تحليل مشاعر العملاء: قيمة فهم عميلك

يمكن لجمع بيانات العملاء أن يفتح آفاقاً لأعمالك غير مُستغَلّة بعد؛ هذا ما تعرفه بطبيعة الحال بصفتك صاحب عمل تجاري أو شركة،
يتطلّب تحليل المشاعر الذي يُستخرَج من رسائل العملاء المكتوبة أو المنطوقة، أن تعرف العلامات التجارية حسن المعرفة كيف يفكّر عملاؤها. ولكي تفهم الشركات آراء عملائها حول منتجاتها وخدماتها، تجمع البيانات النصية وتحلّلها، سواء عن طريق الاستطلاعات والاستبيانات أو عن طريق منصات التواصل الاجتماعي التابعة للعلامات التجارية.

يمكن لجمع بيانات العملاء أن يفتح آفاقاً لأعمالك غير مُستغَلّة بعد؛ هذا ما تعرفه بطبيعة الحال بصفتك صاحب عمل تجاري أو شركة، وبغضّ النظر عن القطاع الذي تعمل فيه. ومهما كان نوع شركتك التي تديرها، وحجمها، أو نوع المنتجات أو الخدمات التي تقدمها، يجب أن يؤدّي جمع بيانات العملاء في النهاية إلى تحسين عملية اتّخاذ القرار وتزويدك برؤى ومعلومات وأفكار مفيدة لعملك.

يتزايد جمع الشركات لكميات هائلة من البيانات حول عملائها بهدف استخدامها لتبسيط رحلتهم على طول عملية الشراء، ثمّ زيادة العائد على الاستثمار. البيانات هي المفتاح الحقيقي لتحسين عملك، ولكنّ جمع البيانات ليس إلّا الخطوة الأولى. يظهر هنا دور تحليل المشاعر، وهي العملية التي تسمح لك بفهم البيانات وتحليلها في الوقت الذي تحصد فيه معلومات ورؤى مفيدة لعملك.

تحليل المشاعر، أي المعلومات الرئيسية من البيانات التي تم جمعها، هو ما يسمح للشركات باستخراج معلومات ورؤى ذات مغزى من هذه البيانات. يركّز هذا الشكل من التحليل على تقييم النصوص المكتوبة والمنطوقة لتحديد المشاعر التي يقصد العملاء التعبير عنها تجاه الشركة. كما يفتح استخدام هذه البيانات الطريق أمام معرفة ما يصلح وما لا يصلح للعلامة التجارية.

هذا الشكل من التنقيب عن البيانات، وتحديداً تعدين البيانات (data mining) المتعلّقة بالرأي أو الذكاء الاصطناعي العاطفي، يساعد الشركات في عملياتها اليومية لا سيما عندما يصبح التنقيب مؤتمتاً. والمقاييس التي تنتج عن ذلك تمكّن المشاريع من اتخاذ التدابير اللازمة لتحسين عروضها التجارية.

 

الفوائد الناجمة عن تحليل مشاعر العملاء

يُعد فهم شعور الجمهور تجاه علامتك التجارية أمراً أساسياً لتوفير تجربة عملاء استثنائية. وفيما يلي عدد من الطرق التي توضح كيف يمكن لتحليل مشاعر العملاء أن يؤثر إيجاباً على شركتك.

1 - تحسين خدمة العملاء

تظهر الدراسات أن تخلّي العملاء عن ولائهم للعلامة التجارية كلياً والتحوّل إلى المنافسين يتطلّب أقل من ثلاث تجارب سيئة يمرّون بها. ولذلك، تمثّل خدمة العملاء الاستثنائية حجر الأساس لنموّ الأعمال. يخوّلك تحليل مشاعر العملاء معرفة ما إذا كنت على المسار الصحيح، ويمكن أن يؤكّد لك ذلك من خلال تحليل ملاحظات العملاء وآرائهم، فهو يوفّر لك معلومات قيّمة حول نوع المشاعر السلبية التي أظهرها العملاء تجاه علامتك التجارية، والوقت الذي عبّروا فيه، والسبب الذي دفعهم إلى ذلك. يساعد هذا التحليل شركتك على تجنّب العوامل التي أدّت إلى مرور العملاء بتجاربهم السيئة. وجدنا في إحدى الدراسات التي أجريناها في "لوسيديا" (Lucidya) أنّ الشركات التي استخدمت أداتنا لتحليل المشاعر العامة استطاعت خفض التعليقات السلبية بنسبة 67% في غضون عام واحد.

2 - تعزيز المنتجات والخدمات

تحليل مشاعر العملاء يساعد العلامات التجارية على تحديد المشاكل أو الصعوبات المختلفة التي يواجهها العملاء. لقد رأيتُ الكثير من العلامات التجارية التي تقوم بتحليل مشاعر العملاء بناءً على المراجعات والتقييمات والاستطلاعات ومنصات التواصل الاجتماعي، وهي ما كانوا يستخدموه لتحديد ما تفتقر إليه علامتهم التجارية، وتحديد الإجراءات التي يمكن أن تساعدهم في تحسين منتجاتهم وخدماتهم الحالية والمستقبلية.

3 - تعزيز استراتيجيات التسويق

تسمح لك نماذج تحليل مشاعر العملاء الفعالة بتحديد التوجّهات الحالية في القطاع الذي تعمل فيه، وجمع المعلومات والرؤى حول الأسواق الرائدة، ثمّ استخدام هذه الأفكار عند إطلاق المشاريع في أسواق جديدة. برأيي، من المهمّ للشركات أن تطّلع على التوجّهات الرئيسية في قطاعها، فهذا يساعدها على تعزيز استراتيجياتها التسويقية والاستفادة من الرؤى المجمّعة لتوفير تجارب شخصية وعصرية. يمكن لذلك أن يساعد الشركات على قطع شوط مهم نحو تقليل معدلات خسارة العملاء وزيادة معدّلات اكتسابهم.

4 - رصد سمعة العلامة التجارية

أعلم تماماً أنّ بناء عمل تجاري وتأسيس شركة من الصفر ليس بالأمر السهل أبداً، غير أنّ الأصعب من ذلك هو الجهد المطلوب للحفاظ على بروز علامتك التجارية في سوق تنافسية. وأعتقد شخصياً أنّ تحليل المشاعر أصبح أساسياً في تتبّع ملاحظات العملاء وآرائهم، وإدارة سمعة العلامة التجارية من وجهة نظر العملاء.

يمكنك عن طريق تحليل المشاعر أن تدقّق بسهولة في توقّعات العملاء حول علامة تجارية ما، أو موضوع ما، واكتشاف سبب استيائهم من خدمة معينة. وعند اكتشاف هذه الخدمات وإيجاد الحلول المناسبة لمنع استياء العملاء منها، لن تعود مضطراً إلى التفاعل السلبي علناً، ممّا سيقلّل من الآثار التي قد تطال سمعة العلامة التجارية التي بنيتها على مدى سنوات من الجهد والعمل الجاد.

5 - زيادة العائد على الاستثمار

شهدتُ على المستوى الشخصي كيف يمكن لتحليل مشاعر العملاء أن يساعد العلامات التجارية على اتّخاذ إجراءات لتحسين منتجاتها وخدماتها. وأعتقد أنّ اكتشاف مشاعر العملاء تجاه عملك أو منتجاتك وخدماتك يمكن أن يساعدك على معرفة المجالات التي ينبغي أن تجري فيها التحسينات والتغييرات. والأهمّ من ذلك أنّه عندما تطبّق تحليل للمشاعر على منافسيك، سيكون بمقدورك أن تعدّل استراتيجية علامتك التجارية، وتحقّق أفضل النتائج من استراتيجيات التسويق.

مثال عملي على استخدام تحليل المشاعر

إحدى شركات الطيران تتلقى يومياً  المئات، إن لم يكن الآلاف، من التعليقات والإشارات لها على وسائل التواصل الاجتماعي. يصل بعض هذه الإشارات والتعليقات على شكل أسئلة، وغيرها بصورة إطراءات، والأخرى بصورة أهمّ وهي الشكاوى. ينبغي لشركة الطيران، لكي تحافظ على رضا العملاء، أن تجيب على هذه الشكاوى بسرعة. فالاستجابة السريعة تساهم في التخفيف من المخاطر التي يمكن أن تسبّبها هذه الشكاوى في حال انتشرت بسرعة، ممّا يؤدي إلى كارثة في العلاقات العامة.

ومع ذلك، يبقى السؤال: كيف يمكن لشركة الطيران فلترة الشكاوى من بين آلاف التعليقات بسرعة وفعالية؟ الجواب بسيط، فبدلاً من تعيين فريق كبير لدعم العملاء، يمكن لها أن تعتمد على أدوات مثل "لوسيديا" التي تستخدم الذكاء الاصطناعي لقياس المشاعر في كلّ منشور بجزءٍ من الثانية، ثمّ تنبّه الفريق المناسب فوراً عند اكتشاف أيّ شكوى.

الخلاصة الرئيسية التي استنتجها من هذا المثال هي تحليل مشاعر العملاء وتصحيح مواضع شكوى العملاء بأقلّ جهد ممكن، وأقصر وقت ممكن، وفي الوقت نفسه تعزيز رضا العملاء وزيادة العائد على الاستثمار من خلال تكرار العمل مع هؤلاء العملاء.

تحليل المشاعر كمكّملٍ لأدوات تحسين تجربة العملاء

إلى جانب تحليل المشاعر، أجد أنّ روبوتات الدردشة من أكثر الفرص التجارية إثارة في عالم اليوم الذي تغذيه البيانات. روبوتات الدردشة، أي البرمجيات المستخدمة لتعزيز تجربة العملاء من خلال أتمتة المحادثات والتفاعل مع المستهلكين عبر منصات المراسلة، تشكّل مثالاً رائعاً على استخدام تحليل المشاعر كمكمّلٍ لأدوات تحسين تجربة العملاء.

يسعى المزيد من الشركات إلى تحسين تجربة العملاء عن طريق إضافة ميزات تحليل المشاعر إلى روبوتات الدردشة الخاصة بها. فتحليل مشاعر العملاء ضمن المحادثات، يتيح لروبوتات الدردشة فهم مشاعر العملاء، سواء كانت إيجابية أو سلبية أو محايدة، عبر تحليل بُنية الجملة والإشارات اللفظية.

يمكن أن تستفيد الشركات من تحليل المشاعر باستخدام روبوتات الدردشة بعدّة طرق، مثل تحسين الاستجابة لتصبح أدقّ وأسرع، وتقديم الخدمات التعاطفية، وتوفير محادثة ذات صلة للعملاء.

أدى اعتماد تحليل المشاعر من قبل الشركات في السنوات الأخيرة إلى تحسين تجربة العملاء وتغيير معنى فهم العملاء بصورة كبيرة. أرى أنّه يمكن لكلّ شركة، مهما كان حجمها، أن تستفيد من الاستثمار في تحليل مشاعر جمهورها المستهدف.

في الختام، لكي تكون الشركات قادرة على المنافسة عالمياً، من المهم لها أن تتبنّى تقنيات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي ومعالجة اللغة الطبيعية. تهدف رؤية المملكة 2030 إلى تطوير الكثير من القطاعات الجديدة في البلاد، مع التركيز بشكل كبير على التقنيات والمنتجات الجديدة. وأعتقد أنّ تطوير مثل هذه التقنيات وتبنّيها من قبل الشركات المحلية سيساعد في دفع الاقتصاد السعودي نحو المستقبل.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات