لربما يعرف كثير منكم -سواءً أكانت العلاقة التي تربطنا شخصية أم مهنية- أني أقيس إنجازاتي ونجاحاتي الشخصية التي أحققها في كل وظيفة بالبصمة التي يتركها عملي في هذا العالم. ويسعدني أن الجهود التي بذلتها في العام الماضي قد أثمرت عن عديد من النتائج الهامة التي تجلّت آثارها بأروع صورة ممكنة في المجتمع. وبمناسبة إتمامي السنة الأولى مع المؤسسة، أود الاحتفاء بأثرها الكبير الذي انعكس على شخصيتي وبالإنجازات التي استطعت تحقيقها بفضل دعمها المتواصل لي طوال الأشهر الإثني عشر الماضية.
أود اغتنام هذه المناسبة لأشارككم باقة من الرؤى والنصائح القيّمة التي استطعت بلورتها في أُثناء الفترة الماضية فيما يتعلق بتحقيق الأثر والنجاح وإيجاد السلام ومعرفة غايتنا في هذه الحياة. لا تستغربوا إذا وجدتم المقال مليئًا بالاستعارات والتعبيرات المجازية، فهكذا هي شخصيتي وطريقتي في الكتابة -فأنا تلك الطالبة النجيبة المنكبة على التعلّم.
قد تبذل جهودًا مضنية لحل مشكلة معيّنة، لكن تذكر أنّك قد تقف عاجزًا أمامها، وهنا عليك أن تبتكر حلًّا خارج الصندوق (أو أن تُلقي بالصندوق عرض الحائط وتباشر من جديد). فإصرارنا على حلّ مشكلة محدّدة من المنظور نفسه قد يزيد الأمور تعقيدًا وسوءًا.
ولا تخشَ الضباب الذي يحجب عنك بعض الأمور في أثناء تقدّمك نحو مسار معيّن، فهذا الغموض إما سيقودك نحو الوجهة المُقدّرة لك، أو سيحول بينك وبين خوض تجربة لست مستعدًا لها أو ليست مناسبة لك في الوقت الراهن. لا شيء يأتيك من باب الصدفة، فكل ما تتعرض له وتواجهه هو قدرك المكتوب الذي لا تستطيع الفرار منه، فلا بأس إذًا أن تضل طريقك في بعض الأحيان، فالغاية هي اختيار طريقك حتى لو اضطررت عبوره وحيدًا، فقد يكون ذلك قدرك منذ البداية.
اختيار الحل الأسهل ومحاولتك التأقلم والانسجام وتجنّب قول رأيك الصريح والوقوف متفرجًا والانصياع لرأي الأغلبية هو ذنب جميعنا مدانون بارتكابه. لكن تذكر أن مجاراة الآخرين ستجعلك في نهاية المطاف تنسى دوافعهم وغاياتك التي تطمح لبلوغها. تذكّر دومًا السمات التي تميّزك عن غيرك، وإيّاك أن تدفن القيم التي تؤمن بها؛ القيم التي لا يمكن لأحد سواك أن يقدمها للعالم.
الملامح التي رسختها طفولتنا في شخصيتنا قد تكون أهم ما يميزنا، فصورتنا اليوم قد رسمتها أحلام وآمال وبراءة لطفل غريب الأطوار محب للحياة سكن أجسادنا في المرحلة الأولى من حياتنا. لذا أطلق عنان الطفل الذي يسكنك لتتذكر كل يوم أنك تسعى للوصول إلى مستقبل حلمت به عندما كنت طفلًا، وهذ سيجعلك واقعيًا وصادقًا فيما تفعله.
يقول المثل: يد واحدة لا تصفق. إذ يستحيل أن تجد شخصًا لا يحتاج أي مساعدة من أحد، فمهما كنت واثقًا من نفسك ومؤمنًا بقدراتك، لا بد أن يأتي يوم تحتاج فيه إلى الاستناد على أحدهم لتبلغ مرادك، فهناك أكثر من 8 مليار شخص يعيشون على هذا الكوكب، ونسبة كبيرة منهم بدون أشغال ولديهم الوقت الكافي لمساعدتك. فلا تخجل من إسناد بعض المهام إلى الآخرين وتذكر أن جميعنا لدينا نقاط ضعف وأنّ لا عيب في طلب المساعدة (حتى لو استصعبت ذلك)، فتعاوننا يجعل هذه الحياة أسهل وأفضل.
قد تستغربون هذه النصيحة ولربما يعارضني معظمكم، لكن أكملوا القراءة حتى النهاية! جميعًا نمر بأيام نكره فيها الاستيقاظ من نومنا أو بذل أي مجهود وإن كان بسيطًا، وإذا كنت ذلك الشخص المُجدَّ المثابر الذي يقول: لا شيء يسعدني أكثر من الاستيقاظ للذهاب إلى العمل! فتوقف لطفًا عن نشر تفاؤلك المُضرّ. فالأيام التي تستصعب فيها النهوض من مكانك هي رسالة مهمة لتنبيهك بضرورة الاطمئنان على صحتك النفسية والبدنية والروحية والتأكد بأنك على ما يرام. وهكذا ستتمكن من إنعاش ذهنك وشحن طاقاتك لبدء يومك الجديد في حالٍ أفضل وبطاقة أكبر.
إذا كنت مثلي؛ غارقًا في عمل يستحوذ على كل أحاديثك وتفكيرك في حلمك ويقظتك، فأنا متأكدة أن العمل بهذه النصيحة لن يكون سهلًا. فأنا -على سبيل المثال- شخص يعشق عمله، وشخصيتي وطريقة تعاملي تختلف باختلاف اليوم الذي أُمضيه في الدوام. وبالرغم من صعوبة الأمر، حاول أن تفصل بين طبيعة شخصيتك أو الشخصية التي تود أن تكون عليها، وبين العمل الذي تؤديه، إذ قد لا نستطيع دومًا تحقيق الانسجام بين الجانبين. ولهذا فالأفضل التركيز على إبراز كل جانب باستفادتك من سماتك الشخصية لتأدية عملك، واغتنام الفرص التي يقدمها عملك لك في حياتك الشخصية، وبهذا ستنجح في تحقيق التوازن بين حياتك الشخصية والمهنية.
عندما وصلت إلى الثلاثينيات من عمري، أدركت بأنني لم أكن لأتخيل عندما كنت في الخامسة عشرة من عمري أنني سأتمكن من أن أعيش حياتي هذه. أتذكر غرفتي القديمة آنذاك؛ كان لدي جدار علقتُ عليه جميع أحلامي المستحيلة (بالرغم أن بعضها قد تبدو أحلامًا بسيطة لغيري إلا أن تحقيقها بالنسبة لي كان من سابع المستحيلات). ما أود قوله هو أنه لا يوجد أي سبب يجعلك تضع قيودًا لآفاق آمالك، فالحياة زاخرة بالفرص الواعدة. لذا حطّم هذه القيود وأطلق العنان لها، وامض في طريقك نحو بلوغ أحلامك متسلحًا بالأمل والإيمان، وبرهن للعالم من أنت وما أنت قادر على فعله، وستدهش بما ستمنحك إياه هذه الحياة.
كلما كبرت وتقدمت في حياتك -المهنيّة أو الشخصية- تذكر دومًا بداياتك وماضيك. وتذكر مجتمعك والذين رافقوك في رحلتك والأماكن التي عشت وكبرت بين أروقتها وجدرانها. فكّر كيف ترسم مستقبلًا أجمل عوضًا عن محاولة طمس الماضي. فكل منا جاء من بيئة ما (قد نحبها وقد نكرهها)، لكن المهم في الحالتين هو كيفية المضي قدمًا والسعي لرد الجميل دون أن ننسى جذورنا.
إذا كنت مثلي من عشاق الحكايات والقصص المصورة، فأنت تعلم أن جميع الأبطال الخارقين والأشرار لديهم قصة تروي نشأتهم وما الذي أوصلهم إلى هذه الحالة. ما الفرق بين البطل الطيب والشرير برأيك؟ في الحقيقة، يكمن الفرق بينهما في الخيارات التي اتخذوها بعد اكتشافهم قوتهم الخارقة. لذلك فكّر مليًا في اكتشاف قوتك الخاصة والقدرات التي تتميّز بها وكيف يمكنك الاستفادة منها، وفكّر كذلك في نقاط ضعفك وكيف تستطيع تجاوزها. لا تكن مجرد شخصية أخرى تُضاف إلى قائمة الشخصيات التي تدّعي العظمة، بل كن بطلًا بقوة فريدة لا يمكن لأحد غيره امتلاكها.
يمكنني أن أؤكد لك أن منطقة الراحة -على عكس اسمها- هي منطقة مرهقة ومتعبة. فهي تُذكرك دومًا بما يفوتك من إنجازات ونجاحات عظيمة، وبقدرتك على إمكانية تحقيقك لذاتك بمجرد أن تتحلى بالشجاعة للهرب منها. لذلك أوصيك بالإبحار بعيدًا عن تلك المنطقة والغوص في أعماق المجهول وخوض التجارب الملهمة، والاستمرار في استكشاف كل جديد. لا تجعل خوفك من الأخطار يحيدك عن وجهتك، فالشجاعة هي السلاح الذي سيبدد هذه المخاوف وسيساعدك على شق طريقك في أعماق المجهول.
غالبًا ما أتحدث إلى عديد من الأشخاص حول الرغبة في تغيير العالم، وهو أمر يتفق عليه كثير من الناس، ولكن معظمهم (إن لم يكن جميعهم) يقولون إن التغيير حلم مستحيل ويتطلب جهودًا مضنية نحن في غنى عنها. يؤمن معظم الناس أن التزام الصمت إلى الأبد أو الاستمرار بالتذمر دون العمل على إيجاد حل أو وضع خطة لأنهم يرون أن ذلك ليس من شأنهم، وأنّ هذا الموقف هو الحل الأمثل. لكن من المهم أن ندرك أن السبيل الوحيد إلى جعل العالم مكانًا أفضل يكمن في تحملنا جميعًا المسؤولية أفرادًا وجماعات، وهي مسؤولية تبدأ من الإشارة إلى الجوانب التي تحتاج إلى تعديل والتفكير في حلول لإصلاح الوضع الراهن. وفي حين أننا قد لا نمتلك القدرة الكافية على إصلاح كل مشكلة في العالم، يمكننا على أقدر تقدير الاعتراف بوجود مشكلة أو عقبة ما وبذل ما بوسعنا لتجاوزها.
تفكّر في قانون نيوتن الثالث (لكل فعل رد فعل مساوٍ له في المقدار ومضاد له في الاتجاه)، وتذكر عندما تستيقظ من النوم أن تعامل الآخرين بحب وطيبة لتلقى منهم المعاملة نفسها.