نشهد في المملكة العربية السعودية الكثير من القياديين الذين يتحلون بعقلية مرنة تدعم المبادرات التي تفتح الآفاق أمام التطور، ولعل أولها المبادرات التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الذي أسس أرضية كبيرة لتعزيز النمو في كافة المجالات الحياتية على المدى القصير والطويل، وما رؤية 2030 في المملكة إلا أكبر دليل على التمتع بهذه العقلية المرنة والمنفتحة التي نسميها هنا "عقلية النمو".
والشباب السعودي بدوره يثبت يومًا بعد يوم أنه يحتضن عقلية النمو ويتجلى ذلك في نجاحاتهم التي نسمعها بين الحين والآخر. لن نذكر هنا نماذج من هذه النجاحات، بل سنتطرق إلى الأفكار التي جعلتهم ينجحون من خلال التحلي بهذه العقلية.
تحويل التحديات إلى فرص ذهبية
عندما تكون صاحب عقلية مرنة تتقبل الجديد وترمّم القديم، يمكن لعقليتك أن تتطور في كافة البيئات، في حين أن العقلية المضادة للنمو التي تسمى "العقلية الثابتة" أو "المتحجرة" أو "الجامدة" هي التي ترفض الجديد وتضع القديم في قالب مغلق. هنا يمكن أن يحدث الجمود والترهل أو حتى الكسر.
في سعي إلى ترسيخ عقلية النمو، تتحدث الدكتورة الجامايكية راكيل بالمر في كتابها "بناء الشبكات: كيف تطور عقلية النمو؟" عن كيفية نجاحها وسط ظروف قاسية للغاية، حيث حاربت الصعاب لإنهاء دراستها الجامعية، وأصبحت محققة – رغم الرفض والتحديات - في قسم التحقيق في مسرح الجريمة في جامايكا. تؤكد الدكتورة بالمر أنها قدمت تجربتها للقراء لتشجيعهم على أن يكونوا نتاج قراراتهم وليس مواقفهم، وأن ممتلكي عقلية النمو لديهم القوة لإحداث التغيير الذي يسعون إليه، ويعتقدون أنهم قادرون على النجاح في أي شيء يضعونه نصب أعينهم، كما أن نظرتهم إلى الفشل مختلفة، إذ يجدونه فرصة للتعلم والتطور.
هل أنت مرن؟
بعد قراءة هذه الكلمات، ربما تتساءل هل أنا مرن؟ هل أملك عقلية النمو أم أن عقليتي ثابتة يصعب تحريكها من مكانها؟ وهل سأبقى في مكاني ولن أغير من واقعي شيئاً؟ اطمئن وتعرّف على ما تقوله كارول دويك الأستاذة بجامعة ستانفورد عن "عقلية النمو"، إذ توضح أنه بدون شك بإمكان الجميع أن يمتلك عقلية النمو، حتى وإن كان يمتلك الآن عقلية ثابتة. لكن كيف نطورها؟
تطوير عقلية النمو
من أهم الخطوات التي علينا اتباعها للتمتع بعقلية النمو التي تسهّل الحياة أمامنا وتجعل تجربتنا في العيش مغامرة جميلة مليئة بالحكمة والمرونة:
١- عليك أن تفهم أننا جميعًا بشر وأننا غير كاملين وأن التعلم من الأخطاء هو جانب أساسي من الحياة.
٢- عليك مواجهة تحدياتك بجرأة عالية من خلال اعتبارها فرصاً للتعلم، ولا تشعر بالهلع أمامها، بل انظر إليها من الأعلى وتعامل معها بهدوء.
٣- لا شك أن المجهول يحمل الخوف في طياته، لكن من الضروري أن ندرك أن كل شيء بعد المعرفة سهل، بالتالي لا بد من خوض تجارب جديدة بأساليب مختلفة وتطوير مهارات جديدة والتفاعل مع ناس جدد، حينها يمكنك اكتشاف قدرات لم تكن تعرف حتى أنك تمتلكها.
٤- انتبه جيدًا للكلمات التي تقولها ، فقد يكون لها تأثير عميق على نفسك وعلى من حولك. الكلمات والأفكار الإيجابية قادرة على تغيير طريقة تفكيرك إلى الأفضل.
٥- تنمية الذات من خلال مرافقة الناجحين أو متابعة فيديوهات التنمية الذاتية أو قراءة الكتب المتعلقة بها.
٦- من الجيد أن تراعي المعايير الاجتماعية، لكن في أعمالك وأفكارك الملهمة، عليك أن تتحلى بالجرأة وألا تنتظر موافقة الآخرين على خطواتك التي تجدها ناجحة. تعلم أن تثق بنفسك.
٧- طوّر لديك الشعور بهدف معين تعمل على تحقيقه. يمكنك البدء بأهداف صغيرة وستكبر أهدافك مع الأيام.
٨- انظر إلى "العبقرية" بشكل مختلف. فكما يقال "الممارس غلب الفارس". لدينا جميعاً نقاط قوة وضعف. استكشف نقاط قوتك وقدِّرها، واعمل على تحسين نقاط ضعفك.
٩- تقبّل النقد. إذا انفتحت على سماع الاقتراحات والتعليقات من الآخرين، يمكنك بسهولة تطوير عقلية النمو لديك.
١٠- كن واقعياً في خطواتك، وكن مدركاً أن أي تطور لا بدّ أن يمر عبر تحديات وخيبات ومصاعب. بالتالي عليك أن تصبر حتى تنال مرادك.
عند امتلاكنا عقلية النمو، سننظر إلى الأمور من زاوية مختلفة، فلا نعود نرى خيبات الأمل على أنها فشل، بل ننظر إلى كل ذلك في إطار من التحدي والاستمتاع بالتجارب الجديدة التي تساهم في تطويرنا وتقدمنا.