تٌعد إدارة المشاريع التنموية منهجية منظمة تهدف إلى إحداث تغيير إيجابي ومستدام في المجتمع، من خلال تحسين جودة حياة الأفراد والمجتمعات، ومعالجة التحديات الاجتماعية والاقتصادية وتعزيز التنمية المستدامة على مختلف الأصعدة. كما أنها تتميز بعدد من الخصائص، من أهمها:
تتكون دورة حياة المشروع التنموي عادةً من خمس مراحل رئيسية: التفكير والتأسيس، التخطيط، التنفيذ، المتابعة والتقييم، ومرحلة الاختتام. حيث تتضمن مرحلة التأسيس طرح أفكار للمشاريع لحل مشكلات في المجتمع، بينما تركز مرحلة التخطيط على تحديد أهداف المشروع ونطاقه وجدوله الزمني وميزانيته ومتطلباته من الموارد وتتضمن مرحلة التنفيذ تنفيذ العمل الفعلي لخطة المشروع وتركز مرحلة المتابعة والتقييم على تتبع التقدم وضمان بقاء المشروع في الموعد المحدد وفي حدود الميزانية. وأخيرًا، تتضمن مرحلة الاختتام أو الإغلاق إطلاق الموارد وتقييم نجاح المشروع.
تبدأ رحلة المشروع التنموي بمرحلة التفكير والتأسيس، وفي هذه المرحلة يتم تحديد الاحتياجات وتحليل المشكلة التي يسعى المشروع التنموي إلى حلها من خلال:
وعادة لا يهدف تقدير الاحتياجات فقط إلى الحصول على معلومات حول اهتمامات الناس وتفضيلاتهم، ولكن يقوم جانب هام منه على التعلم داخل المجتمع حتى تتمكن من تحديد رؤية واضحة للمشروع ووضع أهداف قابلة للقياس وربط هذه الأهداف بالاحتياجات لتقييم الجدوى وتحديد الموارد البشرية والمالية وتحليل التكاليف والفوائد وتقييم المخاطر.
يمكن تحديد هذه الاحتياجات بواسطة هرم ماسلو للاحتياجات الإنسانية الذي قدمه العالم أبراهام ماسلو عام 1943 م، في ورقته البحثية "نظرية الدافع البشري" حيث يصف هذا الهرم هيكلاً من الاحتياجات الإنسانية التي تٌحفّز سلوك الإنسان.
مراحل الهرم:
يتكون الهرم من خمسة مستويات تبدأ حسب الأهمية:
تأتي مرحلة التخطيط بعد وضع حجر الأساس للمشروع التنموي لتحديد نطاق العمل بدقة مثل مكونات وحدود المشروع والفئات المستهدفة، ووضع خطة عمل شاملة كأن يتم تقسيم المشروع على عدة مراحل لتحديد الأنشطة والمسؤوليات والجداول الزمنية والميزانية اللازمة لكل مرحلة في المشروع لتقدير التكاليف وتحديد مصادر التمويل.
في مرحلة التنفيذ، يتم تحويل الخطط إلى واقع ملموس كما يقول بيل جيتس "إدارة المشاريع هي فن تحويل الأحلام إلى حقيقة" ومن هنا تأتي الحاجة إلى تكوين فريق عمل يتمتع بمهارات عالية مثل مهارات التخطيط والتنظيم، مهارة القيادة والتواصل، مهارة حل المشكلات واتخاذ القرار، ومهارة إدارة المخاطر والوقت لتحديد أدوار ومسؤوليات واضحة وبناء روح الفريق المتعاون. كما يتم العمل في هذه المرحلة على إدارة المخاطر التي قد تواجه المشروع من خلال تحديد المخاطر المحتملة ووضع خطط للوقاية من المخاطر وخطط للتعامل مع هذه المخاطر. وأخيرًا، فإن مرحلة التنفيذ تتميز بالتواصل الفعّال مع أصحاب المصلحة لاطلاعهم على تقدم المشروع والحصول على تعليقاتهم وملاحظاتهم وضمان مشاركتهم بشكل مستمر.
لا تنتهي رحلة المشروع بمجرد تنفيذه، بل تستمر مرحلة المتابعة والتنفيذ لضمان سير العمل وفقًا للخطة، كما يتم رصد تقدم المشروع باستخدام مؤشرات الأداء الرئيسية وجمع البيانات وتحليلها وإعداد التقارير الدورية، وتقييم الأداء مقابل الأهداف من خلال مقارنة النتائج مع الأهداف وتحديد نقاط القوة والضعف لإجراء التعديلات اللازمة مثل تعديل خطة العمل أو تعديل الميزانية أو تعديل استراتيجيات التنفيذ.
تٌختتم مرحلة المشروع التنموي بمرحلة الإغلاق حيث يتم توثيق الدروس المستفادة من جميع مراحل المشروع بكتابة تقرير شامل يستخلص أفضل الممارسات لمشاركتها مع الآخرين. كما تحتفل المشاريع التنموية عادة بالإنجازات التي حققتها وتٌعلنها كقصة نجاح.
مثال من عالم المشاريع التنموية:
مشروع تحسين فرص التعليم للأطفال في القُرى والهجر:
وأخيرًا فإن أهمية فهم مراحل دورة حياة المشاريع التنموية تضمن سير العمل بشكل سلس لتحقيق الأهداف المرجوة وإدارة المخاطر بفاعلية واستدامة نتائج المشروع. لذا ندعو جميع المهتمين بالتغيير الإيجابي إلى المشاركة في مجال المشاريع التنموية لبناء مستقبل أفضل للمجتمعات من خلال التطوع أو التوعية لدعم المشاريع التنموية واكتساب مهارات إدارة المشاريع ونشر الوعي حول أهمية المشاريع التنموية.