خطط ثم أتقن
نسعى جميعًا لترك أثرٍ يمتد لسنوات أطول من أعمارنا. ويتطلب الأثر المستدام الكثير من الأمور؛ أولها وقبل كل شيء أن يختار الشخص بعنايةٍ الطريق الذي يسير به في حياته، ثم يُتقن مهنة تلبي شغفه واحتياجاته، وبعدها تأتي مرحلة الفوز؛ بانتصارٍ وتحقيق إنجاز، أو بأثرٍ باقٍ، صغيرًا كان أم كبيرًا.
التحدي
ولا يتحقق هذا الانتصار إلا بسد الفجوة بين التخطيط والتنفيذ، وهو ما تحدث عنه د. ناصر بن دهيم»، مستشار في مجال البحث والتخطيط الاستراتيجي، فقد أكد أن المملكة العربية السعودية تُعد من أفضل خمس دول في العالم فيما يتعلق بجودة وهمّة الشباب، إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجههم هو الانتقال من مرحلة التخطيط إلى التنفيذ، حيث يحدث التعثر في هذه المرحلة.
كيفية سد الفجوة
ومن أجل سد هذه الفجوة، يجب أن يتجنب الشباب «الأعراض السبعة» أو المرض الاستراتيجي كما أسماه د.ناصر دهيم، ومن بينها أنْ حلم الشخص قد يكون أكبر من إمكانيات المنظمة أو فريق العمل، أو أن يدخل الفرد في دوامة التخطيط؛ فيظل يخطط معظم الوقت دون أن يبدأ في التنفيذ، فإن أي مشروع أساسه 10% تخطيط، و90% تنفيذ.
تعد كثرة الأهداف -كذلك- من الأمور التي تقف عقبة في طريق نجاح أي مشروع وترك أثر مستدام، إذ ذكر د.ناصر أن " الدراسات تشير إلى أنّ تحديد هدف واحد إلى ثلاثة أهداف يجعلها قابلة للتحقيق بنسبة 100%، وتحديد أربعة إلى ستة أهداف، يقلل نسبة تحقيقها إلى 60%، وما بين سبعة إلى عشرة أهداف يجعل نسبة تحقيقها صفرًا".
أشار د.ناصر في حديثه إلى وجود الكثير من النماذج التي تتحدث عن التخطيط مقابل نماذج قليلة تتحدث عن التنفيذ، كتاب (FIRE) - لكاتبه «دان وارد» خبير التكنولوجيا العسكرية - نموذجًا يمكن أن يُحتذى به في تنفيذ أي مشروع ناجح، بالاعتماد على أربع عوامل أساسية من بينها تقليل التكلفة بالبعد عن التقنيات الحديثة جدًا وغير المتوفرة.
تؤثر صناعة المعرفة في الوصول إلى قمة إحداث الأثر،، فليس بالضروري أن تكون المشروعات التي تُنفذ داخل المملكة طٌبقت من قبل خارجها، بل الأفضل أن تُنفذ المملكة مشروعات للمرة الأولى في العالم، وأن يكون الهدف أن تستقي باقي الدول أدوات صناعة المعرفة من السعودية، ومن أبرز الأمثلة على ذلك مشروع نيوم.
نصيحة للشباب
وتوجه د.ناصر بالنُصح للشباب، بأن يعرفوا نوع المنظمة التي يعملون بها، هل هي منظمة قائمة على التبرعات، أم منظمة ريادة أعمال اجتماعية، أم مؤسسة ربحية لها تأثير اجتماعي، أم مؤسسة تجارية تقليدية، مشيرًا إلى أن النوع الأول والأخير عمرهما قصير، لأن الأول يتوقف إذا توقف التبرعات، والأخير يتوقف إذا تغيرت التشريعات، فأنشطته قد تتعارض مع القوانين والبيئة. وتعد مؤسسة محمد بن سلمان "مسك" من أوضح الأمثلة على مؤسسات ريادة الأعمال الاجتماعية التي تترك تأثيرًا كبيرًا، لأن نموذجها التشغيلي قائم على استثمار التبرعات في أنشطة اقتصادية تترك أثرًا مستدامًا.