using MiskFoundation.BLL.Custom;

كيف تبدأ الإصلاح بإصلاح نفسك؟

تركز هذه الإضاءة على قوة التغييرات الإيجابية البسيطة وتأثيرها العميق على حياتنا وحياة الآخرين.
 
 

في رحلة الحياة، غالبًا ما ننشغل بتغيير العالم من حولنا، نقدم النصائح لكل عابر، نوجّه ونرشد كل صديق، نٌبدي آرائنا لتحسين العالم وجعله مكانًا أفضل للعيش! غافلين عن أن التغيير الحقيقي يبدأ من الداخل، من أعماق النفس التي تحوي القوة الحقيقية للتغيير.

تخيّل أنك تمتلك مرآة سحرية تعكس ليس فقط مظهرك الخارجي، بل أيضًا أفكارك، مشاعرك، وقيمك.

عندما تقف أمامها، ماذا ترى؟ هل ترى شخصًا متناغمًا مع ذاته، أم ترى تناقضًا بين ما تدعو إليه وما تطبقه؟ الإصلاح الذاتي هو مواجهة صادقة مع هذه الصورة. هو أن تقف أمام تلك المرآة، دون خوف من رؤية العيوب، ودون محاولة تبرير الأخطاء. إنه الاعتراف بأنك، مثل الجميع، إنسان قابل للخطأ، ولكنك أيضًا قادر على التغيير. وفي هذه الإضاءة، سنتعرّف على مفهوم "إصلاح الذات" بتفصيل أكبر، لنفهم كيف يمكن أن يكون رحلة مستمرة نحو التغيير والتحسين، وكيف نصبح أفضل نسخة من أنفسنا، لنعيش بحكمة، ونؤثر بإيجابية على حياتنا وحياة من حولنا.

 أهمية فهم أنفسنا؟

فهم أنفسنا هو الخطوة الأولى نحو حياة مليئة بالوعي، والرضا، والسلام الداخلي. إنه أشبه برحلة استكشافية داخلية لاكتشاف من نحن حقًا، وما الذي يجعلنا نشعر بالحياة، وما الذي يمنح لوجودنا معنى. في عالم مليء بالتحديات والضغوط، كثيرًا ما نتجاهل هذه الحاجة الأساسية وننشغل بالركض وراء المسؤوليات والأهداف، غافلين عن أن فهم أنفسنا والأثر الذي نسعى إلى صناعته.

عندما تفهم نفسك، تُصبح أقرب إلى صوتك الداخلي، ذلك الصوت الذي يرشدك أحيانًا ويمنحك البوصلة في الأوقات الصعبة أو المحيّرة، حيث تبدأ في التعرّف على نقاط قوتك، لتستثمرها وتبني عليها، وتدرك نقاط ضعفك، ليس لتجلد ذاتك، بل لتقبلها وتعمل على تحسينها. هذا الفهم يُمكنك لتكون أكثر تعاطفًا مع نفسك، ويساعدك على مواجهة التحديات بثبات.

 فهم الذات ليس ترفًا فكريًا! بل هو أمر مطلوب ومهارة أساسية في هذه الحياة، فعندما تفهم دوافعك وقيمك وأولوياتك، يصبح من السهل عليك تحديد ما يناسبك وما لا يناسبك، سواء كان ذلك في علاقاتك مثل اختيار أصدقائك، أو عملك وتحديد الفرص المناسبة لك أو البيئة التي تتلائم مع "شخصيتك"، أو حتى في طريقة قضاء أوقات فراغك.

 هنا 4 أسئلة تساعدك على فهم نفسك، حاول أن تجيب عليها بكل تفصيل أو أن تبحث عن إجاباتها بداخلك، يمكنك أيضًا سؤال الأشخاص القريبين منك لمساعدتك في الإجابة على هذه الأسئلة.

  • ما الذي يجعلني أشعر بالسعادة الحقيقية؟ فكر في اللحظات التي شعرت فيها بالفرح العميق والرضا عن نفسك. ما الأنشطة أو الأشخاص أو الإنجازات التي أسهمت في ذلك؟
  • ما هي القيم التي أؤمن بها وأرغب في أن تعكس حياتي؟ قيمك هي المبادئ التي ترشدك في اتخاذ القرارات. حدد ما إذا كنت تعيش حياتك بما يتماشى مع هذه القيم أم تحتاج إلى تعديل مسارك.
  • ما هي نقاط قوتي ونقاط ضعفي؟ التعرف على الجوانب التي تميزك والجوانب التي تحتاج إلى تحسين يساعدك على النمو بشكل أكثر وعيًا.
  • ما هي الأحلام أو الأهداف التي أهملتها، ولماذا؟ فكر في الطموحات التي وضعتها جانبًا. هل كان السبب الخوف، أو الظروف، أو عدم وضوح الهدف؟ كيف يمكنك إعادة إحياء هذه الأحلام؟

 العادات الصغيرة ودورها في صناعة "التغيير"

في كثير من الأحيان، نعتقد أن التغيير يحتاج إلى تحولات جذرية أو خطوات كبيرة، ولكن الحقيقة قد تكون أقل تعقيد بكثير من هذه الخطوات الكبيرة. العادات الصغيرة، هي الأفعال اليومية البسيطة التي قد لا نلاحظها أحيانًا، ولكنها تحمل تأثير هائل وكبير يفوق التوقعات.

على سبيل المثال، استيقاظك خمس دقائق مبكرًا كل يوم يمنحك لحظة للتفكير الهادئ أو التخطيط ليومك. قراءة صفحة واحدة فقط يوميًا من كتاب تحبه قد تبدو غير مؤثرة، ولكن خلال أشهر، تجد نفسك قد انتهيت من كتاب كامل. تخيل كيف يمكن لتلك الكلمة الطيبة التي تقولها لشخص عزيز أن تُغيّر يومه بالكامل، وفي الوقت نفسه تُضيف إلى رصيدك من الطاقة الإيجابية والسعادة.

هذه العادات البسيطة مع مرور الأيام والسنوات تصبح هي سلوكياتنا الجديدة وهي ما تعكس ما بداخلنا فعلاً، فبدلاً من محاولة إجراء تغييرات كبيرة، فقط أبدا بالعادات البسيطة وستكون جزء من يومك مع مرور الوقت دون أن تشعر.

في الختام قد تظن للوهلة الأولى أن التغيير الشخصي مسألة فردية بحتة، تخص الفرد وحده، لكن بالحقيقة أن مثل هذه التغييرات الإيجابية هي تشبه "العدوى" تمامًا حيث إن الإصلاح الشخصي لا يبقى محصور داخل حدود النفس بكل يمكن أن يؤثر على محيطنا بشكل تدريجي. هل تذكر المرة التي تدخل إلى متجر لبيع قهوة، وأنت في قمّة التعب والإنهاك، وفجأة تجد موظفًا يبتسم لك بحرارة ويرحب بك بكل حب.

يمكن أن يكون موقفًا عاديًا وسلوكًا طبيعيًا، ولكنه يترك أثر أكبر مما يتوقع في داخلك! وبدون وعي، ترتسم الابتسامة على وجهك، وتتحسن حالتك المزاجية بشكل تدريجي. ثم تكمل يومك وأنت في أعلى مستويات الرضا الذاتي وتنقل هذه الطاقة لمحيطك في العمل والحياة الشخصية.

هذه اللحظة الصغيرة تشبه العدوى تمامًا حيث إنها تنتقل من شخص إلى آخر، وتحول اليوم العادي إلى يوم مليء بالسعادة والرضا. وهذا بالضبط ما يحدث عندما تبدأ بهذه التغييرات الصغيرة لإصلاح نفسك وإصلاح العالم من حولك!

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات