using MiskFoundation.BLL.Custom;

رحلة الأمل: من معاناة فردية إلى عطاءات مجتمعية

يستعرض المقال قصة ملهمة عن التحديات التي واجهها أب لطفل مصاب بالتوحد في مدينة شرورة، حيث تحولت معاناته إلى دافع لإنشاء جمعية إسناد لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة. يسلط الضوء على أهمية الوعي المجتمعي، دور العائلة في دعم ذوي الاحتياجات الخاصة، وأثر المبادرات الفردية في إحداث تغيير مجتمعي مستدام. المقال يقدم رسالة أمل لكل والد يواجه تحديات مشابهة، مؤكدًا أن العطاء والالتزام يمكن أن يصنعا فرقًا كبيرًا.
 
 

قبل أعوام طويلة، وبين كثبان شرورة الهادئة عروس الربع الخالي في أقصى جنوب وطننا الحبيب، بدأت قصتي مع الأمل في أكثر اللحظات تحديًا في حياتي. كنت أبًا لطفل جميل، أشرق في حياتي كالشمس، ولكن كان يشع بنوره بطريقته الخاصة. تم تشخيص ابني بالتوحد، ومنذ تلك اللحظة، انطلقت في رحلة بحث مريرة عن بصيص أمل يمكنه أن يُضيء دربنا.   

واجهت في البداية تحديات لا تُحصى؛ غياب الوعي والمعرفة عن التوّحد وسُبل علاجه ، قلة المراكز المتخصصة، والمتخصصين، وغياب الدعم المجتمعي. كنت أتنقل بين المدن وأطرق كل باب أسمع أنه قد يفتح نافذة لطفلي، ولكنني كنت أعود في كثير من الأحيان خالي الوفاض. مع ذلك، كان شعوري كأب ومسؤوليتي تجاه طفلي يحفزانني على عدم الاستسلام.   

**لحظة التحول**   

خلال زياراتي للكثير من المراكز والعيادات المتخصصة خارج شرورة، كنت أراقب الأطفال وهم يتعلمون ويتفاعلون، وأدركت أن الحل ليس في البحث الدائم خارج مدينتي، بل في بناء شيء داخلها. وهنا وُلدت الفكرة.   

عُدت إلى شرورة بنظرة جديدة وأمل عظيم، عاقدًا العزم على تغيير واقع أُسر ذوي الإعاقة في منطقتي. كان الأمر أكبر مني ومن عائلتي، ولكنه كان يستحق كل جهد.   

بداية الطريق:  

بدأت بتجميع كل ما تعلمته من مراكز التأهيل والخبراء، وبدأت بالتواصل مع مختصين وأطباء ومستشارين. كانت الخطوة الأولى هي إنشاء كيان يضمن استمرارية الدعم والرعاية، ليس فقط لابني، ولكن لكل طفل يعاني من الإعاقة. هكذا وُلدت فكرة "جمعية إسناد لرعاية الأشخاص ذوي الإعاقة".   

كان تأسيس الجمعية بمثابة الحلم الذي يتحقق. لم تكن الموارد متوفرة بسهولة، ولم تكن الفكرة مألوفة للكثيرين. ومع ذلك، وجدت أن شرورة مليئة بقلوب نبيلة تريد المساهمة كما حال أبناء هذا الوطن المعطاء، متطوعون بلا مقابل، وأُسر ترغب في الانضمام، وأفراد مستعدون للدعم.   

جمعية إسناد: قصة نجاح جماعية 

ما بدأ كحلم صغير لعائلة، تحول إلى صرح يخدم أكثر من 600 شخص من ذوي الإعاقة. أصبحت جمعية إسناد نموذجًا يُحتذى به في تقديم أفضل البرامج والرعاية المتخصصة، بمرافق مجهزة بأحدث التقنيات، والوسائل، وكوادر مؤهلة تعكس أعلى معايير الإنسانية والمهنية.   

تعمل الجمعية اليوم كعائلة كبيرة، تحتضن الأطفال والكبار على حد سواء، تُقدم التأهيل والتعليم، وترسم الابتسامة على وجوه كانت غارقة في الصمت.   

رسالة إلى كل أب وأم 

من خلال هذه القصة، أود أن أقول لكل من يعيش تحديات مشابهة: لا تستسلموا. أحيانًا تكون المعاناة هي الدافع لأعظم الإنجازات. مع كل تحدٍ يواجهنا، نجد فرصة جديدة لنُحدث فرقًا.   

قصتي لم تكن مجرد رحلة أب وابنه؛ بل رحلة مجتمع بأسره نحو الإنسانية والعطاء 

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات