هو أصل العمل وجوهر نجاحه، هو من يحوّل نقاط الضعف إلى قوة، فالشركات الناجحة التي نسمع عن نموّها الهائل و نجاحاتها المتتالية هي نفسها التي كانت تعامل الموظف كاستثمار وليس كتكلفة.
كيف نستثمر من رحلة حياة الموظف في الشركات الناشئة؟
تعبّر دورة حياة الموظف عن نموذج الموارد البشرية الذي صٌمّم ليراقب ويطوّر الحياة المهنية للموظف، ويبدأ ذلك من اللحظة التي يصبح فيها الموظف المحتمل على معرفة كاملة بالشركة التي يرغب أن يعمل بها ويستمر حتى اليوم الذي يغادر فيه الشركة.
لماذا تعتبر دورة حياة الموظف مهمة؟
الميزة الأكثر أهمية في دورة حياة الموظف هي أنها تدفع الشركات إلى تقييم وتعزيز دور الموظف في كل مرحلة من مراحل عمل الشركة، فكلما كانت تجربة الموظف مع الشركة أفضل زادت احتمالية بقائه فيها، الأمر الذي يزيد من الاحتفاظ بالموظف ويقلل من معدل الدوران والنفقات الخاصة بعمليات التوظيف الجديدة، إضافة إلى أن هذه التجربة سوف تزيد من إنتاجية الشركة وازدهارها وتطورها، فبمجرد استيعاب الشركة لدورة حياة الموظف، يمكنها أن تحافظ على أفضل الموظفين.
المراحل السبع في دورة حياة الموظف وأهم المهارات التي يجب أن يمتلكها الموظف في كل مرحلة:
1- مرحلة الجذب:
وهي المرحلة التي يكتشف فيها مقدم الطلب المحتمل الشركة التي من الممكن أن يعمل فيها، لتبدأ العلاقة بين الشركة والموظف، تبدأ الشركة بمعرفة مهارات وقدرات المتقدم و فحصها ومعاينتها، ومعرفة مدى ملاءمة الموظف للوظيفة المطروحة، يجب على المتقدم في هذه المرحلة أن يمتلك المهارات الكافية عن تخصصه، فضلَا عن مهارات أخرى عملية وعلمية؛ كمهارات الاتصال القوية والتي تمكنه من محاورة وإقناع لجنة المقابلة الوظيفية بكفاءته، كما يمكن للشركات حينها جذب الموظفين من خلال اتباع استراتيجية توظيف فعّالة؛ كتوضيح الوصف الوظيفي، والتعامل بشفافية ولطف مع المتقدم، فقد أثبتت دراسة أقامتها منصة BambooHR أن 83% من الموظفين مروا بتجارب سيئة أثناء التوظيف أو الإعداد لوظائف جديدة.
2- مرحلة التوظيف:
تتضمن هذه المرحلة جميع البرامج التي تمكّن الشركة من تصميم وأتمتة عملية التوظيف، بدءًا من تتبع المتقدمين وفحص ما قبل التوظيف و جدولة المقابلات إلى متابعة المرشحين للوظيفة، واليوم هناك الكثير من البرامج التي توفرها بعض الشركات في المملكة والتي تبسط من عملية التوظيف وتساعد في جذب أفضل المواهب، كما يجب على المتقدم في هذه المرحلة أن يمتلك مهارات كافية تؤهله للعمل، مثل مهارات إدارة الوقت ومهارات التكيف والتعاون ومهارة القدرة على إلهام الآخرين وروح المبادرة وغيرها من المهارات الأخرى.
3- مرحلة الإعداد:
وهي المرحلة التي يكون فيها الموظف قد قبل عرض الانضمام للشركة، وحينها يتم تزويده بالأدوات التي يحتاجها في بيئة عمله من أجل العمل بشكل أكثر كفاءة واندماج حتى يتعرف الموظف على ثقافة الشركة وهويتها ورؤيتها وواجباته الوظيفية. ويجب على الموظف في هذه المرحلة أن يمتلك مهارات أساسية مثل مهارة الحوار مع زملاء العمل، ومهارة الانفتاح على الأفكار الجديدة و المرونة وتقبل النقد، إضافة لمهارة التعرف على مشكلات العمل ووضع الحلول المثالية لها، فضلًا عن مهارات تحديد المهام والمسؤوليات.
4- مرحلة التطوير:
تتضمن هذه المرحلة التطوير المهني للموظف، بما في ذلك مراجعات الأداء ومتابعة التعليقات، حيث تساعد هذه الأشياء في معرفة ما يحفز الموظف على العمل مع فهم مدى جودة أدائه مقابل أهدافه، يحتاج الموظف في هذه المرحلة إلى مهارات التطوير المهني وامتلاك أدوات تدريبية كافية؛ كحضور الدورات التدريبية والندوات والورش العملية ومتابعة كل جديد عن تخصصه، لأن جميع الشركات اليوم تسعى إلى تعزيز العلامة الشخصية للموظف تمامًا كما تعزز من علامتها التجارية أمام عملائها، فقد قال الرئيس التنفيذي لشركة AHC أمبر هيردل:
"فريقك لا يفهم العلامة التجارية للشركة فحسب، بل يفهم أيضًا علامته التجارية الشخصية"
5- مرحلة الحفظ:
بمجرد دمج الموظف في الشركة والحصول على فهم سليم لدوره، فإن التحدي الآن هو الاحتفاظ بهذا الموظف وضمان تطوره ودعمه، حيث يعتبر التقييم المستمر مع التدريب من الأمور المهمة في هذه المرحلة، فالاحتفاظ بموظف مجرب وخبير يمتلك مهارات التواصل والتنظيم والذكاء العاطفي أفضل بكثير من الحصول على موظف جديد، وفي هذه المرحلة يستخدم قسم الموارد البشرية في الشركات برامج متعددة لإدارة المواهب ثم فرزها من أجل الترقية، لذا نعم قد يفوز الموهوب بالمباريات ولكن الذي يفوز بالبطولات هو الذكي والخبير وصاحب التجارب.
6- مرحلة الانتهاء:
من الأشياء اللطيفة التي قالها يومًا مارك زوكربيرج ناصحًا الشركات: "عامل الموظف بشكل صحيح، حتى لا يستخدم الإنترنت الخاص بك للبحث عن وظائف جديدة"، تحدث هذه المرحلة عندما يترك الموظف شركته بسبب العروض الجديدة التي قد تصله من شركات أخرى أو ربما لأسباب ثانية، لذا في كل الأحوال يجب على قسم الموارد البشرية في هذه المرحلة التمسك بالموظف ومعرفة الأسباب وراء خروجه، وفي حال إصراره على الخروج فيجب اتباع الإجراءات والوثائق المعهودة في عملية خروجه من الشركة، عادة ما يطلب هذا القسم من هذا الموظف تعليقاته عن العمل والزملاء؛ كونها تساعد في معرفة قدرات كل الموظفين مما يساهم في الاحتفاظ الممكن على الموظف الأكفأ، وعلى الموظف هنا أن يدرك ماذا يعني الخروج من بيئة العمل الحالية؟ وقبل أن يفكر بالخروج يجب أن يمتلك حزمة كافية من المهارات والخبرات والدورات، فهذه الأشياء هي من ستخلق له الكثير من الفرص المثالية للعمل في أي شركة.
7- مرحلة الدعم:
تركز هذه المرحلة الأخيرة على العلاقة الطيبة بين الشركة والموظف بعد مغادرته الشركة، حيث من المرجح أن يوصي الموظف السابق الآخرين بتجربته الإيجابية عن الشركة، كما أن الموظف السابق غير السعيد يمكن أن يضر بسمعة الشركة، لذا على الشركات أن تركز على بناء أفضل تجربة ممكنة مع الموظف في بيئة العمل، وعلى الموظف أيضًا أن يبني سجلًا مهنيًا لا يخلو من علاقات العمل ومهارات السعي للنمو.
إذًا تأتي أهمية دورة حياة الموظف بكونها تزيد من الاحتفاظ بالمواهب وتعزز سمعة الشركة، كما تساعد الموظف على التكيف مع التغيير، كما أن مراحل هذه الدورة إن تعاملت معها الشركات بذكاء، من الممكن أن تصنع من الموظف موظفًا لا مثيل له في قدراته ومواهبه.
وأخيرًا ولأن الفرص الإنتاجية للشركات لا تحدث صدفة بل هي من تقوم باختيارها، على كل شركة أن تتعامل مع الموظف الموهوب تمامًا كما تريد منه أن يتعامل مع أفضل عميل لديها، فقد كشف شركة Elevatus عن دراسة شملت 600,000 شخص بينت أن الشخص الموهوب هو أكثر إنتاجية من غيره بنسبة 400 % من متوسط الموظفين.