|
تبذُل المنظمات غير الربحية عادةً جهوداً حثيثة لإيجاد مصادر للتمويل والتوريد، لكن عند قيامها بمدّ جُسور التعاون فيما بينها، يتضاعف الأثر الإيجابي لمشاريعها بدرجة أكبر، ويعزى ذلك لسهولة بسط مسارات التعاون فيما بينها، ما يتيح مشاركة الموارد والمصادر بمستوى أعلى من الفائدة والجدوى مقارنة بالجهود التي تبذلها كل منظمة على حدة.
وتتجلى الخطوة الأولى لوضع أسس هذا التعاون في تحديد متطلبات المنظمة، والخدمات التي تستطيع تقديمها. فعلى سبيل المثال، قد تحتاج إحدى المنظمات للمزيد من المتطوعين أو مصادر التمويل، في حين قد تملك منظمة أخرى فائضََا من المساحات المكتبية غير المستخدمة. وبمجرد تحديد هذه الاحتياجات، ينبغي على المنظمات وضع الآلية التي تُمكّنهم من مساعدة بعضهم البعض عبر مشاركة الموارد أو الخبرات. من جهةً أخرى، يتوجب على المنظمات غير الربحية الأخذ بعين الاعتبار توطيد سُبل التعاون فيما بينها، كونها تُعزز من بصمتها الإيجابية على المجتمعات بدرجة أكبر بكثير مما كانت ستحققه لو عملت كل منها بمفردها، كما أنها ستتمكن من الوصول إلى المصادر التي لا تستطيع تأمينها عادةً، مثل شبكات التواصل وقنوات الاتصالات. شراكات المنظمات غير ربحية في المملكة هناك العديد من الأمثلة الحيّة على الدعم الحكومي المتواصل لقطاع المنظمات غير الربحية، حيث يطمح "برنامج التحول الوطني" إلى توسيع دائرة الشراكات مع المنظمات غير الربحية في سبيل تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030. وتتضمن دائرة الشراكات هذه المساهمة في تنفيذ المبادرات بشكل جزئي أو كلي، وتوفير برامج التدريب والتأهيل، وإطلاق الحملات التوعوية أو الإعلامية، وتمكين التمويل الجماعي، حيث يصبو الهدف الرئيسي لهذه الشراكات إلى توحيد جهود هذا القطاع كي يتمكن من مواكبة تطلعات رؤية 2030، وبناء القدرات، وتعزيز أثره وفائدته المنعكسة على المجتمع والأفراد. كيفية إرساء سُبل التعاون بين المنظمات غير الربحية تُبدي المنظمات غير الربحية الكثير من النوايا الحسنة التي يصعبُ تحقيقها أحيانََا، وذلك نتيجة افتقارها للموارد والقوى العاملة اللتان تتيحان لها إحداث الأثر الكبير. لكن، وبفضل شراكاتها البناءة مع غيرها من المنظمات غير الربحية، يصبح بإمكانها إحداث الأثر الإيجابي بدرجة أكبر ضمن مجالات تخصصها. وإليكم فيما يلي ثلاث طرق تتيح للمنظمات غير الربحية إرساء سُبل التعاون فيما بينها:
١. المشاريع المشتركة: تُبصر هذه المشاريع النور عند اتحاد منظمتان، أو أكثر من المنظمات غير الربحية، في سبيل إنشاء منظمة واحدة أكبر. وتُعدّ المشاريع المشتركة من الطرق الفعالة لتوحيد وجمع موارد وشبكات المنظمات غير الربحية الصغيرة، من أجل وضعها تحت تصرّف منظمة موحدة، بطاقة تنفيذية أكبر. ومن شأن سُبل التعاون هذه إرساء شبكات وعلاقات أقوى، وتحقيق المزيد من النجاحات. كما أن المشاريع المشتركة تفتح الباب واسعََا أمام مصادر التمويل المختلفة، التي بالإمكان استثمارها لتخصيص ميزانية أكبر من عدة مصادر، أغلبها يأتي من المنح، ما يؤمن للمنظمات غير الربحية قدرََا كبيرََا من التمويل وقنوات التواصل.
٢. الشراكات: تتحقق الشراكات نتيجة عمل منظمتان، أو أكثر من المنظمات غير الربحية، مع بعضها البعض دون الحاجة للاندماج ضمن منظمة واحدة. تُعتبر الشراكات من الوسائل المؤثرة التي تلجأ إليها المنظمات غير الربحية لمشاركة المصادر، وإرساء أسس التعاون، وتحقيق العمل المشترك من أجل إنجاز المشاريع. كما أن العمل المشترك يتيح للمنظمات غير الربحية تعزيز بصمتها وكفاءتها في العمل. فعلى سبيل المثال، بإمكان إحدى المنظمات غير ربحية مشاركة أحد مكاتبها مع منظمة أخرى لقاء خدمات أو خبرات تُغني معرفتها.
٣. التحالفات الاستراتيجية: تنتج هذه التحالفات من توحيد جهود منظمتان، أو أكثر من المنظمات غير الربحية، لإنجاز المشاريع، بحيث تعمل قواها العاملة مع بعضها البعض لفترة من الزمن. ويُنظر إلى التحالفات الاستراتيجية بكونها من الوسائل عالية الفعالية والقادرة على معالجة القضايا والتحديات الصعبة. فعندما تقوم منظمتان غير ربحية بتوحيد جهودهما معاً يُصبح بإمكانهما تعزيز أثرهما وقدرتهما على تخصيص الموارد بدرجة أعلى من الكفاءة، ما يعود بالفائدة على كلا المنظمتين، وذلك نتيجة مشاركتهما المهارات والخبرات فيما بينهما، فضلاً عن توسيع دائرة خدماتهما المقدمة للجمهور. بناءً على ما سبق، تتجلى بصمة وأثر المنظمات غير الربحية على نطاق واسع حول العالم، فهي تحتل جزءََا حيويََا من المجتمع، وتوفر خدمات لا يستطيع أي قطاع آخر تأمينها. ومن خلال توحيد جهودها وشراكاتها مع غيرها من المنظمات غير الربحية، ستصبح قادرةً على تنفيذ أهدافها بدرجة أعلى من الكفاءة، إلى جانب تحقيق الفائدة للأفراد الذين يستحقونها. |
