using MiskFoundation.BLL.Custom;

عام جديد بدون أهداف

تركز هذه المقالة على قوة العادات اليومية في تحقيق النجاح والإبداع، وتوضّح كيف يمكن للعادات الصغيرة والمستدامة أن تكون أساساً لبناء مستقبل مميز.
 
 

تخيل أن تبدأ العام الجديد 2025 دون قائمة طويلة من الأهداف؟ لا تحدد عدد الكتب التي ستقرأها، أو الكيلومترات التي ستقطعها جريًا، أو المشاريع التي ستبدأ فيها، وبدلاً من تحديد مثل هذه الأهداف التي تضعها كل سنة، تركز على بناء عادات صغيرة مستدامة وقابلة للتطبيق يمكن العمل عليها في حياتك اليومية. عادات بسيطة لكنها قادرة على تغيير مسار حياتك بشكل إيجابي. عادات لا تضغط عليك لتحقيق نتائج محددة خلال فترة قصيرة، بل تقدّم لك فرصة للتحسن التدريجي والذي لا ينتهي بانتهاء العام بل يستمر لسنوات طويلة.

وفي هذه الإضاءة سنتكلم عن ماذا لو بدأنا العام الجديد بدون أهداف؟

ما الفرق بين الأهداف والعادات؟

في البداية، من المهم توضيح الفرق بينهما. فالأهداف هي النتائج النهائية التي ترغب في تحقيقها، مثل إطلاق مشروع جديد أو تحقيق دخل معين أو غيرها من الأمثلة التي ترتبط بالنتيجة. أما العادات فهي التصرفات والأفعال اليومية التي تقوم بها باستمرار مثل قراءة مقالات يوميًا أو تخصيص وقت معيّن للتفكير الإبداعي وممارسة التأمل وغيرها من الممارسات اليومية. التحدي مع الأهداف أنها تعتمد على النتائج النهائية، بينما العادات تركز على العملية، مما يجعلها أكثر استدامة.

على سبيل المثال، إذا كان هدفك هو قراءة 12 كتابًا في السنة، يمكن أن تصاب بالإحباط إذا لم تحقق هذا الهدف بحلول نهاية العام أو من الممكن أن تقوم بقراءة 12 كتاب ولكن بسرعة ودون تركيز لتحقيق الهدف النهائي وهو قراءة 12 كتاب. ولكن إذا ركزت على عادة القراءة اليومية، ستلاحظ أن النتيجة تتحقق تلقائياً دون ضغط أو توتر فيكون تركيزك هنا على بناء عادة "القراءة" بغض النظر عن عدد الكتب، فيمكن أن تقرأ مقالات رقمية أو تستمع إلى كتب صوتية أو غيرها من الطرق فيتحول الهدف إلى عادة ممتعة نقوم بها "لأننا نستمتع بممارستها" وليس لأننا مطالبين بتحقيقها.

كيف تبدأ بعادات صغيرة؟

البداية دائمًا هي الجزء الأصعب عند محاولة تغيير نمط حياتك أو إضافة عادات جديدة، والسبب في ذلك يعود إلى أننا غالبًا نميل إلى الحماس الشديد في البدايات، مما يدفعنا إلى وضع خطط معقدة وصعبة وأهداف غير منطقية أحيانًا، فنشعر بالإرهاق بسرعة ونتخلّى عن الهدف، وهنا تأتي أهمية التركيز على العادات اليومية الصغيرة، حيث أن الفكرة ليست في القيام بتغيير جذري خلال يوم وليلة، ولكن في إدخال تغييرات بسيطة قابلة للتنفيذ بكل سهولة.

على سبيل المثال، إذا كنت تريد تحسين لياقتك البدنية، لا تبدأ بخطة تدريب شاقة تستغرق ساعات يوميًا مع جدول غذائي صارم، ولكن إلتزم بعادة بسيطة مثل ممارسة رياضة المشي لمدة 10 دقائق يومياً. ويمكن أن يكون هذا الوقت قصير وغير مؤثر، لكن مع مرور الوقت، ستجد نفسك تزيد من مدته بشكل طبيعي دون ضغط. المهم هو أن تبدأ بما يمكنك الالتزام به دون شعور بالثقل أو الحاجة إلى تحفيز خارجي.

ولجعل هذه العادات جزءاً من روتينك اليومي، يمكنك الاستفادة من تقنية تُعرف بـ "تراكم العادات"Habit Stacking ، هذه التقنية تعتمد على ربط العادة الجديدة بعادة قائمة بالفعل في حياتك، فعلى سبيل المثال، إذا كنت تبدأ يومك عادة بشرب القهوة، يمكنك إضافة عادة جديدة مثل قراءة صفحة واحدة من كتابك المفضل أثناء شرب القهوة، بهذه الطريقة، لن تحتاج إلى تخصيص وقت إضافي للقراءة، وستربطه مع نشاط آخر تحبه وتسعى لتطويره.

فيما يلي ستجد ورقة لتتبع العادات الشهرية، ابدأ الآن في تسجيل جميع العادات الإيجابية التي تود تعملها:

اضغط هنا لتحميل الورقة وابدأ في تتبع عاداتك

مع مرور الوقت، ستجد أن هذه العادة أصبحت جزءاً من روتينك اليومي دون أي إرهاق أو حتى ضغط نفسي، وكلما شعرت بالراحة مع العادة الجديدة، يمكنك زيادة التحدي تدريجياً. إذا بدأت بقراءة صفحة واحدة، قد تجد نفسك تقرأ 5 صفحات ثم 10 مع الوقت، وإذا بدأت بـ10 دقائق من التمارين، قد تتطور هذه المدة لتصل إلى نصف ساعة أو أكثر.

كيف تبني عادات تعزز الإبداع والنجاح؟

1- ابدأ بتدوين أفكارك يومياً

تحويل التدوين لعادة يومية هو أحد أفضل الطرق لتحفيز الإبداع، خصص 10 دقائق يومياً لتدوين أفكارك بحرية، سواء كانت حلولاً لمشكلة تواجهها أو ملاحظات حول موضوع يثير اهتمامك. لا تركز على جودة الأفكار في البداية، لأن الهدف هو تدريب عقلك على التعبير والتفكير المفتوح. هذه العادة اليومية تساعدك على تجاوز الحواجز الذهنية وفتح آفاق جديدة للإبداع.

2- تقليل العادات السلبية واستبدالها بما يعزز الإبداع

بدلاً من قضاء وقت طويل على عادات سلبية مثل قضاء وقت طويل على وسائل التواصل الاجتماعي، حاول تقليل هذا الوقت تدريجياً واستبدله بأنشطة تدعم تطورك الإبداعي. مثلاً، يمكنك تخصيص هذا الوقت لقراءة مقالات عن قصص نجاح أو تعلم مهارة جديدة مثل التصميم أو الكتابة.

3- التعلم من العادات الإبداعية للآخرين

من المفيد مراقبة عادات الأشخاص الناجحين والمبدعين. على سبيل المثال، كثير من القادة ورواد الأعمال لديهم عادات محددة مثل استماع إلى حقلة بودكاست أو تخصيص وقت للتأمل. حاول تبني عادات مشابهة وتكييفها لتناسب أسلوب حياتك.

4- اجعل عاداتك محفزة ومتجددة

لتحفيز نفسك على الاستمرارية، اجعل العادات الإبداعية محفزة ومتجددة. إذا كنت تمارس عادة التدوين، قم بتغيير المكان الذي تكتب فيه أو المواضيع التي تتطرق إليها. وإذا كنت تتعلم شيئاً جديداً، اختر موضوعات مختلفة تجعلك مهتماً ومتحفزاً.

في الختام العادات الإيجابية ليست مجرد تصرفات يومية نقوم بها دون أي اعتبار، بل هي استثمار حقيقي لمستقبلك، فعندما تركز على أفعالك اليومية، فأنت تبني أساساً قوياً للنمو المستمر والتطوّر الشخصي، صحيح أن النتائج قد تأتي ببطء، لكنها ستكون أكثر استدامة وستأثر على حياتك بشكل ملفت مع مرور الوقت والأيام.

وتذكر أن ما تفعله يومياً هو ما يشكل شخصيتك ويبني مستقبلك، وأن نجاحك لا يأتي من إنجاز عظيم تحقق في لحظة واحدة، بل هو نتاج للعادات الصغيرة التي تلتزم بها في كل يوم.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات