الفنون ونِتاج الثقافات على تنوّعها وسيلةٌ للتعبير عن الجوهر الإنساني، ومن خلالها تتبلور رسالةٌ ساميةٌ تتجاوز المادّة؛ لإعلاء قيم الحبِّ والخير والجمال، عبر استنطاق الذات وصولًا للإفصاحِ المنفتح المنضبط الذي يُترجم المشاعر والأفكار؛ فتغدو انتصارًا للإنسانيّة الحرّة، أمام خطابٍ مُناقض، يُعلي من شأن الأحكام الجائرة الجاهلة الظالمة ويروِّجُ للكراهيّة ويُعادي الآخر المختلف عنّا.
للفنِّ صورٌ كثيرةٌ والفنُّ لدى الإنسان الموهوب المبدع الذي يشعر بما حَوْله فيرسمُ أجمل الصور ويقدّمها بمظهرٍ ملائم كفنون النّحت والرّسم والأدب والزخرفة والشعر والعمارة والموسيقى والرسم التشكيلي والتمثيل والرقصات الشعبيّة ومنها: العرضة النّجديّة وفنون المناطق الغربيّة والجنوبيّة والشرقيّة والشماليّة. فالإنسان السعوديُّ يتذوّق الفنَّ ويُحِسُّ به ويُغذّي مشاعره ويزوّدهُ بطرائقَ وأساليب تعبيريّة أخّاذة تحقّقُ جملةً من معاني وعيه وسلوكه الفريد. والجمعيّة العربيّة السعوديّة للثقافة والفنون هي الجهة التي تُحافظ وتُنمّي وترعى الثقافة والفنون في بلادنا.
الجمعيّة العربيّة السعوديّة للثقافة والفنون رؤيتها المستقبليّة جزءٌ من رؤية المملكة 2030 وتسعى لتقديم أعمالٍ مميّزة، ورسالتها تتمثّل في تنمية قدرات الابتكار والإبداع لدى أفراد المجتمع، ورعاية الموهوبين في الثقافة والفنون، بما يمكّنهم من تقديم أعمالٍ رائعةٍ محليًّا وعربيًّا وعالميًّا.
أما أهدافها فهي: "رفع الوعي بأهميّة الثقافة والفنون بمجالاتها المختلفة، وتمكين الشباب في مختلف مناطق المملكة من اكتساب الخبرات الثقافيّة، وتطوير مواهبهم الفنيّة."
لقد تعاظمت أهميّة إبراز ثقافة وطننا وفنونها مع مرور الزمن، وقاد ذلك إلى إنشاء معاهد ومؤسّسات وكليّات للثقافة والفنون بكافة ألوانها وذات مساراتٍ متعدّدةٍ وتخصّصاتٍ مختلفةٍ؛ لتصبح رافدا ضروريًّا في التطوير والتنمية، وأصبح ذلك جزءًا هامًّا ومؤثّرًا في الاقتصاد والتنمية، فلا تكاد ترى شيئًا في هذه الحياة إلا وللفنِّ علاقةٌ به وارتباطٌ وثيق
ودون تقليلٍ من إنجازات المملكة الثقافيّة والفنيّة السابقة؛ فإنَّ الحالة الثقافيّة والفنيّة في المملكة ولعقودٍ سابقةٍ لم تكن في وضعها المثاليِّ أو المأمول المنشود، حتى يسّر الله سبحانه ومكّن على يد سموِّ ولي العهد -حفظه الله- من إبراز معالم الرؤية الفتيّة البرّاقة التي تسعى وتَجْهَدُ في سبيل تصحيح الأوضاع وإعادة الأمور لنصابها. باذلةً كلَّ غالٍ ونفيسٍ من أجل دعم القطاع الثقافيِّ والفنيِّ وتمكينه، ورفع كفاءة المنتمين له.
لا شكَّ أنَّ ثراء المملكة وتنوّعها الهائل ثقافيًّا وفنيًّا يُعدُّ كنزًا يستحقُّ العناء والاهتمام والرعاية، وسيكون مردوده السياحيُّ والاقتصاديُّ إن أُحسن توجيهه مُثمرًا وكبيرًا، بل إنّه سيغيّر الصورة النمطيّة عن المملكة للأفضل، وسيكون رافدًا قويًّا في حقل الدبلوماسيّة الثقافيّة والعامّة، ومسارًا موازيًّا لعمل وزارة الخارجيّة في تطوير علاقات المملكة.
المؤكّد -بإذن الله- أنَّ رؤية 2030 فتحت آفاقًا جديدةً وغير مسبوقةٍ في تاريخنا ومهّدت لنهضةٍ كبرى نرصُدُ ملامحها ونرى أماراتها. وقد شهد عام 2019 طفرةً عظيمةً في النشاط الثقافيِّ والفنيِّ السعوديِّ المتوافق مع استراتيجيّة الرؤية التي ستجعل من الثقافة والفنون أسلوب حياةٍ ورافدًا من روافد الاقتصاد الوطني، وتنشيط السياحة، وتوفير منتجٍ ثقافيٍّ وفنّيٍّ مميّزٍ يساهِمُ في رفع مستوى جودة الحياة.
وفي الختام فإنَّ من أهداف وزارة الثقافة، أن تصبح الثقافة أسلوب حياة، ومصدرًا من مصادر النموِّ الاقتصادي، وأن ترفع الثقافة وتُعزّز من مكانة المملكة، وهذه الغايات السامية والمقاصد النبيلة تتماشى مع رؤية المملكة 2030، والمتمثّلة في بناء مجتمعٍ حيويٍّ واقتصادٍ مزدهرٍ ووطنٍ طموح.