using MiskFoundation.BLL.Custom;

الاستدامة المالية للمنظمات غير الربحية

تحديات وفرص التحول
نستعرض في هذه المقالة مفهوم الاستدامة المالية، والتحديات التي تواجه المنظمات غير الربحية، بالإضافة إلى الحلول والفرص التي تمكّنها من تنويع مصادر دخلها وتعزيز كفاءتها المالية بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030.
عن الكاتب
لمى السالم
مارس 11, 2025
مدير مالي في جمعية علوم للبحث والتطوير باحثه ومهتمة في الاستدامة المادية.
 
 

تهدف مبادرات رؤية المملكة العربية السعودية ٢٠٣٠ إلى تحقيق التنمية المستدامة في جميع القطاعات، بما في ذلك القطاع غير الربحي. وتهدف المبادرات إلى تعزيز الاستدامة المالية للمؤسسات غير الربحية وتحسين جودة الخدمات التي تقدمها للمجتمع. كما تسعى إلى تطوير البنية التحتية وتعزيز التعاون بين المؤسسات الغير ربحية والحكومة والقطاع الخاص. وتشمل المستهدفات أيضًا توسيع نطاق الخدمات التي تقدمها المؤسسات وتحسين جودتها وتعزيز المشاركة المجتمعية وتعزيز الشفافية والمساءلة في العمل غير الربحي.

 

مفهوم الاستدامة المالية: التوازن بين الأهداف المالية والاجتماعية

تُعد الاستدامة المالية إحدى المفاهيم الأساسية في العمل غير الربحي في المملكة العربية السعودية.
الاستدامة المالية تعني القدرة على تحقيق التوازن بين الحصول على التمويل اللازم للقيام بالأنشطة والمشاريع، وبين تحقيق الأهداف الاجتماعية والبيئية على المدى البعيد، وتتطلب هذه العملية استراتيجيات مالية مدروسة تهدف إلى تحقيق استدامة طويلة الأمد للمؤسسات غير الربحية.

 

التحديات المالية للمنظمات غير الربحية

تواجه هذه المنظمات تحديات مالية تعكس تعقيدات البيئة التمويلية التي تعمل بها، وكيفية التعامل معها بفعالية. أبرز هذه التحديات والحلول الممكنة:

اعتمادية التمويل الخارجي للمنظمات غير الربحية تعتمد في العادة على التمويل من المانحين والمنظمات الدولية، وهذا يجعلها عُرضة لتقلبات التمويل وعدم الاستقرار. وذلك يعني أن على المنظمات تطوير مصادر تمويل متنوعة تعتمد على الإيرادات الداخلية وشراكات مع القطاع الخاص. ومن خلال ذلك، تتمكَّن المؤسسة من زيادة تأثيرها وقدرتها على تحقيق التغيير الاجتماعي.

 

  • تحقيق التوازن بين الإيرادات والمصروفات يتطلب تحقيق التوازن المالي ضبط النفقات بشكل فعّال وزيادة الإيرادات بدون التأثير على جودة الخدمات المقدمة. وكما يجب على المنظمات البحث عن مصادر إيرادات جديدة وتطوير استراتيجيات لزيادة الإيرادات المتاحة.

 

  • تعزيز الشفافية والمساءلة حيث يجب على المنظمات غير الربحية تعزيز مستوى الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المالية لكسب ثقة المانحين والجمهور، وتحقيق المزيد من الشفافية يمكن أن يساعد في جذب التمويل وزيادة الدعم للمشاريع والبرامج.

 

  • تطوير استراتيجيات مالية مستدامة يجب على المنظمات تطوير استراتيجيات مالية مدروسة، تهدف إلى تحقيق الاستدامة المالية على المدى البعيد، ومن المهم أن تكون هذه الاستراتيجيات مرنة وقابلة للتكيّف مع التغيّرات.

 

فرص الاستدامة المالية للمنظمات غير الربحية

توفِّر الاستدامة المالية للمؤسسات غير الربحية في المملكة العربية السعودية فُرصًا مهمة لتطوير القطاع غير الربحي وتشمل هذه الفرص:

  1. يُمكن للمؤسسات غير الربحية التوسّع في نطاق الخدمات التي تقدمها بمجرد تحقيق استقرار في التمويل المستدام. وذلك يعني تحسين وتوسيع البرامج الحالية التي تقدمها المؤسسة، أو إطلاق برامج جديدة تلبي احتياجات المجتمع بشكل أفضل. ومن خلال ذلك، تتمكَّن المؤسسة من زيادة تأثيرها وقدرتها على تحقيق التغيير الاجتماعي.
  2. تُشجِّع الاستدامة المالية المؤسسات غير الربحية على الابتكار في تمويل المشاريع. بفضل التمويل المستدام، يُمكن للمؤسسات استكشاف طُرق تمويل مبتكرة، مثل الشراكات مع القطاع الخاص والاستثمار الاجتماعي وتطوير مشاريع ذات طابع اجتماعي. ومن خلال هذه الابتكارات، تتمكَّن المؤسسات من تعزيز استدامة التمويل وتحقيق الأهداف الاجتماعية في نفس الوقت.
  3. يُمكن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات أن تلعب دورًا حاسمًا في تعزيز استدامة المؤسسات غير الربحية. باستخدام الحلول التكنولوجية، ويُمكن تحسين كفاءة العمليات المالية وإدارة الموارد، وتوسيع قاعدة المتبرعين والجمعيات التطوعية عبر الإنترنت. وتُسهم التكنولوجيا في تقليل التكاليف وتعزيز الشفافية وتحسين الاتصال والتواصل مع المستفيدين والجمهور العام.
  4. تُسهم الاستدامة المالية في تعزيز الشراكات والتعاون بين المؤسسات غير الربحية والشركات والمنظمات الأخرى. بفضل جاذبية التمويل المستدام، يتمكَّن المؤسسات من جذب اهتمام الشركات والحكومة للتعاون المشترك. يؤدي هذا التعاون إلى تبادل المعرفة والخبرات والموارد المالية، وبالتالي تعزيز قدرة المؤسسات على تحقيق أهدافها وتنفيذ مشاريعها بشكل أكبر وأكثر تأثيرًا.
  5. يُمكن للمؤسسات غير الربحية اعتماد نهج استثماري اجتماعي، عبر تحويل جزء من الأموال المتاحة لديها إلى استثمارات تعود بالفائدة المالية وتحقق الأثر الاجتماعي المرجو. بهذه الطريقة، يُمكن للمؤسسات أن تستثمر في الشركات والمشاريع التي تعمل على حل المشكلات الاجتماعية والبيئية. ومن خلال تحقيق توازن بين الأرباح المالية والأثر الاجتماعي، تحقق المؤسسات غير الربحية استدامة في عملها وتحقيق التغيير الإيجابي في المجتمع.

تهدف هذه الفرص إلى تعزيز التمويل المستدام للمنظمات غير الربحية في المملكة العربية السعودية، ودعم مشاريعها الاجتماعية. ومع ذلك، يجب دراسة وتقييم كل فرصة بشكل فردي لضمان مطابقتها احتياجات وأهداف المنظمة، بالإضافة إلى التكلفة والمخاطر المرتبطة بها. قد تتطلب بعض الفرص ترخيصًا أو تنظيمًا من الجهات المختصة، لذلك ينبغي الاستشارة والتعاون مع الجهات المعنية لضمان الامتثال للقوانين واللوائح المحلية.


في النهاية، من المهم أن تكون المنظمات غير الربحية على دراية بأفضل الممارسات والمعايير للابتكار المالي والتمويل المستدام. كما يمكن الاستفادة من الخبرات والموارد المتاحة من المنظمات المماثلة والمؤسسات المالية والمستشارين الماليين المختصين في هذا المجال. كذلك يجب أن يتم تقييم الأدوات المالية وتحديد الأنسب والأكثر مُلاءمة وفقًا لظروف وأهداف المنظمة لتحقيق التمويل المستدام والتأثير الاجتماعي المرجو.

يمكن للقطاع غير الربحي في المملكة تحقيق تحوّل نوعي يضمن له الاستدامة والاستقلالية المالية، مما يعزّز دوره في تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية المستدامة وفق رؤية 2030.

المزيد من الكاتب

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات