using MiskFoundation.BLL.Custom;

القرارات: دقائق بين خلايا المخ

فوزي بخاري
تتطلب عملية اتخاذ القرارات جمع البيانات، وتحليلها، وإجراء المقارنات بين الفرص والاحتمالات، غير أن بعض العوامل الأخرى مثل العواطف والبيئة التي نعيش فيها يمكنها التأثير على منطقنا عند اتخاذ قرار معيّن. تبحث نظرية الاحتمالات في جانبين من هذه العملية: التعديل والتقييم. يستخدم الإطار "S3" كأداة لمساعدة القادة والرؤساء في إدارة التغييرات والتفويضات. ولاتخاذ قرارات مستنيرة ومدروسة، يجب على القادة الموازنة بين المعرفة والخوف والضغوطات والتعلم المستمر.
 
 

القرار هو عبارة عن مجموعة من الخطوات يتخللها عمليات تشمل جمع البيانات، وتحليلها، وفرزها، وترتيبها، ومقارنة الاحتمالات للخروج بنتيجة منطقية يظن الشخص أنها الأفضل عقلانيًا.

وطالما نتحدث عن مخ الإنسان الذي من الطبيعي أن يتأثر بالحوادث السابقة، والعواطف، والأشخاص في البيئة المحيطة، وبالوقت، وبالأحداث الحالية، بالتالي نجد أن هناك العديد من المؤثرات التي قد تُخضع قراراتنا للتحيز لجانبٍ ما وتؤثر على منطقية القرار.

في عام ١٩٧٩م قام العالم دانيال كأنما بابتكار نظرية الاحتمالات التي تنص على أن القرار في مخ الإنسان يمر بمرحلتين: مرحلة تأطير المعلومات وتحليلها، يليها مرحلة نقد هذه المعلومات، ومن ثم اختيار أقرب الخيارات الملائمة للحدث. وخلال هاتان المرحلتان يمر متخذ القرار بسبعة خطوات للوصول إلى القرار المناسب.

بالرغم من وضوح الخطوات التي شرحها العالم كاتمان، تظل الظروف المحيطة باتخاذ القرار وتحليل المعلومات أمرًا هامًا جدًا لقادة منظومات العمل، فعملية اتخاذ قرار خلال ظروف مريحة قد تختلف كليًا مقارنة باتخاذ القرارات في أوقات الكوارث. فالوقت في الأزمات كالسيف في حدته، خاصة أن المعلومات المتوفرة قد تكون غير مكتملة أو مغلوطة أو تم تحليلها بشكل لا يتناسب مع الاحتمالات والفرضيات المستقبلية، ولذلك فإن وجود المستشارين المتمرسين في مجالاتهم هو أمر مهم للوصول إلى نقطة التقاء تجعل القرار أكثر منطقية.

قد يجد البعض أن اتخاذ القرار يصدر من العقل بشكل مباشر وبكل سهولة، ولكن لحظة! القرارات المباشرة تخطت بعض الخطوات، وتم اتخاذها بناءً على سياقاتٍ سابقة. ولكن لو نظرنا إلى العقل البشري، لوجدنا أن القرار مهما كان بسيطًا، من المؤكد بأنه مرّ بعدد من الخطوات منها تعريف الحدث، وجمع المعلومات، ومعرفة البدائل والتبعات، وتقييم الدلائل، واختيار البدائل، واتخاذ خط القرار، وأخيرًا مراجعة القرار.

وفي هذا الصدد، تم تطوير إطار عمل يساعد في طريقة سير العمل وبالتالي يساعد في اتخاذ القرار، هذا الإطار يسمى بـ "S3" والحرف "S" هنا يرمز إلى الحرف البادئ لثلاث كلمات باللغة الإنجليزية وهي: " Speed, Scope, Significance" وتترجم إلى العربية: "السرعة، والنطاق، والأهمية".

يتخذ هذا الإطار ثلاثي الأبعاد شكل المكعب، وهو يوضح للقائد أهمية سرعة المتغيرات التي تطرأ على العمل وتأثيرها على نطاقه وأهميته. وخلال مناقشتنا لهذا الإطار، نجد أن العديد من القادة يتطرقون لمنهجية "التفويض للتفرغ" وفقًا لأهمية المهام ودرجة أولويتها. ولكن يظل السؤال الأهم: هل قام القائد بإعطاء التفويض للشخص المناسب، وزوده بالأدوات الملائمة للتفويض؟ أم هو تفويض للإجراءات وليس للقرار! وبذلك نجد أن القائد ينشغل بالقرارات الخاصة بالأعمال الروتينية، ويتأخر في إدراك سرعة المتغيرات التي تحدث في منظومة العمل، وسرعان ما نجد بعد فترة من الزمن أنه وقع في أحد مصائد الإدارة؛ وهي الإدارة التفصيلية.

وهناك أيضًا إطار عمل آخر تم تطويره لاتخاذ القرار بالاستناد إلى أربعة محاور هي: المعرفة، والجهل، والخوف، والتوتر. فعندما يقع القائد بين حيرة الجهل والتوتر، سيصنع موقفًا مشلولًا كليًا يعيق قدرته على اتخاذ القرار، وهنا تكمن قوة القائد الذي لا يستطيع الارتواء من المعرفة والاطلاع على ما يدور من حوله، ويحرص دائمًا على التواصل مع شركاء منظومة العمل. ولو نظرنا للقائد الذي يجد نفسه في منطقة التوتر مع المعرفة، لوجدنا أن القرار لن يكون بالسهولة المتوقعة "فكلما زادت المعرفة، زادت القناعة بقلة المعرفة". ولذلك نجد أن القائد المحاط بمستشارين متميزين دائمًا ما ينجو من هذه المصائد، لأن لديه من يساعده في اتخاذ القرار المناسب.

عقل الإنسان يتأثر بعوامل مختلفة مثل الأحداث، والعاطفة، والوقت، والأشخاص، والبيئة المحيطة، وهذا أمر طبيعي! ولكن قد تؤثر هذه العوامل على القرارات ما يجعلها تنحرف عن خطها ومسارها الصحيح. وتجدر الإشارة أن التعلم والاطلاع على مختلف الجوانب الإدارية ومجالاتها تجعل القائد منصفًا في قراراته، وتمنحه القدرة على التحكم بزمام الأمور بشكل عقلاني، بالإضافة إلى تعاونه مع مستشارين ذوي كفاءة عالية وبقدرات تكاملية، يراجعون قراراته وتحديدًا تلك المؤثرة على منظومة العمل، مما يسهم في نهاية المطاف إلى تحقيق النجاح وتسيير المركب بأمان في عالم الأعمال.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات