تسببت جائحة كورونا منذ اندلاعها في 2020 بحالة شلل تام في العديد من القطاعات الحياتية والمهنية، فاضطر على إثرها معظم سكان العالم إلى الابتعاد عن مقرات العمل، تجنباً للاختلاط بحاملي الفيروس الوبائي كوفيد-19.
اتخذت المملكة العربية السعودية أيضًا الكثير من القرارات الجريئة لحماية السكان والحفاظ على سلامتهم، من أهمها طرح فكرة العمل عن بعد في الأعمال التي لا تتطلب حضوراً جسديًا، لكن تبين، بعد تراجع منسوب الإصابات، أن عودة فرق العمل إلى مقراتهم لن يكون بالأمر الهين.
في رؤية استشرافية لحالة البعد عن مقر العمل، عملت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية في المملكة على طرح ورش وبرامج عبر إدارات متخصصة تدعم ارتباط فرق العمل بمكاتبهم تمهيدًا للعودة الكاملة إلى مستوى ما قبل الجائحة، ولتعزيز الإنتاجية وترسيخ الولاء، والتعاون والتنسيق بين كافة القطاعات في الحكومة السعودية.
لعل أبرز هذه الأمثلة يتضح في إدارة التواصل الداخلي التابعة للوزارة تحت إدارة الدكتورة أريج العرفج. ففي حوار لها مع مجلة "موارد وتنمية" الصادرة عن الوزارة نفسها، تتحدث العرفج عن كيفية جعل البيئة الداخلية في العمل جاذبة للموظفين، مؤكدة على أنهم يعملون على تفعيل كافة القنوات لتحقيق الرضا والسعادة المهنية، وتكريم المتميزين بطرق عديدة، إلى جانب تقوية التواصل والحوار الودي بين الإدارة والموظفين في المناسبات بهدف إذابة المعوقات الإدارية.
في هذا السياق المنسجم مع تطلعات الوزارة، ولتجاوز حالة التفكك الحاصلة بين فرق العمل جراء الوباء، يؤكد كتاب "الموظفون أولاً: ألهموا وشاركوا وركزوا على جوهر مؤسستكم" للمؤلفة دونا كاتينغ، على أن المؤسسات ينبغي أن تقدّم السجادة الحمراء للموظفين بغية جعلهم يشعرون بأهمية العمل الذي يؤدونه. توضح الكاتبة أهمية تقدير الجهود بشكل مباشر، وتعزيز ثقافة اللطف، والتشاركية الداعمة بين الزملاء، والحرص على سماع صوت كل عضو في فريق العمل، وتقديم الدعم والتدريب والأجر المناسب.
ولابد لك كقائد فريق أن تعيد الترابط بين أفراد الفريق بعد الجائحة، وأن تترجم الآليات المذكورة أعلاه إلى إنتاجية أعلى وموظفين أسعد، وهاك المزيد من الأمور التي لابد من اتباعها لتعزيز التماسك وهي:
١- امنح فريقك إحساساً بالهدف
عليك كقائد فريق أن توجه فريقك إلى هدف واضح خلال العمل، والتأكيد على التعاون فيما بينهم، وتتابع تطورهم ومحاولة حل أي مشكلات تواجههم، وجعلهم يشعرون بأهمية الهدف الذي يعملون عليه في مسيرتهم المهنية.
٢- ازرع روح اللطف والرحمة في العمل
عليك كقائد فريق أن تكون لطيفًا، وأن ترسّخ ثقافة اللطف والدعم المعنوي بين أفراد الفريق أيضًا، فلا يمكن أن ينجح أسلوب القسوة تجاه الفريق.
٣- حسّن التواصل المعلوماتي والشخصي والملهم
لبناء فريق متماسك في العمل، عليك أن تبقى على تواصل دائم معه، ولا بد أن تؤسس بنية تواصل قوية بين الموظفين، يكون هدفها حل مشكلات العمل، وتشجيع الفريق على استكمال مهامه بروح تشاركية وملهمة عالية.
٤- شجّع على التنوع والتعددية
لا يمكن لأي فريق أن ينجح ما لم يعزز التنوع والتعددية لديه. عليك كقائد فريق أن تدرك أن الآراء المتنوعة من أشخاص ينتمون لخلفيات ثقافية مختلفة هي الأنفع لك، وعليك أن تؤكد على أهمية الاستماع إلى الجميع والاستفادة من كافة وجهات النظر رغم اختلافها عن السياق المعتاد.
٥- شجع أفراد الفريق على التعاون في أشياء خارج سياق العمل
لا يكفي أن تدعم الترابط بين فريقك في الأمور المهنية فقط، بل عليك أن تخصص وقتََا لهم، وإن كان قصيرًا، لممارسة بعض الهوايات المقبولة مثل زرع شتلات وشجيرات صغيرة بأسماء الموظفين سواء في الداخل أو ضمن حديقة المؤسسة أو الشركة، ومتابعة نموها ورعايتها أو حتى إطعام الحمام والطيور التي تعيش على الأشجار داخل المؤسسة، أو ربما القطط، فذلك يمكن أن يشكل حافزًا لتأسيس علاقة روحية مع المكان ومع الفريق نفسه.
٦- شجّع على ثقافة الاحتفال بمناسبات أفراد الفريق
الاهتمام بالمناسبات الشخصية للموظفين مثل تقديم تهنئة مع كعكة في أعياد ميلادهم والإعلان عن المناسبات الاجتماعية المهمة لهم في حياتهم مثل الزواج وقدوم مولود جديد والوقوف بجانبهم في المناسبات الحزينة مثل فقدان شخص عزيز عليهم؛ فهذهِ من الأمور التي تشجع على الترابط والتماسك بين الفريق.
٧- تابع موظفيك
حاول أن تبادر كقائد فريق في متابعة الموظفين خلال إجازاتهم المرضية والاطمئنان على حالتهم، وأيضاً متابعتهم خلال إجازاتهم السنوية، ودعمهم بكل السبل عند الحاجة.
التماسك والترابط بين أفراد الفريق من الأمور المهمة التي تقع على عاتق قائد الفريق، الذي بحسن إدارته فقط يمكن أن يضمن أن يجد وراءه فريقََا متماسكََا وواثقََاً من نفسه، ويتحلى بروح معنوية وإبداعية عالية.