتجات أو الفضاءات، بل كوسيلة للتنمية وتعزيز الهوية الاقتصادية والثقافية.

ما هو الاقتصاد المبني على المكان؟

الاقتصاد المبني على المكان هو نموذج تنموي يركِّز على الموارد التي يتميز بها كل مكان على حدة، سواء كانت تراثًا ثقافيًا، طبيعة جغرافية، أو معرفة محلية. هذا الاقتصاد يهدف إلى تمكين المجتمعات من خلال إنشاء مشاريع ترتكز على خصوصية المكان بدلاً من تبنّي نماذج عالمية لا تتماشى مع الهوية المحلية.

دور التصميم في تفعيل هذا الاقتصاد

يلعب التصميم دورًا استراتيجيًا في تفعيل الاقتصاد المبني على المكان من خلال:

  • تحويل الخصائص المحلية إلى منتجات ذات طابع مميز، تعكس الثقافة والبيئة المحيطة.
  • تصميم الفضاءات العامة والمشاريع السياحية لتعزيز تجربة الزوّار وربطهم بقصة المكان.
  • خلق هويات بصرية متكاملة تعكس روح المكان وتُسهم في ترويجه على المستوى المحلي والعالمي.

أمثلة تطبيقية

العلا في السعودية: تم توظيف التصميم للحفاظ على التراث النبطي وتحويل المنطقة إلى وجهة عالمية للثقافة والسياحة.

مدينة فاس المغربية: إعادة إحياء الحرف التقليدية عبر تصاميم عصرية زاد من قيمتها السوقية ورفع دخل الحرفيين.

مدن أوروبية مثل بلباو وكوبنهاغن: استخدمت التصميم الحضري لخلق تحول اقتصادي جذري مبني على هوية المكان.

حين تكون التجربة مدخلًا لهوية المكان

في قلب أي تصميم ناجح يكمن فهم عميق لتجربة المستخدم، التي لا تقتصر على الراحة وسهولة الاستخدام، بل تشمل الانطباعات الثقافية والعاطفية التي يتركها التصميم في المتلقي. عند ربط تجربة المستخدم بالاقتصاد المبني على المكان، يصبح التصميم وسيلة لخلق تفاعل حقيقي مع الهوية المحلية، سواء عبر واجهات رقمية تحاكي التراث، أو عبر مسارات معمارية تراعي سردية المكان وتاريخه.

على سبيل المثال، صُمِّم مطار الملك خالد الدولي في الرياض ليجسّد الثقافة العربية والإسلامية، من خلال مسجد سداسي الشكل يتوسط مرافق المطار، تتوسطه قُبة كبيرة نُقِش في محيطها الداخلي أول سبع آيات من سورة الحديد، في إشارة روحانية بصرية تعكس هوية المكان. حتى برج المراقبة، الذي يبلغ ارتفاعه 81 مترًا، صُمم بذات الروح المعمارية، ويتيح رؤية طبيعية بانورامية تمتد حتى أطراف جبال طويق.

تدمج هذه التجربة التصميمية المتكاملة الهوية الثقافية مع القيمة الاقتصادية والسياحية، مما يُعمِّق ارتباط الزوَّار بالمكان، ويحوِّله إلى تجربة ثقافية تعزِّز الانتماء.

فرص وتحديات تعزيز الاقتصاد المبني على المكان

ينما يعزِّز التصميم الهوية المحلية ويُسهم في نمو الاقتصاد المبني على المكان، يواجه هذا النمو عددًا من الفرص والتحديات التي يجب التوازن بينها لضمان استدامة المشروع.

الفرص

التحديات

تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديًا

التوازن بين التجديد والحفاظ على الأصالة

تعزيز السياحة القائمة على الهوية

خطر فقدان العمق الثقافي عند تسويق الهوية

بناء منتجات وخدمات فريدة قادرة على المنافسة عالميًا

الحاجة إلى سياسات تدعم التصميم المحلي وتدمجه في التخطيط الاقتصادي

ختامًا، التصميم في سياق الاقتصاد المبني على المكان يتجاوز المفهوم الجمالي، ليصبح أداة استراتيجية للتنمية المستدامة. من خلال ربط الهوية بالإبداع، يمكن تحويل المجتمعات إلى نماذج اقتصادية مزدهرة تحترم ماضيها وتبتكر لمستقبلها.

 

 

مسك تحديثات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات