يُعدُّ مفهوم الاستدامة من المفاهيم المهمة التي أخذت به جميع الدول في مختلف المجالات سواء الاقتصادية أو الاجتماعية أو التعليمية، بوصفه عاملًا مهمًا في تقدمها وتطورها؛ لأهمية هذا المفهوم في المحافظة على الموارد المتاحة للأجيال الحاضرة أو الأجيال اللاحقة.
وعُرِّفت الاستدامة بأنها المحافظة على الموارد المتاحة دون التأثير على مستقبل الأجيال. وهذا التعريف يؤكد أهمية ترشيد الموارد المتاحة وعدم إهدارها؛ حيث إن ذلك قد يؤدي إلى نضوبها، ومن ثم تُحرم هذه الأجيال والأجيال اللاحقة من تلك الموارد، فضلًا عن تحسين جودة حياة الأجيال الحالية بما لا يخل بحقوق الأجيال اللاحقة في المحافظة على الموارد وعدم إهدارها.
وهذا يتطلب المحافظة على الموارد الطبيعية واستدامتها دون التأثير على البيئة، واتباع الوسائل الحديثة للمحافظة عليها، وتجنّب الإضرار بها؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى تدهورها وتهديد الحياة عليها، فضلًا عن استعمال الطاقة النظيفة والتوسع في استخدامها. كما يشترط في التنمية المستدامة القضاء على الملوثات البيئية، ومحاربة التدهور النباتي والتصحّر؛ لأن ذلك يجعل هذه الموارد تتجدّد وتساعد على تحسّن الظروف البيئية والأجواء المناخية التي تساعد في تنمية تلك الموارد وعدم نضوبها.
الوعي بالتنمية المستدامة
إن الوعي بأهمية التنمية المستدامة يتطلب تنمية الوعي بأهمية المحافظة على حماية البيئة بمختلف عناصرها: الماء، والهواء، والتربة، والحياة النباتية والحيوانية. والتوجه نحو البدائل النظيفة مثل الطاقة الشمسية والرياح، إلى جانب تعزيز ثقافة إعادة التدوير، والحد من استخدام المواد البلاستيكية، وتشجيع الاستهلاك المسؤول.
كما أن مكافحة التلوث والتصحر وتدهور الغطاء النباتي ليست قضايا بيئية فقط، بل هي أولويات تنموية تؤثر في جودة الحياة، والصحة العامة، واستقرار النظم البيئية. ولهذا، فإن نشر الوعي البيئي يُعد من أهم أدوات دعم الاستدامة، سواء عبر الإعلام، أو الأنشطة المجتمعية أو المناهج التعليمية التي ستساهم في رفع مستوى الوعي لدى الأجيال بأهمية المحافظة على الموارد المتاحة من خلال استراتيجيات التدريس والأنشطة والندوات والزيارات الميدانية للبيئة والموارد المتاحة؛ لجعل الطلاب يشاركون ويدركون أهمية دورهم في المحافظة عليها.
أهمية التنوع والمهارات في الاستدامة
ومن هذا المنطلق، فإن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب وجود مواطن واعٍ يتطلب الإلمام بالمعرفة والمهارات والقيم والقوانين، وخصوصيات وعموميات المجتمع، والسلوكيات التي يمتلكها أفراد المجتمع، وكيف يتفاعلون مع القضايا البيئية والمجتمعية والموارد بأسلوب حضاري وقيمي يضمن الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة، وتفعيل الممارسات والمبادرات التي تعزز هذه الجوانب. وهذا لا يتحقق إلا عبر خطط تنموية واضحة، تدمج الاستدامة في جميع مناحي الحياة، وتُشرك الأفراد والمؤسسات في صياغة وتنفيذ هذه الخطط.
في النهاية، فإن بناء مستقبل مستدام ليس مسؤولية الحكومات فقط، بل هو مسؤولية جماعية تبدأ من الفرد. ويمكن لكل واحد منا أن يكون جزءًا من الحل، عبر خطوات بسيطة مثل تقليل الهدر، استخدام المواصلات العامة، أو دعم المنتجات الصديقة للبيئة.