التكنولوجيا العقارية - تغيير صورة صناعة العقارات التقليدية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عن طريق التكنولوجيا

في المراحل الأولى من تبنّي التكنولوجيا. يجذب قطاع العقارات أكبر نسبة استثمارات في العالم وصلت إلى 9.6 تريليون دولار أميركي في عام 2019، ولكنّه يعاني من عدم استغلال الإمكانات التي توفرها التقنيات المتنوّعة المتاحة في يومنا هذا
مع استمرار التحدّيات والتغييرات التي تعصف بالسوق العالمي، مثل التغير المناخي، وازدياد عدد السكان، وحتّى جائحة كوفيد-19، شهدنا تسارعًا في تبنّي تقنيات جديدة في مجالات مختلفة، ممّا أدّى إلى أن تصبح التكنولوجيا العقارية ظاهرة عالمية..

تعدّ العقارات أكبر فئات الأصول في العالم حتّى الآن، ولكنّ المنتجات والخدمات التي تحيط بها لا تزال في المراحل الأولى من تبنّي التكنولوجيا. يجذب قطاع العقارات أكبر نسبة استثمارات في العالم وصلت إلى 9.6 تريليون دولار أميركي في عام 2019، ولكنّه يعاني من عدم استغلال الإمكانات التي توفرها التقنيات المتنوّعة المتاحة في يومنا هذا، كما أنّ أصحاب المصلحة يعتمدون على أدوات تقليدية لإدارة عملياتهم التشغيلية. وفي الآونة الأخيرة، برزت موجة من المبتكرين الذين يعملون على تسخير بعض التقنيات الحديثة لخدمة سوق قطاع العقارات، فظهر مصطلح "التكنولوجيا العقارية" (PropTech).

ابتُكر مصطلح "التكنولوجيا العقارية" حديثًا ليصف الابتكار والتحوّل الرقمي (التكنولوجيا ونماذج الأعمال) في دورة حياة العقارات عبر جميع فئات الأصول.

في السنوات القليلة الماضية، استثمر عدد من الشركات الاستثمارية بقوة في شركات التكنولوجيا العقارية التي تركّز على دمج تقنيات مختلفة ضمن سلسلة القيمة الخاصة بقطاع العقارات، بما في ذلك إدارة المرافق، وإدارة الأصول، وتصميم العمارة، والبناء، والكثير من المجالات الأخرى.

مع استمرار التحدّيات والتغييرات التي تعصف بالسوق العالمي، مثل التغير المناخي، وازدياد عدد السكان، وحتّى جائحة كوفيد-19، شهدنا تسارعًا في تبنّي تقنيات جديدة في مجالات مختلفة، ممّا أدّى إلى أن تصبح التكنولوجيا العقارية ظاهرة عالمية. ومع وصول الجائحة إلى ذروتها في عام 2021 ووصول العالم إلى طريق مسدود، ظهرت مرونة التكنولوجيا العقارية وصلابتها في استثمار 23.75 مليار دولار في 425 شركة تكنولوجيا عقارية في العالم، في مقابل 24.3 مليار دولار في عام 2019. وذلك على الرغم من أنّ هذه المرونة والصلابة ظهرت بعد قفزة في هذا المجال بحجم الصفقات التي بلغت 11.2 مليار دولار في عام 2018 (أي بنمو بنسبة 152.7% على أساس سنوي) و12.7 مليار دولار في عام 2017.

بالإضافة إلى ذلك، تقوم الحكومات والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بإنشاء مدن ومبانٍ ذكية ساهمت في تسريع نمو شركات التكنولوجيا العقارية. ومن بين هذه المدن، مدينة "نيوم" في المملكة العربية السعودية التي بدأت بإدخال تقنيات جديدة لتعزيز عمليات البناء. وتشمل المشاريع الأخرى التي تم إطلاقها أسواقًا عقارية إلكترونية جديدة تربط مالكي ومديري العقارات بالعملاء المحتملين.

ولكن، ماذا تعني كل هذه الجهود والمبادرات والاستثمارات إذا لم يستفِد قطاع العقارات من إمكاناته التقنية بعد؟

كلّ هذا يدفعنا إلى طرح السؤال التالي: ما التغييرات الجذرية التي يمكن للتكنولوجيا أن تحدثها في قطاع العقارات؟

يجب أن لا يغيب عنّا أنّ التكنولوجيا العقارية لا تزال في مراحلها الأولى في المنطقة، وبالتالي سيشهد العقد المقبل الكثير من الفرص التي ستستغلّها الشركات وتستفيد منها. ومن الأمور التي يمكن لأصحاب المصلحة في قطاع العقارات الاستفادة منها، نذكر ما يلي:

1.) أسواق عقارية إلكترونية

تُعتبر الأسواق العقارية الإلكترونية، ببساطة، منصّات رقمية متعدّدة الجوانب، وهي تمكّن مالكي العقارات وشركات إدارة الأصول من بيع العقارات أو تأجيرها عن طريق ربطهم بسلاسة بعملاء محتملين، سواء عبر المواقع الإلكترونية أو تطبيقات الأجهزة المحمولة.

2.) المدن الذكية والمباني الذكية

يعمل الكثير من الحكومات وشركات التطوير العقاري على دمج تقنيات إنترنت الأشياء (IoT) في المرافق، وتستخدمها من أجل أتمتة عمليات التشغيل في المدن والمباني، مثل إدارة الإضاءة، والتدفئة، والشؤون الأمنية، باستخدام لوحة تحكّم واحدة لأنواع مختلفة من الأصول، بما في ذلك قطاع النقل والمؤسسات التعليمية.

وتسخّر الحكومات الحلول الجديدة لتحسين إدارة استهلاك الطاقة والموارد المائية، بالتوازي مع سنّ قوانين تساهم في تسريع الاعتماد على التكنولوجيا.

3.) تكنولوجيا البناء وأتمتة عمليات التشغيل

في هذه الأيام، لم تعد شركات التطوير العقاري تعتمد على الأنشطة اليدوية إلّا نادرًا، لا سيما وأنّها استطاعت أتمتة الكثير من عملياتها باستخدام حلول "تكنولوجيا البناء" (ConTech) الحديثة، مثل استخدام الطائرات بدون طيار (درونز) للكشف على جميع الأنشطة عن طريق خريطة ثلاثية الأبعاد لمواقع البناء.

وتستخدم الشركات كذلك تقنيات الطباعة ثلاثية الأبعاد من أجل تطوير المباني المشغولة في مدّة زمنية أقصر، مع ضمان جودة الوحدات السكنية وسلامتها.

4.) التمويل الجماعي للعقارات

يعتمد المستثمرون في قطاع العقارات على التمويل الجماعي (Crowd-funding) من أجل تنويع محافظهم الاستثمارية بسهولة، بحيث يسمح هذا المفهوم لعدد كبير من الأشخاص بالاستثمار الآمن في عقار واحد أو في عدة مشاريع عقارية متعدّدة الوحدات. وقد ساعد التمويل الجماعي المستثمرين في تأمين رأس المال اللازم لمشاريع مبهرة وناجحة في سوق العقارات.

5.) تكنولوجيا البلوك تشين (Blockchain)

ساهم استخدام تكنولوجيا البلوكتشين (سلسلة قواعد البيانات المشفّرة) في تقليل كلفة الاستثمار في العقارات عن طريق إزالة الكلفة التي يتقاضاها الوسيط. وبالتالي، من خلال اعتماد "عرض العملات الأوّلي" (Initial Currency Offering) كممارسة منظّمة في سوق العقارات، أصبح بإمكان المزيد من المستثمرين ضخّ المزيد من رأس المال في القطاع.

سهّلت دولة الإمارات العربية المتحدة اعتماد هذه التكنولوجيا في سوق صناديق الاستثمار العقاري العالمية (REIT) من خلال تمكين المستثمرين العقاريين من الاستثمار باستخدام العملات المشفرة مع الحصول على عوائد أفضل.

6.) الواقع المعزز والواقع الافتراضي

وأخيرًا، تستخدم شركات التطوير العقاري الحديثة تقنيات الواقع المعزز (Augmented Reality) والواقع الافتراضي (Virtual Reality) لتمكين العملاء المحتملين من استكشاف مشاريعهم افتراضيًا، بغضّ النظر عن المسافة التي تفصلهم عن مكان المشروع.

كما نرى، كثيرة هي المجالات التي يمكن فيها للتكنولوجيا أن تحدث تغييرًا جذريًا في قطاع العقارات. ينبغي أن لا يخاف أصحاب المصلحة أن يخسروا أعمالهم بسبب هذه التقنيات، فالتكنولوجيا التي يجري تطويرها تهدف إلى  تسهيل الأعمال وليس إلى الحلول مكان رأس المال البشري. باختصار، الهدف النهائي لدمج هذه التقنيات واعتمادها هو تقديم منتج نهائي أفضل وتجربة أفضل.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات