using MiskFoundation.BLL.Custom;

جسور ثقافية: رحلة نحو المستقبل العالمي

يستعرض المقال رحلة شخصية من باريس إلى الرياض والخبر، موضحًا كيف أصبح الشباب السعودي جزءًا أساسيًا في تعزيز الدبلوماسية الثقافية وبناء الجسور الثقافية. ويُبرز دور الشباب في تمثيل ثقافتهم والمساهمة في المبادرات العالمية مشيرًا إلى أهمية تعزيز الهوية الثقافية والتفاعل المشترك في بناء المستقبل.
عن الكاتب
منار آل محمود
فبراير 19, 2025
عضو في منصة مكان مسك
 
 

في ظل التطورات السريعة والتحديات المتزايدة التي يشهدها العالم اليوم، يواجه القادة مشكلات معقدة تتطلب مرونةً وابتكارًا في التعامل. هذه التحديات تعكس التحوّلات الاقتصادية، الاجتماعية، والتكنولوجية التي تُغيّر طبيعة القيادة بشكل جذري.

من بين جميع الأماكن في الرياض، لم أتخيل أبدًا أن لغتي الفرنسية ستكون مفيدة في سوق طيبة. قبل أسبوع فقط، ودّعت باريس بكل شوق بعد عامين ونصف من العمل الدبلوماسي في منظمة اليونسكو. كان من الصعب أن أقول 'أوو ريفوار' للمكان الذي أصبح موطني، بكل تفاصيله الصغيرة: رائحة الكرواسان الطازج من المخبز تحت شقتي، وبرج إيفل الذي كان يضيء لياليي في المكتب، حتى خط المترو المزدحم وركابه الذين لا يتوقفون عن الشكوى. ومع ذلك، يظل القلب دائمًا يشير إلى الوطن.

بعد استقراري في مسقط رأسي الخبر، تلقيت دعوة لحضور "كشتة" - ليلة صحراوية - في الرياض، فقبلتها بشغف بعد أن فاتتني العديد من التجمعات الاجتماعية خلال العامين والنصف الماضيين. وعندما وصلت إلى العاصمة، كانت أولى محطاتي سوق طيبة القديم والمزدحم. بعد غياب طويل، كان لدي الكثير لأتعرف عليه، خاصة فيما يتعلق بأحدث صيحات العباءات.

بينما كنت أتصفح صفوف العباءات المخملية، سمعت حديثًا بين رجل سعودي، وشاب من أصول إفريقية، وبائعة مرتبكة. وعندما التقطت اللهجة الفرنسية في إنجليزية الرجل الإفريقي المكسرة، ابتسمت وقلت: "Bienvenue en Arabie Saoudite." مرحبًا بكم في المملكة العربية السعودية.

وكأن المكان قد اختارني لأكون هنا. توجه إليّ الرجل السعودي قائلاً بارتياح، هل تتحدثين الفرنسية؟ هل يمكنك مساعدتي من فضلك؟ وقد قدم نفسه قائلاً إنه يرافق وزيرًا زائرًا من كوت ديفوار والذي كان يبحث عن عباءات لأخذها لبناته الصغار.

بعد تجاوز حاجز اللغة الثلاثي، ومشاركة نصيحتي للوزير الإيفواري بشأن أجمل الألوان، عُدت إلى ممرات السوق النابض بالحياة، حاملة معي شعور بالفخر، ولم يكن ذلك فحسب، بل أيضًا دفء التواصل المشترك، كجسر يربط بين اللغات والثقافات وعالمين مختلفين.

دور المملكة المتنامي في الدبلوماسية الثقافية

هذا اللقاء العشوائي، في أكثر مكان غير متوقع، جعلني أتأمل كيف أن المملكة العربية السعودية، بجذورها الثقافية العميقة، أصبحت أيضًا مركزًا متناميًا للتّبادل والتعاون الدولي. المملكة تحتضن دورها في تعزيز الحوار بين الثقافات داخل حدودها وخارجها. وقد كان هذا واضحًا لي أثناء عملي في منظمة الأمم المتحدة المتخصصة في مجال الثقافة، اليونيسكو، حيث كانت المملكة عضوًا نشطًا بشكل متزايد. ويتجسد هذا الانفتاح في حرصنا على استضافة الفعاليات الدولية الكبرى لأول مرة، مثل إكسبو 2030 وكأس العالم 2034، مما يشكل نقطة تحول تاريخية للمملكة.

مثل هذا الإنجاز هو شهادة على القيادة العازمة والموجهة برؤية واضحة لوضع بلادنا في موقع بارز على خريطة العالم. من خلال المبادرات التحولية والشراكات الاستراتيجية عبر قطاعات متنوعة، صنعت قيادتنا أساسًا راسخًا للتنمية المستدامة والتعاون الدولي. هذا النهج المستقبلي لم يرفع مكانتنا العالمية فقط، بل ألهم مواطنينا أيضًا ليشكلوا حاضرهم ومستقبلهم.

الشباب كسفراء ثقافة

يلعب الشباب دورًا محوريًا في تجسيد رؤية المملكة، وبناء جسور الثقافة والتعاون من خلال الانخراطات العالمية. شخصيًا، أنا عضو في مجتمع ”جلوبل شيبيرز"، وهي مبادرة من مبادرات المنتدى الاقتصادي العالمي تضم أكثر من 500 مركز حول العالم، بما في ذلك أربعة في المملكة. يتكون كل مركز من شباب محليين، يهدف كل مركز إلى معالجة القضايا العالمية من خلال مبادرات محلية متوائمة مع السياق الثقافي.

مؤخرًا، فاز مركزنا في الخبر باستضافة SHAPE MENA لأول مرة في السعودية. يعتبر هذا الحدث جزءًا من سلسلة فعاليات عالمية سنوية لتعميق التعاون المجتمعي عبر الحدود. تحت شعار "تشكيل مرونة الشباب لمواجهة التحولات"، يتضمن الحدث إبراز الهوية المحلية، وهو ما يتناغم مع الجهود الوطنية لتكريم جذورنا في الوقت الذي نحتضن فيه التغيير. مع مشاركة أكثر من 40 جنسية، يشتمل برنامجنا عدة فعاليات لتحفيز التبادل الثقافي ومنها جولة مميزة في موقع التراث العالمي لليونسكو في مدينة الأحساء، لاستكشاف جمال المنطقة الشرقية وتراثنا الغني.

هذا مثال على كيفية كوننا، نحن الشباب السعوديين، سفراء ثقافة، مدعومين برؤية مشتركة للتقدم والتي تُقدّر كلًا من التقاليد والابتكار. تعتبر الانخراطات العالمية، مثل تلك التي تقودها مسك، جزءًا أساسيًا في تمكين الشباب من المهارات والشبكات والفُرص للنّجاح على مستوى العالم، ليس فقط لتمثيل بلادهم بفخر، ولكن أيضًا للمساهمة بشكل مؤثر في الحوارات الدولية.

ختامًا لقد أضافت رحلتي بين الخبر وباريس، وبين المبادرات التي يقودها الشباب والمنظمات الدولية، إلى تعزيز شعوري بالهوية وأكدت الدور العميق الذي تلعبه الثقافة في بناء الروابط العالمية. مع استمرار تطور المملكة، يعمل شبابها الطموح كجسور، يشكلون مستقبلًا أكثر إشراقًا. 

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات