using MiskFoundation.BLL.Custom;

القيادة مهارة وفن

تركي الشثري
تكاد المهارات القيادية تشكّل اليوم شكلًا أساسيًا من أشكال الفنون يمكّن رؤساء الفرق من قيادة هذه الأخيرة باتجاه تحقيق أكبر النجاحات عبر مختلف المجالات. وتسعى هذه المهارات إلى تعزيز روح التعاون والتكيف مع مختلف ظروف الحياة والتواصل الفعال بين الأفراد، ما يدفع بدوره عجلة الابتكار وتحقيق الأهداف المحددة، حتى في وجه أصعب التحديات وأسرع التغيرات المستجدة.
 
 

القيادة ضرورة ومهارة وفن. عندما تخالط الآخرين قد تلحظ تقدماً في أدائهم أو تراجعاً، وهذا وارد وطبيعي، وليس حكماً نهائياً. وإذا كنت في موضع القيادة، لا بدَّ من أن تتصرف حيال ذلك. فالبعض يفضل تأجيل النقد أو التوجيه أو سمّه ما شئت حسب موقعك، وهذا يفاقم الأمور، ويضطر معه القائد أو الأب أو الزوج للصراخ والانفجار يوماً ما، ويضطر معه الملوم لسلوك كافّة السبل الدفاعية وحمل الأمر على المحامل الشخصية. أما البعض الآخر، فيداهم الناس بمشاعره وآرائه بشكل مفاجئ وغير مُنتظر متعللاً بأنه صريح أو لا يجامل ولا يدري أن جزءاً من ذلك يعتبر من قبيل انتهاك المجال الحيوي للآخرين، وخصوصاً في عصرنا الذي اشتدت فيه حساسية الناس وأصبحوا يقدرون الخصوصية ويتوقعون اللطف من كل من يمر بهم كما يقرر أصحاب كتب الذوقيات دائماً. والحل في هذا هو تنظيم التشجيع والتوجيه والنقد والتوقيت المناسب لكل ذلك، مع توخي الصدق الداخلي والعناية الأكيدة بأوضاع الآخرين، فأنت لست رامياً لغير هدف، إنّما تصوب ناحية أهداف عدة:

منها رغبتك في تطوير موظفيك وابتهاجك بنجاحهم، لأنه يعزز نجاحك ونجاح المؤسسة ككل؛ ومنها عنايتك بالمجتمع المهني، فأنت تريده وسطاً صحياً ومتفاعلاً، تديره مجموعة من الناجحين صغاراً وكبارا؛ وبهذا تكتمل حلقة الإيجابية، وتنتفع بكل ما تسديه للناس من توجيه أو غير ذلك.

وفي القيادة، تأكد من أنك تدير الناس لا تدير سلوكهم الخاطئ الأخير فحسب، كما يقال. فنظرتك أوسع من التركيز فحسب على الخطايا وجعلها المبتدأ والمنتهى. واحرص تماماً على توخي الوضوح وعدم جعل الأمور رهنًا للتخمين دائماً. حدد ما تريده من الفريق وأفصح عنه بجلاء وضع له زمناً معلوماً مع تحديد الأدوار مع الحرص على التوافق ما بين الشخص ودوره المناط به، ونبه الفريق أنك ستعلن النتيجة لعمل كل أحد في الوقت المناسب، مع استعراض نقاط التقييم ومعاييره. فمن أجاد أخبره بالتحديد في ما أجاده، ومن قصَّر حدد له مكامن تقصيره، مع التأكيد له أنّه قد تحلى بإيجابيات سابقة ويُنتظر منه تجاوز تقصيره وإعانته عليه وبث روح التشجيع والإنصات والاحترام بين الأعضاء جميعهم. ولكن، هل تعني القيادة التملك؟

القيادة ليست تملكاً

ليس معنى القيادة أن تعلم كل شيء ويكون لك رأي في كل شيء وحل لكل شيء، وليس معنى القيادة أن تقوم بالعمل نيابة عن الجميع أو أن تساعد الجميع في كل شيء، في كل وقت وتحت أي ظرف. بل دع الآخرين يقومون بأعمالهم ويحلون مشاكلهم بأنفسهم ولا تُضَحِّ بأوقاتك وأهدافك وحياتك من أجل أحد. فذلك لن يجعل منك قائداً ناجحاً، ولا تظنّ أنك ستفقد حبهم لك كما تحبهم أنت. فبالعكس عندما ترشد الآخرين وتشرف على بعض الأعمال الهامة وتستمع جيداً لمشاكلهم بنسبة معينة وتساعدهم بعض الشيء وليس بالكامل، فأنت بذلك تقدم لهم أعظم معروف وهو أنك وثقت بهم وأعطيتهم فرصة ليحققوا ذاتهم ونجاحاتهم الخاصة. وحتى في الأعمال المشتركة استمع لجميع الآراء واشرك الآخرين في المسؤولية ووزع المهام بحسب القدرات، بل وتنحَ جانباً في بعض الملفات التي لا تجيدها واسندها كلها لغيرك، هذا إذا كنت قائداً متوازناً. ويقول "كيسي ستينجل" وهو مدير فني في البيسبول: "من السهل أن تجد لاعبين جيدين، لكنّ حملهم على اللعب كفريق قصة أخرى". ويقول ذلك بواقع معاناة واختبار لأحوال أعضاء الفريق الذين احتك بهم وتعامل مع طبائعهم المختلفة والمتناقضة في بعض الأحيان.

والقيادة مهارة وفن وهي ضرورة، وقد يولد القائد قائداً، لكنّ ذلك لا يحصل في كل الأحوال؛ وعلى هذا، فينبغي لمن أراد النجاح المهني والمجتمعي أن يتدرب على هذه المهارة ويتقن هذا الفن كي يقود فريقه نحو النجاح أو يتعامل مع قائد الفريق وباقي الأعضاء باحترافية ومهنية. فلا يهم موقعك، بل المهم ماذا قدمت.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات