احرص على تطوير علاقاتك المهنية من خلال صقل مهاراتك في التواصل، ولا سيما مهارة الإصغاء التي يغفل تأثيرها الكثير منا، ولكنها في الحقيقة من المهارات بالغة الأهمية. ولا شك بأن مهارة الكلام مهمة جدًا لضمان التواصل الجيّد، ولكن مهارة الإصغاء لا تقل عنها أهمية، فالقدرة على الإصغاء للآخرين بعناية أصبحت موهبة نادرة ومهارة مطلوبة لدى الكثير من أصحاب العمل، ناهيك عن التأثير الإيجابي لهذه المهارة في حياتك الشخصية عمومًا؛ حيث يساعدك فن الإصغاء الحقيقي على توطيد العلاقات وبناء جسور التواصل وضمان دقّة الرسائل المراد إيصالها، فضلًا عن تعزيز التفاهم بين مختلف الأطراف وحل المشاكل والخلافات.
ما هو الإصغاء النشط؟
الإصغاء النشط عندما يتفاعل الشخص المصغي مع المتحدث ويصغي باهتمام أثناء الحديث ويحاول فهم الحديث دون إصدار أحكام أو إسداء نصائح.
من المرجّح أن تكون دقيقًا وواضحًا في التواصل عند حيازتك كافة المعلومات المطلوبة بشكل صحيح، والتي من شأنها أن تعزّز ثقتك بنفسك كثيرًا.
وهنا بالذات يكمن الفرق الهام بين مجرّد "السمع" و"الإصغاء"؛ فقد نظن أنفسنا ونبدو للآخرين كما لو أننا نصغي، ولكننا في واقع الأمر نستقبل الأصوات فقط، دون التعمّق في مضمون الرسائل والمعلومات التي تحملها هذه الأصوات. هل تذكر مثلًا عندما أخبرك زميلك عن أحدث تطورات المشروع، ولكنّك تفاجأت بانزعاجه منك لاحقًا لأنك لا تذكر مضمون حديثه، ما اضطره لتكراره مجددًا؟ بالطبع جميعنا عرضة لمثل هذه المواقف، لأن أدمغتنا تواجه تحديًا كبيرًا في معالجة كافة معطيات العالم الخارجي لدرجة أننا قد نضيع في أفكارنا الخاصة ونسهى عن كثير من التفاصيل التي تدور حولنا. لهذا السبب سيكون من شأن تمتعك بمهارات إصغاء مميّزة أن يدعمك بشكل كبير على الصعيدين المهني والشخصي، ولاسيما عندما تشغل موقعًا قياديًا.
لا داعي للقلق، فبإمكانك تطوير مهاراتك لتصبح مستمعًا جيدًا باتباع النصائح السبع التالية:
غالبًا ما نجد أنفسنا نؤدي عدّة مهام في الوقت نفسه، مثل مشاهدة التلفزيون وتصفح وسائل التواصل الاجتماعية في آن واحد، أو الحديث مع زملائنا فيما يشرد ذهننا بعيدًا ليفكر في قائمة مهامك التي لا تنتهي. لا عجب في الأمر، فنحن اليوم نعيش في عالم سريع الحركة ينسينا أهمية إبطاء الوقع قليلًا والحد من الضجيج الذهني، لنكون حاضرين كليًا في اللحظة الحالية ونركّز على ما يفترض بنا التركيز عليه. عندما تولي انتباهك كاملًا لشخص ما، فإنك تصبح أكثر قدرة على استيعاب المعلومات التي يقدمها لك، لتستجيب بفعالية وكفاءة أعلى.
تعلّمنا منذ صغرنا بأن التواصل البصري مع الآخرين يعتبر علامة هامة تدل على احترامنا لمن يحدّثنا؛ حيث أن هذا التواصل ليس مجرّد وسيلة لترسيخ الانتباه والتركيز فحسب، وإنما يمثّل واحدة من أهم مفردات لغة الجسد عند التواصل مع الآخرين، لنؤكّد من خلاله بأننا نصغي بكل عناية واهتمام. ولا تكتفِ بـ"الرؤية" فقط، بل "انظر" بانتباه، فثمة فرق جذري بين "الرؤية" و"النظر بعناية"، تمامًا كالفرق بين "السمع" و"الإصغاء".
ضع في حسبانك أنه ليس بالضرورة أن يكون جميع من ستقابلهم من خلفية ثقافية سعودية أو خلفية مألوفة لك، لذا من الأهمية التمتّع بذهن منفتح عند الإصغاء للآخرين، وتجنّب إصدار الأحكام والافتراضات المسبقّة قدر الإمكان، وهو ما قد يجسّد تحديًا عند إصغائك لفكرة لا تؤيدها، ولكن قدرتك على استيعاب أفكار الآخرين تعتبر من الخصال القيادية الهامة، وتسمح لك بمعاينة كافة الحقائق موضوعيًا قبل التوصل إلى أي خلاصة حول المسألة المطروحة.
احرص على إتاحة كل الوقت المطلوب للآخرين كي يعبروا عمّا يجول في خاطرهم بالتمام والكمال، فمقاطعتهم قد تؤثر سلبًا على انسيابية سلسلة أفكارهم وقد يتم تفسيرها كتعبير عن قلة الاحترام. أصغِ إلى القصة كاملة، ولا تتسرع في أحكامك واستنتاجاتك، ودوّن أي ملاحظات أو أسئلة قد تراودك ريثما يُنهي الطرف الآخر حديثه. إذا كانت لديك تعليقات، انتظر حتى يتم محدّثك كلامه أو أدلِ بتعليقك في لحظة مناسبة، مثل اللحظات التي يتوقف فيها الطرف الآخر عن الحديث لوهلة، أو عندما يسألك صراحة عمّا إذا كان لديك أي أسئلة. إن أدمغتنا تحاول دومًا استباق الأمور والتوصل إلى استنتاجات سابقة لأوانها لنشعر بأننا الشخص الأذكى في أي حوار، لذا راقب هذه النزعة في ذاتك وحاول الحد منها، وأصغِ أولًا للحقائق قبل طرح أي أسئلة. وكما يقال، كلما كان النهر أعمق، كلما كانت مياهه أهدأ.
احترف مهارة الإصغاء اليقظة وذلك من خلال الاستماع بانتباه واستيعاب الكلام المقال لك.
تشمل مهارة "الإصغاء" الجيّد ما هو غير منطوق، مثل ملاحظتك لتعابير وجه الطرف الآخر أو لغة جسده، والتي قد تساعدك على استشفاف أي المعلومات تهمّه أكثر من غيرها، ومدى حساسية الموضوع. وانتبه أنه في بعض الأحيان قد يكون هناك اختلاف شاسع بين الرسائل المنطوقة والرسائل غير المنطوقة للغة الجسد، حيث أن هذا التناقض ما بين المنطوق وغير المنطوق قد يكون علامة على أن الشخص لا يقول الحقيقة.
يمكنك إثبات أنك تولي من تصغي إليه اهتمامًا بطرح أسئلة ذات صلة بالموضوع والإدلاء بعبارات تساعد على توضيح نقاط بعينها. وبقيامك بذلك، تثبت للمتحدّث بأنك مهتم بما يقول.
يُحبّذ أن تلخص أهم نقاط الحوار وأن ترددها في ختام الحديث لتؤكد للطرف الآخر أنك كنت تصغي بعناية واهتمام لكافة أفكاره. كما أن هذه الخطوة تضمن فهمك كل شيء، مع إتاحة الفرصة للطرف المقابل لتصويب أي سوء فهم أو تذكيرك بأي نقاط من المحتمل أن تكون قد غفلت عنها.
في حين أن إتقان فن الإصغاء قد لا يكون بالمهمة السهلة، ولكن لم يفت الأوان أبدًا على الاستفادة من نقاطتنا السبع الواردة أعلاه لتطوير قدراتك في هذا المجال. وفي حال رغبت بالارتقاء إلى مستويات احترافية في فن الإصغاء، فإننا ننصحك وندعوك إلى حضور دورات "مهارات القطاعات الصاعدة" التي ننظمها في ’مسك‘.
هل استمتعت بقراءة هذه المقالة؟
شاركنا برأيك أو أسئلتك على