العمل مع الصناديق المؤسسية العالمية لرأس المال الجريء

دليلك لتأمين استثمار عالمي
في هذه المقالة سنتطرق لأهمية تحديد الشركاء المناسبين والأشخاص الداعمين ضمن الشركة، بالإضافة إلى أهمية فهم أهداف المؤسسة، وطريقة تحديد عرضك الأوّلي. وبالتالي، ستتعلم عدد من الأدوات والخطوات التي يمكنك استخدامها للحصول على استثمار من شركات كبرى عالمية أو من شركات استثمارية، وهي استراتيجيات يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا عند السعي للحصول على استثمار من الصناديق المؤسسية لرأس المال الجريء (CVC).

عندما تكون رائد أعمال يسعى إلى توسيع نطاق شركته والانتقال بها إلى المستوى التالي، قد تفكّر في العمل مع شركات كبرى بهدف عقد شراكات استثمارية واستراتيجية معها. في المقابل، يستثمر عدد كبير من الشركات في الابتكار من خلال جهود داخلية مثل البحث والتطوير، وأخرى خارجية، من أجل تحديد شراكات استراتيجية وبنائها مع الشركات الناشئة. وتتمثّل إحدى مقاربات بناء الشراكات الاستراتيجية في الاستثمار في الشركات الناشئة من خلال الصناديق المؤسسية لرأس المال الجريء (Corporate Venture Capital) أو أقسام الابتكار. من هي إذن هذه الشركات الكبرى؟ حدّدت "جلوبل كوربورت فنتشورنج" (Global Corporate Venturing) نحو 6200 شركة كبرى استثمرت في الشركات الناشئة منذ عام 2011، وحددت "سي بي إنسايتس" (CB Insights) تشكيل ما يصل إلى 221 صندوقًا مؤسسيًا للاستثمار الجريء.

دور الصناديق المؤسّسية لرأس المال الجريء في المملكة العربية السعودية

شهدت المملكة العربية السعودية في السنوات القليلة الماضية ازدهارًا في قطاع الصناديق المؤسسية لرأس المال الجريء (CVC)، وأنشأ عدد من الشركات الكبرى أذرعها الاستثمارية المؤسسية الأولى لمهام استراتيجية ومالية بهدف الاستثمار في فرص النموّ الهائلة في المنطقة. شركات الاستثمار مثل "إس تي في فينشرز" (STV Ventures) المدعومة من "شركات الاتصالات السعودية" (STC)، و"إم بي سي فنتشرز" (MBC Ventures) المدعومة من "مجموعة إم بي سي" (MBC Group)، و"أرامكو السعودية لمشاريع الطاقة" (Saudi Aramco Energy Ventures) المدعومة من شركة "أرامكو"، خطت خطواتها الأولى لتأسيس منظومة صناديق مؤسّسية لرأس المال الجريء في المملكة، مما يعتبر إشارة كبيرة على مستقبل رائع لريادة الأعمال والشركات الناشئة في المملكة، لا سيما وأنّ هذه الصناديق تعدّ محرّكًا قويًا لمنظومة الابتكار في البلاد. من المهم للشركات الكبرى الأخرى أن تسير في هذه الاتّجاه، فالصناديق المؤسّسسية تلعب دورًا محوريًا في دعم الشركات الناشئة عبر توفير رأس المال وكذلك عبر تمهيد الطريق أمام المنتجات الجديدة للدخول إلى السوق وإثبات مفهومها. بينما تستكشف هذه الخيارات في المقالة، سنشاركك رؤى وخلاصات تساعدك على خوض غمار الاستثمار الجريء والصناديق المؤسّسية.

تحديد الشركاء المناسبين

كيف تعرف مع مَن تتعامل من الصناديق المؤسّسية لرأس المال الجريء والتي باتت تتوفّر بكثرة؟ نشأ معظم مجموعات الصناديق المؤسّسية لتحقيق أهداف محددة، بحيث قد تركّز على صناعة معيّنة أو قطاع معيّن أو إحدى التقنيات أو إحدى المناطق الجغرافية، أو أيّ شيء آخر. تتمثّل الطريقة الأفضل للبداية في معرفة ما إذا كان الصندوق يمتلك موقعًا إلكترونيًا، فالموقع الإلكتروني الجيّد هو الذي يخبرك عن مفهوم الشركة للتمويل، والمجالات التي تستثمر فيها، والمراحل التي تستهدفها، وطريقة التواصل معها. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي لك الاطّلاع على مواقعها الإلكترونية الأخرى وصفحات شركة الاستثمار على وسائل التواصل لتحديد ما إذا كانت تناسب شركتك.

على سبيل المثال، أوّل ما يطالعك على موقع "سيلزفورس فينشرز" (Salesforce Venture's) هو شعار "نستثمر في الشركات السحابية بنسبة 100%"، أمّا عبارتهم الأولى فهي "نحن الذراع الاستثمارية لشركة سيلزفورس التي تركّز على إنشاء أكبر منظومة للشركات السحابية المؤسسية في العالم. أبرمنا منذ العام 2009 شراكات مع أكثر من 400 شركة تقنية ناشئة وساعدنا في تسريع نموها".

بصفتك رائد أعمال تسعى إلى الحصول على رأس مال استراتيجي من هذه الـ CVC، ادرس الأمر جيدًا وحدّد الشركات التي تتلاءم أكثر مع شركتك الناشئة من أجل زيادة حظوظك في إنجاح المقابلة الأولى.

معظم صناديق الـCVC تبحث عن عوائد مالية وأخرى استراتيجية

تسعى صناديق الـ CVC، مثل شركات الاستثمار الجريء، إلى الاستثمار في الشركات التي يمكنها تحقيق عوائد مالية جيدة. ولكنّ الكثير منها، بعكس شركات الاستثمار الجريء، تضيف عاملًا آخر هو العوائد الاستراتيجية، وهي عوائد تختلف بين شركة وأخرى ويختلف قياسها بين شركة وأخرى.

عندما ننظر إلى الموقع الإلكتروني لصندوق "إنتل كابيتال" (Intel Capital)، سنجد أنّ شعارهم يتحدث عن "الاستثمار في مستقبل الحوسبة"، كما يشير إلى أنّ "إنتل كابيتال في موقع يسمح لها بالمساعدة في بناء شركات المستقبل. يتحلّى فريقنا بمعرفة عميقة في القطاع ويستفيد من موارد شركة إنتل لمساعدة الشركات في سعيها نحو تحقيق النجاح".

يلفت الشعار إلى أنّهم يدعمون الشركات الناشئة التي تطوّر التقنيات مثل المنتجات والخدمات التي تعزّز مستقبل الحوسبة. فبالإضافة إلى الموظفين الموهوبين في "إنتل"، قد يكون العائد الاستراتيجي الذي يوفره الصندوق هو دعم قدرات محفظة "إنتل" في تسريع تبني منتجاتها للحوسبة عالية الأداء في أسواق جديدة، وقد لا يكون لمنتجات "إنتل" علاقة بدعم الشركات ضمن محفظتها. سيستمرّ مفهوم العوائد الاستراتيجية بالتطوّر مع تطوّر التقنيات وتغيّر الأسواق، وبالتالي، من المهم معرفة وفهم ولويات الصناديق المؤسسية لرأس المال الجريء.

تحديد عرضك الأوّلي وصياغته

التعامل مع صناديق الـCVC يشبه التعامل مع المستثمر الجريء إلى حدٍّ كبير. احرص على التواصل للمرة الأولى مع شركات الاستثمار بعد إجراء بحث معمق عن مفهوم الشركة ورؤيتها وأهدافها، وشارك في المؤتمرات والفعاليات لكي تتعرّف الشركات عليك. بعد دراسة الصناديق وفهمهم بصورة جيدة، وفهم كيفية التفاعل معهم، كيف ستقدّم لهم عرضك الأولي؟ هل يختلف الأمر عن الاجتماع بشركات الاستثمار الجريء؟ لا جواب محدّدًا، للأسف، ولكن يمكنك التعامل مع الأمر كما لو أنّك تقدّم عرضًا أوليًا لشركة استثمار جريء. احرص على إتقان القصة التي ستخبرهم بها، وادرس شركتك جيدًا، وأثبت أنّك مستعدّ للسوق، وجهّز بياناتك المالية ومؤشرات الأداء الرئيسية (KPIs). قد ينجم الاختلاف عمّا يريده الأشخاص الذين يكونون في الاجتماع؛ هل يوجد شخص من خلفية تقنية؟ أو شخص من خلفية تجارية يعرف السوق أو يعرف قاعدة العملاء فيه؟ يمكن أن يكون هؤلاء ملمّين بشكل كبير بالمشكلة التي تريد معالجتها، أو قد يمتلكون خبرة تقنية كبيرة أو خبرة عميقة في السوق. ولذلك، ينبغي لعرضك الأوّلي أن يقنعهم بأنّ شركتك تمتلك الخبرات الإمكانات الكافية التي لا يمتلكونها هم. وبالتالي، اشرح كيف يمكن للحلّ الذي تعرضه أن يكون متكاملًا وداعمًا لما يقدّمونه، وأوضِح كيف يمكنك إثبات نفسك في سوق لا يمتلك فيه منتجك أو خدمتك شعبية كبيرة. في النهاية، أيًّا تكن القدرات التي تمتلكها، يمكن لبضع شرائح العرض المتناسقة أن تساعد في توضيح القيمة الاستراتيجية التي تمتلكها.

…وفي حال تمّ رفضك، هل ينتهي الأمر؟

قد تكون مستعدًّا بما فيه الكفاية، وأعددتَ عرضًا أوّليًا متماسكًا، وجهّزتَ نفسك ذهنيًا للإجابة عن أيّ سؤال صعب؛ وبعد اجتماعك الأول، وتقديم عرضك الأوّلي، تشعر بالحماس وتظنّ بانّك نجحت في الأمر، ثمّ يصل إلى بريدك الإكتروني رسالة بالرفض!

هل ينتهي الأمر عند هذه النقطة؟ ربّما يكون كذلك من منظور استثماري (في الوقت الحالي)، وربّما لم يكن الفريق الآخر مستعدًّا لتواصلك معهم في هذا التوقيت، أو ربّما جئت إليهم في وقت مبكر بعض الشيء. ربّما أرادوا أن يروا أنّ منتجك أو خدمتك تتمتّع ببعض الشعبية والرواج، وربّما لم يفهموا عليك ببساطة. مهما كان السبب، تذكّر أنّ بعض الشركات الكبرى توظّف عددًا كبيرًا من الموظفين، وأنّه يمكن أن يكون فيها فرق أخرى تهتمّ بالحلّ الذي تقدّمه. في حال كانت جهات اتّصالك مع الشركة داعمة لك، هل يمكن أن يساعدوك في التواصل مع فرق أخرى داخل الشركة؟ حتّى في ظلّ غياب أيّ داعم لك، هل يمكن أن تحدّد الفرق التي يمكن أن تتواصل معها ضمن الشركة؟ بعد امتلاكك معرفة أكبر بعرض القيمة الذي يتناسب مع هذه المؤسّسة، هل يمكنك الاستمرار بعلاقتك مع جهات الاتّصال هذه؟ الاحتفاظ بصِلات وعلاقات مع صناديق الـCVC، والفرَق التي يمكنك أن تتواصل معها ضمن الشركة، قد يكون لصالحك. واظِب على إرسال آخر الأخبار عن رواج منتجك أو خدمتك، فمع بروز توجّهات جديدة ستتغيّر وتتطوّر أولويات الصناديق وكذلك أولويات الفرق ضمن الشركات، ممّا قد يجعلهم يهتمون بما تقدّمه في مرحلة لاحقة.

استعرضنا في هذه المقالة أهمية تحديد الشركاء المناسبين والأشخاص الداعمين ضمن الشركة، بالإضافة إلى أهمية فهم أهداف المؤسسة، وطريقة تحديد عرضك الأوّلي. وبالتالي، أصبح لديك عدد من الأدوات والخطوات في جعبتك من التي يمكنك استخدامها للحصول على استثمار من شركات كبرى عالمية أو من شركات استثمارية، وهي استراتيجيات يمكن أن تلعب دورًا حاسمًا عند السعي للحصول على استثمار من الصناديق المؤسسية لرأس المال الجريء (CVC).

المؤلف
الشريك السابق في "ياماها فنتشرز" (Yamaha Ventures) و"أورانج سيليكون فالي" (Orange Silicon Valley)
logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات