تعتاد المؤسسات غالبا العمل على الخطط الاستراتيجية لمدة ما بين 3 - 5 أعوام مع رؤية مستقرة طويلة المدى، وسط ندرة عمل كثير من المؤسسات بالخطط التشغيلية، لكن ما هي هذه الخطط؟ الخطة التشغيلية هي باختصار ترجمة الخطة الاستراتيجية إلى مسارات عمل سنوية، شهرية، ويومية من أجل تحقيق الأهداف الاستراتيجية، حيث تهتم بالعناصر من؟ ماذا؟ متى؟ وكيف؟ للعمليات اليومية على مدار العام المخطط له. كما يجب أن تجيب الخطة التشغيلية على الأسئلة التالية:
إن الخطة التشغيلية هي دليل لعمل المؤسسات صُممت لضمان تحقيق أهداف المنظمات المختلفة، وعن بناء وتطوير تلك الخطط وفق منهج يحقق ما نصبو إليه فإننا بحاجة للقيام بخطوات عملية وواضحة، الخطة التشغيلية هي أداة لتنفيذ الخطة الاستراتيجية، لذا يجب أولًا الإيمان بالخطة الاستراتيجية، والتأكد من فهم كل من يشاركنا جهود العمل فهمها.
من ذلك ننتقل إلى الخطوة الثانية وهي التركيز على الأهداف الأكثر أهمية، هذه الخطوة تساعد في التخلص من أي تعقيد يمكن أن يقلل من فرص التجاوب الأمثل من قبل فريق العمل المنفذ لهذه الخطة، خطوة يجب الانتهاء منها قبل إنشاء الخطة التشغيلية لعمل الفريق، وذلك عبر الأهداف السنوية للخطة الاستراتيجية وتحديد المشاريع الرئيسة التي ستساعد في تحقيق تلك الأهداف، ثم ننتقل إلى تحديد مقاييس الأداء وعلى رأسها مؤشرات الأداء الرئيسية KPIs.
وتظهر هنا ضرورة استخدام مؤشرات أداء مواكبة، نظرًا لدور هذه المؤشرات في نجاح خطة التشغيل التي نعمل عليها، ونقصد بمواكبة أي تلك التي توضح لنا ما يمكن توقعه في المستقبل وتسمح لنا بتعديل المسار وفقًا لذلك.
النقطة السابقة هي ما يقودني إلى التأكيد على وجوب عدم تطوير مؤشرات الأداء الرئيسية في فراغ، ذلك لتأثيرها على فريق العمل، لذا من الواجب الاعتماد على مجموعة مختلفة من وجهات النظر داخل الفريق أثناء تطويرها، من أجل الاقتراب من قرار يمثل التنوع داخل الفريق المعني.
والخطوة الأخيرة ضمن عملية تطوير الخطط التشغيلية هي قضية التواصل وأسميها "قضية" لأهميتها البالغة في إيمان الفريق بهذه الخطة وخطواتها وبالتالي التفاعل معها بالمستوى الذي يحقق أهدافها – وقد مثّلت مهمة التواصل حسب دراسات علمية 90٪ من الوقت الذي يقضيه مدراء المشاريع خلال عملهم على مشاريعهم – حيث يجب أولاً أن يفهم الجميع منك كمدير سبب اختيارك لهذه المقاييس أو تلك، وسبب أهميتها وكيف ستساعد المنظمة على تحقيق أهدافها، وما الدور الذي سيؤديه كل عضو في الفريق من أجل النجاح في تحقيق مستهدفات الخطة التشغيلية.
وأعود إلى الثلاثي الذي بدأت به.. فإلى جانب "الشغف والإبداع ووجود التمكين" الذي يتشارك مسؤوليته كل من الموظف ومديره والإدارة التنفيذية في مختلف المؤسسات فإن المهارات التي تضمن الوصول إلى الثلاثي الآخر وهو "العمل بأفضل جهد وأنسب تكلفة وأقل وقت"، هي في الحقيقة مفتاحك للنجاح في ظل التسارع الذي تشهده مختلف بيئات الأعمال، وهي مهارات المرونة والتفاعل والقدرة على المواكبة وملاحظة كل ما يطرأ من جديدٍ حولك.
ختامًا إن الحاجة اليوم تتمثل في القدرة على الخروج من مفهوم تحيز الوضع الراهن الذي تقود إليه طبيعة العقل البشري، والبعد عن هذا المفهوم يعني خروجك من منطقة الراحة أي ترك الرغبة التي تبقينا في حالة تفضيل استمرارية الأشياء كما هي، وما يشجع على تخطي هذه الحالة هو انفتاحك على مختلف التجارب والأفكار والبقاء مطلعًا على كل جديد.. وكما قيل كن كاليعسوب لا كالسمكة المفلطحة!