دخول الدورات والحصول على الشهادات ليس اشتراطًا مباشرًا في التوظيف، لكنه عنصر للمفاضلة بين المتقدمين لاختيار أكثرهم تميزًا في عدة عناصر تنافسية ومن ضمنها الدورات والشهادات الأخرى الداعمة للتخصص الدراسي وللدور الوظيفي. وإن كان وجود هذا النوع من المنافسة يزيد من رغبة الشباب في حضور الدورات التدريبية إلا إنه في نفس الوقت قد يسبب التباسًا في نوعية الدورة التي يحتاجها الشباب أكثر من غيرها، فتظهر حاجة الشباب إلى مستشارين يمتلكون الخبرة والتجربة، للتوعية حول الدورات المفيدة لهم والمناسبة لمتطلبات سوق العمل بنفس الوقت، حتى يتم توجيه الجهود والأوقات والأموال إلى البرامج التي تدعم الطلب الوظيفي من ناحية موضوعها ومحتواها وقوة أثرها ومخرجاتها على المتدرب.
الجدير بالذكر أن الدورات، بمسمياتها وشهاداتها، تعتبر قناة للوصول إلى المقابلة الشخصية من أجل الوظيفة، لكن القرار الوظيفي سيعتمد لحد كبير على أداء المرشّح في المقابلة نفسها حيث يظهر انعكاس هذه الدورات والشهادات على شخصية المرشح وقوة استعداده وجودة إجاباته على الأسئلة خلال المقابلة.
لذا، يؤخذ بعين الاعتبار عدة وصايا عند اختيار الدورات التدريبية:
١- موازنة المهارات التقنية والمهارات الناعمة:
يقسم سوق العمل مهارات المرشحين إلى قسمين (مهارات تقنية، ومهارات ناعمة) حيث تركز المهارات الصلبة على المهارات التخصصية في المجال، الإلمام المعرفي والكفاءة العملية بالتخصص ومهامه الوظيفية. بينما تركز المهارات الناعمة على شخصية المرشح ومدى مهاراته العامة، ومن خلالها تقاس عدة مهارات كمهارات القيادة والتواصل والتنظيم والتخطيط والمرونة والعمل ضمن الفريق والتفاوض وحل المشكلات والذكاء العاطفي وما إلى ذلك.
لذلك، من الضروري تنويع الدورات بين دورات مفيدة في المهارات الصلبة وتقوي جانب التخصص لدى المرشح، وأخرى تنمية مهاراته الشخصية لتقوّي حضوره في بيئة العمل وتسرّع من صعوده المهني.
٢- اختيار دورات متناسقة:
مع رغبة المرشح في الإكثار من الدورات والشهادات في مدة قصيرة (غالبًا تكون سنة التخرج) قد يلجأ للعشوائية في الاختيار وانتهاز فرصة أي دورة متاحة للحصول على شهادتها. في الواقع يتطلب الأمر من المرشح وجود معايير لاختيار الدورة وإضافتها للسيرة الذاتية وأبسطها أن يكون لموضوع الدورة علاقة بمساره المهني الذي يسعى لتحقيقه. كثرة الدورات التي لا يوجد بينها رابط مشترك ولا تعزّز نوعًا محددًا من المهارات الأساسية للمرشح في رحلته المهنية أو في بحثه عن عمل، قد يعكس عشوائية في الاختيار ويأتي بنتيجة عكسية في تقييم السيرة الذاتية.
٣- جودة الدورة:
ليست الدورة الأغلى هي بالضرورة الدورة الأنفع في المجال الوظيفي، خصوصًا في الدورات العامة (غير التخصصية)، ما ينتفع به المتدرب هنا هو نوع الدورة ومحتواها وقوة مخرجاتها وتأثيرها على المتدرب، فقد تكون الدورة مجانية لكن محتواها محدّث والمدرب متمكن وتكون الاستفادة في أقصى مستوى. وقد تكون الدورة مجانية لكنها تُغني عن العديد من الدورات المدفوعة إذا أحسن المتدرب اختيار الدورة ذات الجودة العالية والاستفادة من معلوماتها.
٤- التعلّم المستمر والتعمّق التدريجي:
الدورات والشهادات لا تهدف فقط للوصول إلى المقابلة الشخصية وتوقيع العقد الوظيفي، بل لها دور في الصعود والنمو المهني مستقبلًا فلا تنقطع الحاجة لها بعد استلام المقعد الوظيفي. مع التعليم الإلكتروني أصبح التعلّم المستمر نمط حياة تحتاجه جميع الفئات في جميع المراحل لأن الموارد أصبحت في متناول الجميع وبأرخص الأثمان.
كل اختصاص هناك مسار معرفي يمكن التعمّق به تدريجيًا عبر عدد من الدورات التي يخوضها المهني على مدى سنوات عدة وتنعكس في النهاية على شكل مسيرة علمية ممتدة ومتعمقة في المجال ويمكنها صناعة قفزات وظيفية في مساره المهني.
ختامًا يتجه سوق العمل إلى تقدير المهارات وليس فقط الشهادات، حيث يأتي دور الدورات والمعسكرات التدريبية أولًا في تعزيز المهارات بشكل فعلي وتركيز الضوء عليها ليبذل المتدرب جهدًا إضافيًا في تنميتها بعد البرنامج بالممارسة على المدى الطويل، ويكون دور الشهادات هو توثيق اجتياز المتدرب للدورة وحصوله على المهارة ولو بالحد الأدنى. لذا، عند كتابة السيرة الذاتية، يحسّن التركيز على ذكر الدورات والشهادات التي تُشير لوجود مهارة فعلية يمكن إثباتها خلال المقابلة الشخصية.
