using MiskFoundation.BLL.Custom;

معنى أن تكون فضوليًا؟

نتعرّف في هذه المقالة على صفة "الفضول" وكيفية تأثيرها الإيجابي على المعرفة والتعلّم والتطور المهني والشخصي وتسلط الضوء على أهمية طرح الأسئلة في اكتساب المهارات وتحقيق النجاح في الحياة العلمية والعملية.
 
 

هل تتذكر المرة الأولى التي سألك فيها زميلك الجديد في العمل وبعد الإجابة الأولى تنهل العديد من الأسئلة والتساؤلات المتتالية بحثًا عن المعرفة والتعلّم؟ عادةً يتم وصف هؤلاء الأشخاص "بالفضوليين" وهذه صفة إيجابية طالما أن الأسئلة تتمحور حول أمور عدة في حياتك كالعمل والمعرفة والاستكشاف وغيرها الكثير ومعرفة آلية تنفيذ المهام. فلا يمكن للشخص أن يتعلم أو حتى أن يتطوّر في مساره الوظيفي دون أن يسأل أو أن يكون فضوليًا.

وفي هذه الإضاءة سنتعرّف أكثر على صفة "الفضول" وعلاقتها بازدهار المعرفة والتعلّم والنجاح في الحياة الشخصية والمهنية.

وقبل أن نبدأ بالحديث عن الفضول سنتكلم عن حادثة حقيقية توضح لنا أهمية هذه الصفة لدى الأفراد وكيف يمكن لها أن تفتح لهم آفاق واسعة ونجاحات لم يكن لها أن تحقق دون توفيق الله وامتلاك تلك الصفة الباعثة على توسع التساؤلات.

في أحد الأيام ذهبت فتاة مع والديها إلى أحد الصحاري في المملكة العربية السعودية وتحديدًا في مدينة "عنيزة" وبعد حلول الظلام بدأت النجوم تنير السماء بألوانها الجذابة واستمرت هذه الطفلة الصغيرة بالنظر إلى السماء وهي تمتلك مئات التساؤلات حول هذه النجوم. كيف لها أن تنير وهي بعيده؟ ولماذا أحجامها تختلف؟ ولماذا لا تسقط علينا؟ وكيف يمكن لنا أن نلمسها؟ استمرت هذه التساؤلات لسنوات وكبرت هذه الطفلة وكبرت معها أحلامها وشغفها حول النجوم واليوم هي تعتبر أول مهندسة صواريخ ومراكب فضائية في دول مجلس التعاون الخليجي.

هذه الطفلة هي: المهندسة السعودية مشاعل الشميمري.

أحيانًا يقودنا الفضول إلى وجهات جديدة ومختلفة قد لا نتوقعها، يساعدنا على اكتشاف أنفسنا والتعرف أكثر على اهتماماتنا ورغباتنا الشخصية وهذا ما يجعل الشخصيات الفضولية أكثر نجاحًا من غيرهم ليس بسبب ذكائهم أو قدراتهم الخاصة، إنما بسبب رغبتهم الملحة على فهم الأشياء من حولهم. هناك الكثير من القصص الملهمة حول الفضول وتأثيره الإيجابي على الشخصيات القيادية؛ لذلك من المهم أن نتعرف هذا النوع من الفضول وهو الفضول الإيجابي.

ما هو الفضول الإيجابي؟

يمكن تعريف الفضول الإيجابي بأنها الرغبة في التعلم والبحث والاستكشاف بهدف النمو والتطور الشخصي، وعلى الرغم من أهمية الفضول إلا أنه من المهم معرفة أن الأشخاص قد لا يفضلون دائمًا الإجابة على الأسئلة وتحديدًا تلك الأسئلة التي لا يملكون لها إجابات، لذلك حاول أن تكون فضوليًا ليس فقط بالسؤال، ولكن حتى بالبحث. حاول أن تسعى وتبحث عن المعرفة بنفسك واسأل الآخرين عندما تحتاج إلى مساعدة في ذلك.

كما أن للفضول أيضًا نوعًا سلبيًا، حيث إن الأسئلة الخاصة أو المحرجة أحيانًا ستكون منفرة وتجعل الآخرين يتجنبون الحديث إلينا، لذلك من المهم معرفة الحدود مع الشخص المقابل وأن تكون الأسئلة بنطاق تلك الحدود التي تحددها علاقاتنا مع الأشخاص من حولنا.

ولا ينتهي الفضول عند هذا الحد فهناك مجموعة أنواع للفضول، نستعرض أبرزها:

أنواع الفضول الثمانية:

أ. الفضول المتنوع

وهي الرغبة في المواكبة والاستمرار بالاستكشاف والاطلاع على التحديثات الجديدة. يمكن للفضول المتنوع أن يدفعنا للبحث عن فرص جديدة وزيارة الأماكن غير المألوفة بهدف الاستكشاف. وكثيرًا ما يتم تحفيز هذا النوع من الفضول من خلال روح المغامرة والرغبة في تجربة أشياء جديدة. كما يمكن تعزيز الفضول المتنوع من خلال تجربة أنشطة أو هوايات جديدة، أو السفر إلى مدينة أو بلد جديد، أو التعرف على موضوع أو مجال غير مألوف بالنسبة لنا.

ب. الفضول المعرفي

يرتبط الفضول المعرفي بالرغبة في الحصول على معلومات مفيدة وتنمية بعض الاهتمامات الشخصية. وهو ما يحفزنا على طرح الأسئلة والبحث عن أجوبة لهذه الاهتمامات أو الموضوعات التي تشكل جزء من شخصية الفرد وكثيراً ما يركز هذا النوع من الفضول على موضوع أو مجال دراسي معين.

تشمل أمثلة الفضول المعرفي الرغبة في معرفة المزيد عن موضوع معين، أو طرح أسئلة حول كيفية عمل شيء ما، أو التساؤلات حول أسباب وجود ذلك الشيء.

ج. الفضول العاطفي

أنه الحاجة إلى التقرّب العاطفي والشعور بالرحمة تجاه مشاعر الآخرين والرغبة في استكشاف الشخصيات والتعرف عليها. الفضول العاطفي هو ما يجعلنا نتساءل عن أفكار أو تجارب شخص آخر، ويهدف في كثير من الأحيان إلى الكشف عن مزيد من المعلومات حول الموضوع معين متعلق أكثر بالمشاعر والأحاسيس والشخصيات.

وتشمل أمثلة الفضول العاطفي الرغبة في معرفة المزيد عن مشاعر شخص ما وأفكاره، أو السؤال عن تجاربهم الحياتية، أو محاولة فهم وجهات نظرهم وآرائهم.

د- الفضول الجمالي

وهي الرغبة في ملاحظة الجمال والفن والإبداع من حولنا وهذا ما يغذي هذا النوع من الفضول. عادةً يلهمنا الفضول الجمالي بالحب والاستكشاف وتقدير الفنون والبحث عن تجارب ممتعة تتعلق أكثر بالجمال والطبيعة والأعمال الإبداعية.

ويمكن أن يتخذ الفضول الجمالي أشكالًا عديدة، مثل تقدير قطعة فنية، أو البحث عن تجارب جديدة وجميلة، أو الاستمتاع بالطبيعة والمناظر الجميلة من حولنا.

هـ. الفضول الديني

يركز الفضول الديني بالاهتمام والرغبة في الفهم ومعرفة المزيد عن الممارسات والمعتقدات الروحانية أو الدينية، وهو ما يدفعنا إلى التأمل في قضايا الإيمان والبحث عن اللقاءات الروحانية.

وتشمل أمثلة الفضول الديني في البحث في التاريخ الإسلامي والرغبة في تعلم الثقافة الدينية، وطرح أسئلة حول الأديان والمعتقدات الأخرى، والبحث عن الممارسات والتجارب الروحانية.

و - الفضول العملي

وهو الرغبة في اكتساب مهارات أو خبرات جديدة من شأنها أن تكون مفيدة في الحياة اليومية، ويركز بشكل متكرر على البحث في حل المشكلات والتطبيق العملي للحلول الإبداعية والابتكارية.

وتشمل أمثلة الفضول العملي تعلم هواية جديدة، أو البحث عن معلومات حول كيفية إصلاح شيء ما، أو البحث عن أفضل السلع أو الخدمات لحاجة معينة.

ز. الفضول الوجودي

إن الفضول الوجودي يتمحور حول معنى الحياة والغرض منها وهذا ما يغذي وينمي هذا النوع من الفضول، ويركز في كثير من الأحيان على "الأسئلة العميقة" المتعلقة بالحياة وطبيعة الواقع.

وتشمل أمثلة الفضول الوجودي التفكير في "الأسئلة الكبيرة" حول الغرض من الحياة، أو البحث عن تفسيرات لطبيعة الواقع، أو التحقيق في الأفكار الفلسفية والروحية.

مثل:

ما هدفي من العيش؟

كيف سأعيش حياة أفضل؟

كيف أحسن من عملي؟

كيف صنعت الأجهزة؟

هذه الأسئلة الفضولية ستحسن من نوعية حياتك على كل المستويات، اختر الأسئلة الإيجابية منها ولا تتجه بك إلى السلبي والمقلق منها.

ح. الفضول الحسي

يعتبر الفضول الحسي هو الرغبة في تجربة الحواس الخمسة والتعرف عليها مثل الذوق واللمس والشم وغيرها من الحواس الخمسة التي ترتبط بشكل مباشر بالفضول الحسي. ويركز بشكل متكرر على التعلم والإدراك واستكشاف العالم من خلال الحواس.

وتشمل أمثلة الفضول الحسي استكشاف نكهات ومأكولات جديدة، واستخدام الحواس الخمسة لاستكشاف بيئات جديدة، وخوض التجارب الحسية مثل الواقع الافتراضي أو الألعاب التفاعلية.

المصدر:  Mindful Engineer

كيف نصبح فضوليين؟

ولأن الفضول صفة مهمة وفعّالة في تحقيق النجاح والتفوق، يمكن العمل على تطويرها ورفع معدل الفضول إليك من خلال عدة طرق. وهنا 4 أساليب تساعدك بأن تكون أكثر فضولًا في طلب العلم والمعرفة:

  1. اسأل: يعتبر السؤال واحد من أهم الأساليب لطلب المعرفة فلا يمكن أن تتعلم أو أن تتطور دون أن تسأل، حتى في عملية البحث أنت تحتاج إلى سؤال لتحصل على إجابة، لذلك لا تخجل من السؤال فهو مفتاح العلم والمعرفة.
  2. علّم: يعتبر التعليم أيضًا أحد الطرق لزيادة الفضول لدى الأشخاص فحتى تصبح معلم جيد عليك أن تكون مطلّع وعلى معرفة تامة في مجالك وهذا سيعزز من الفضول لديك.
  3. استكشف: كن منفتح على العالم وحاول أن تستكشف المحيط من حولك، اتجه إلى الأشياء الجديدة وحاول أن تعرف وتدرك هذه التغيرات، حاول أن تتساءل حول سبب وجودها وأهدافها وكيف يمكن الاستفادة منها.
  4. اخرج: الخروج من منطقة الراحة ليس جيد لرفع مستوى الفضول فقط، ولكن حتى في تحقيق النجاحات فلا يمكن أن تتحسن أو أن تتطور دون أن تخرج من منطقة راحتك أو أن تسعى إلى تجربة أشياء جديدة تلهمك وتعزز هذا الشعور بداخلك.

وفي نهاية هذه الإضاءة حاول أن تكتشف نوع الفضول الذي تنتمي إليه، ذكر نفسك دائمًا بأن الشخصيات الناجحة ليسوا إلا عبارة عن "خبرات وتجارب متراكمة" ظهرت لنا على هيئة رواد أعمال ناجحين أو أصحاب مشاريع مميزين أو حتى قصص مٌلهمة نرويها على الأجيال القادمة، ولكن لا أحد منهم ولد بهذه الصفات البراقة أو كسبها من العدم فجميعهم كانوا محصلة لتجارب لم تنجح، وخطط لم تتكمل، وسباقات لم تنته بعد. لذلك حاول أن تستمر بالتعلّم وأن تطور مهاراتك العلمية والمعرفية لتكون واحدًا منهم.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات