تعد القدرة على الوقوف أمام حشد كبير من الأشخاص والنجاح في توصيل رسالة أو فكرة ما، واحدة من أهم المهارات القيمة المطلوبة حاليًا في سوق العمل. ولا نتحدث هنا عن الوقوف فعليًا أمام الحاضرين وجهًا لوجه فحسب، فقد تغير هذا المفهوم قليلاً هذه الأيام، حيث قد تقف أمام الجماهير في فعالية ذات بث مباشر أو استضافة ندوة عبر الإنترنت والتي يمكن أن يصل عدد حاضريها إلى المئات بل الآلاف من مختلف أنحاء العالم.
ولا يخفى على أحد أن هناك الكثير من الناس يتملكهم الشعور بالرهبة والتوتر عند التحدث أمام الجمهور. أوضحت دراسة أجرتها جامعة تشابمان عام 2014، أن رهبة التحدث أمام الجمهور هو أكبر أنواع الفوبيا أو مرض الرهاب، حيث أكدت نسبة %25 من عينة البحث أن التحدث أمام حشد كبير من الناس يسبب لهم التوتر والقلق.
وعلى الرغم من ذلك، دائمًا ما تؤكد المؤسسات التعليمية والقائمين على التوظيف على أن امتلاك القدرة والمهارة على التواصل الشفهي هي واحدة من أهم السمات التي يبحثون عنها في المرشحين لشغل مناصب في الجامعات أو الوظائف الأخرى. بل بالعكس، فمع ارتفاع أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وإقامة المؤتمرات والاجتماعات الافتراضية، ستصبح هذه المهارة أكثر أهمية.
من الناحية النظرية، يمكنك تجنب التحدث أمام الجمهور إلى الأبد إذا كنت تريد ذلك، ولكن لماذا تحد من تميزك ولا تحاول إطلاق العنان لاكتشاف إمكانياتك بالكامل؟
والخبر السعيد أن فن الخطابة أو التحدث أمام الجمهور ليس بموهبة يولد بها البعض دون البعض الآخر، بل إنها ما هي إلا مهارة يمكن لأي شخص أن يتعلمها ويمارسها ويعمل على إتقانها بمرور الوقت. ما عليك سوى تخطي العقبات التي قد تكون داخل تفكيرك أنت وحدك.
حيث أوضح المتحدث التحفيزي الرائد في الشرق الأوسط كيفن عبد الرحمن: "أكبر لعبة ستلعبها على الإطلاق هي تلك الموجودة في عقلك فقط، تحكم في عقلك، وسوف تسيطر على العالم".
والآن هل أنت مستعد لتحسين مهاراتك في التحدث أمام الجمهور؟ نقدم لك خمس حيل ذكية أتينا بها من الخبراء الذين تمكنوا من جعل هذه المهارة أمر سهل لا يُذكر.
التدريب على درجة الصوت هي واحدة من أهم الأدوات التي يغفل عنها الكثيرون ممن يريدون تحسين مهاراتهم في الخطابة.
كتب المؤلف ومدرب التنمية البشرية برايان تريسي كثيرًا عن قوة الصوت وقدم مجموعة من النصائح العملية عن أهمية تعلم الحديث ببطء.
ويقول:"عندما تتحدث ببطء، سيكون لصوتك المزيد من القوة والسلطة، كما يتيح الفرصة لمستمعينك استيعاب ما تقوله والتفكير في معناه. فمن سمات الأشخاص الأقوياء، التحدث ببطء، والنطق بوضوح، والتعبير عن النفس بثقة".
ويلخص العلم هذا الأمر من خلال دراسة أجرتها جامعة ييل عام 2017، أثبتت فيها أن الأسباب التي تجعلك تؤمن وتُعجب وتثق في شخص ما هو نبرة صوته.
مهما كان الموضوع الذي تتحدث عنه، فإن ذكر بعض أمثلة من تجربتك الخاصة وسردها في شكل حكايات ونوادر طريفة ستمكنك من جذب انتباه جمهورك، فهذا كفيل بأن يقربك منهم ويجعلهم يستشعرون أنك إنسان عادي مثلهم تماماً، يسهل التواصل معه.
قد يبدو من الغريب التفكير في التحدث أمام الجمهور وكأنه بمثابة تقمص لشخصية أخرى داخل أداء مسرحي، ولكن يؤكد الخبراء على أن تقمصك لشخصية ما يمنحك المزيد من الثقة ويميزك عن الآخرين.
والشيء الممتع في الأمر، أنك قد تكتشف في نفسك جانبًا جديدًا أكثر اجتماعية وانطلاقًا، مما يجعل التجربة بأكملها تشعرك بالتحرر والسعادة بدلاً من التوتر والضغط.
يمكنك مشاهدة هذه المقاطع من "حديث مسك" والذي يتحدث فيها رجل الأعمال الأمريكي والمتحدث التحفيزي كريس غاردنر، الذي استطاع أن يتحول من مجرد رجل مشرد إلى شخصية قوية قادرة على إلهام الآخرين
حديث مسك: كريس غاردنر - YouTube
حديث مسك: كريس غاردنر - YouTube
حديث مسك: كريس غاردنر - YouTube
تعتبر هذه الطريقة من الطرق الشيقة والفعالة جدًا في التخلص من رهاب التحدث أمام الجمهور، وهي أن تقوم بخداع عقلك وإقناعه بأنك فقط تقوم بإجراء محادثة عادية مثل أي يوم آخر.
يستخدم رجل الأعمال البريطاني والمتحدث التحفيزي سير ريتشارد برانسون هذه الحيلة الذكية لمحاولة تهدئة نفسه قبل أن يقوم بهذه المحادثات، ويقول:"تخيل نفسك تجلس في غرفة المعيشة وتجري محادثة مع أصدقائك، سوف تشعر بالاسترخاء والراحة أثناء التحدث إليهم، وينطبق الشيء نفسه عند التحدث أمام الجمهور".
يقول الدكتور نيك مورغان أحد أكثر مدربي الخطابة رواجًا في العالم: "ينشغل الناس كثيرًا بالمحتوى أو العرض التقديمي الذي يعدونه وينسون تمامًا الجزء الأكثر أهمية في المعادلة وهو الجمهور الذي سيتحدثون إليه. فمحاولة تعزيز فهمك ووعيك ومدى اهتمامك بالمستمعين سيكون له تأثير مفاجئ على قدرتك في التحدث".
ويضيف: "يقوم معظم المتحدثون بحبس أنفسهم داخل مخاوفهم الخاصة، ويهتمون فقط بتغطية بعض النقاط أو إيصال رسالة ما، وبالطبع هذا تفكير خاطئ تمامًا. والمفارقة هنا، هي أنهم لن يتمكنوا في الأساس من توصيل رسالتهم إذا كان هذا هو فقط الجهد المبذول دون الاهتمام بالجمهور".
وينصح بالبدء في التفكير في الجمهور على أنهم أفراد لديهم آمال وأحلام ومشاكل مثلك تمامًا. وجه تركيزك حول كيفية مساعدتهم وإلهامهم وتعليمهم شيئًا مفيدًا، ويمكنك أيضاً محاولة اعتبارهم أصدقاء يرغبون في النجاح.
عندما تقوم بإدارة اجتماعات ومؤتمرات بشكل منتظم، سواء اجتماعات مباشرة أو من خلال تطبيق Zoom، فمن الطبيعي في بعض الأحيان ألا تسير الأمور كما هو مخطط لها.
قد تكون هناك مشاكل تقنية، أو صعوبة في ضبط التوقيت، أو ببساطة قد تنسى جملتك التالية. كل هذه المشاكل عادية وشائعة جدًا.
لذلك، يقول الخبراء إنه كلما تقبلت فكرة التكيّف مع المواقف السلبية التي قد تحدث أحيانًا، سيكون من السهل عليك السيطرة على أي مشكلة تواجهك وجعل جمهورك يشعر بالراحة وعدم التركيز في المشكلة. ووقتها فقط سوف تتعلم الاستمتاع بالعفوية والارتجال.