using MiskFoundation.BLL.Custom;

حجم سوق تكنولوجيا التأمين في المملكة العربية السعودية

المقال يناقش النجاح المختلف لشركات تكنولوجيا التأمين في السعودية والولايات المتحدة، مسلطًا الضوء على الإنجازات في تجميع الأسعار وتأمين السيارات، وتحليل التحديات في قطاع التأمين الصحي، ويشدد على إمكانية التحول والتكنولوجيا لتحسين كفاءة الصناعة وتعزيز النمو.
 
 

على مدى السنوات الماضية، برز بعض الشركات الأميركية في مجالات مختلفة من تكنولوجيا التأمين (InsureTech)، مثل تجميع الأسعار، والرعاية الصحية، وتأمين المركبات، وتأمين المنازل، والحماية والادخار، وإدارة المطالبات، وغيرها. وقد وصل بعض هذه الشركات الناشئة إلى مراحل متقدّمة، فمنها ما طُرح في البورصة ومنها ما يمرّ في مراحل مختلفة من النضج.

ومع ذلك، لم يشهد سوق الشرق الأوسط حتى الآن، وتحديداً في المملكة العربية السعودية، قصص نجاح للشركات الناشئة في هذا المجال سوى في تجميع الأسعار والتأمين على المركبات. ولعلّ أكثر ما ساعد منصّات تجميع الأسعار على اختراق قطاع التأمين أنّ الجهات المنظّمة ترى في تجميع الأسعار أمرًا أساسيًا لتعزيز الشفافية.

في عام 2021 حصد وسطاء التأمين عبر الإنترنت ما نسبته 5.6% من إجمالي أقساط التأمين المكتتبة (GWPs)، أي حوالي 2.5 مليار ريال سعودي، معظمها من التأمين الشخصي على المركبات. وهذا يعني أنّ وسطاء التأمين عبر الإنترنت، أو منصّات تجميع الأسعار، وجّهوا نحو 30% من جميع بوالص التأمين على المركبات. ولكنّ هذا الأثر الكبير لم ينتقل إلى قطاعات أخرى داخل مجال التأمين مثل التأمين الصحي، وذلك بسبب التحديات الهيكلية التي سنفصلها أكثر في ما يلي.

فهم مكونات القطاع:

نما قطاع التأمين على مدى السنوات العشر الماضية بمعدل نموّ سنوي مركب نسبته 8.6%، ويُتوقّع أن يستمر بالنمو بمعدلات مماثلة أو أعلى بسبب التضخم في تكلفة الرعاية الصحية. يمثل التأمين الصحي حوالي 60% من "إجمالي أقساط التأمين المكتتبة" (GWP)، وإذا احتسبناه مع قطاع المركبات سيمثلان معًا نحو 80% كقطاعين فرعيين من قطاع التأمين ككلّ بفضل إنفاذهما قانونيًا، مثل إلزام أرباب العمل بتوفير التأمين الصحي لموظفيهم والأشخاص الذين يعيلونهم.

يتمثّل نحو 50% من أقساط تأمين المركبات الموجّهة إلى الشركات (B2B)، لا سيما دفاتر الإيجار للشركات، مثل التأمين الإلزامي للمركبات المستأجرة من قبل البنوك، ويتمثّل الباقي في تلك الموجّهة إلى المستهلك (B2C)، مع سيطرة لتأمين "المسؤولية تجاه الغير" مقارنة بالتأمين الشامل. وبالتوازي، يُحتمل أن يتضاعف التأمين الشامل لأنّ إنفاذ القانون لا يطبّق حاليًا إلا على حوالي 50% من السوق بسبب الفصل بين مدة صلاحية التأمين ومدة صلاحية رخص القيادة ورخصة السيارة.

إجمالي أقساط التأمين المكتتبة (ر.س) م

2011

2021

الوزن %

معدل نمو سنوي مركب لمدة 10 سنوات

جميع الخطوط

18504

42031

100%

8.6%

التأمين الصحي

9708

25109

59.7%

10.0%

المركبات

3922

8163

19.4%

7.6%

الممتلكات/الحرائق

1157

2282

5.4%

7.0%

التأمين الهندسي

913

1002

2.4%

0.9%

الممتلكات والإصابات

905

1586

3.8%

5.8%

التأمين البحري

634

1707

4.1%

10.4%

الأقساط السنوية/تأمين الحياة وغيرها

632

696

1.6%

1.0%

الطاقة

361

1295

3.1%

13.6%

الطيران

272

189

0.4%

-3.6%

يُعدّ التأمين على المركبات منتجًا أكثر بساطة لأنّه لا يتطلّب إلّا بعض التعاملات التي لا حاجة فيها إلى التفاعل أو تبادل المتطلبات بين حامل وثيقة التأمين وشركة التأمين، باستثناء حالة المطالبة المقدّمة بسبب حادث ما. وينتج عن ذلك تأمين "يتأثّر بالأسعار"، ممّا يفسر نجاح منصّات تجميع الأسعار. ولكنّ هذه النجاح وهذه السياسات لا تستفيد منها شركات التأمين بسبب المنافسة القوية في الأسعار، ممّا يؤدي إلى توتر بينها وبين منصّات تجميع الأسعار، ويولّد بالتالي حاجةً إلى إيجاد حلول يمكن أن تغيّر العلاقة بعيداً عن بيع أرخص بوليصة تأمين فحسب.

أمّا التأمين الصحي فهو معقد أكثر، حيث يلعب تقديم الخدمة دورًا كبيرًا في التفويض المسبق لبعض الخدمات الطبية، مثل إدارة الحالات المزمنة، ورسائل التذكير بتناول الأدوية، وصرف الدواء، والولادة. حتّى أنّ عملية اكتتاب التأمين تتطلب جمع بيانات المطالبات على مستوى المجموعة. بالإضافة إلى ذلك، لا تزال الشركات الصغيرة والمتوسطة تطلب ملء الاستمارات الطبية من قبل الأفراد أنفسهم، مما يجعل العملية طويلة بسبب الحاجة إلى ملئها يدويًا. على سبيل المثال، في حالة الإعلان عن وضع طبي، يُطلب من شركات التأمين فحص المخاطر والتدقيق فيها، وهو ما يمكن اعتباره تحديًا وفرصة للنمو التكنولوجي في الوقت نفسه.

يمثّل التأمين على المركبات والتأمين الصحي، مجتمعَين، حوالي 80% من القطاع، ويعود ذلك إلى إنفاذ لوائح وقوانين التأمين، كما هو موضح في الرسم البياني أعلاه. فحجم سوق التجزئة الحالي من الشركة إلى المستهلك (B2C) للتأمين الصحي البالغ 213 مليون ريال سعودي في عام 2021هو رقم مُبالَغ فيه لأنّه يتضمّن قطاعًا منظمًا ومهمًا يشتمل على المسافرين القادمين مثل الذين يسافرون للعمل والسياحة والعمرة.

ومع ذلك، لا يزال التأمين الطوعي محدوداً ويكاد يكون غير موجود في المجال الصحي بسبب المخاطر المحتملة من وجهة نظر شركة التأمين، وبسبب السعر من وجهة نظر المنتسب. علاوة على ذلك، شهد التأمين الصحي هامش ربح إجمالي منخفض يبلغ حوالي 9.7 إلى 17.4%، ولن يكون مفاجئًا أن نصل إلى هامش سلبي إذا أخذنا في الاعتبار تكلفة الاستحواذ والعمولة والنفقات العامة.

 

فرص التطوير الرقمي

يُعدّ تمثيل الشركات الصغيرة لشركات التأمين القائمة، من المجالات التي توفّر فرص نمو رقمية. ويعني ذلك أن يُسمح لشركة ناشئة في تكنولوجيا التأمين بأن تستعين بترخيص الاكتتاب لشركة تأمين قائمة بهدف اكتساب العملاء بتكلفة أقلّ وتعزيز الوصول إلى عملاء محتملين. يمكن أن تستفيد الشركات الناشئة من هذه الخطوة باعتبارها مسار تعلّم للحصول على ترخيص مستقلّ للتأمين، لا سيما وأنّ رأس المال الذي تحتاجه الشركات الناشئة اليوم كبير ومتطلّباته كثيرة. وبالتالي، ستصبح كلفة المخاطر على الشركات الناشئة أقلّ كونها ستستفيد من انخفاض تكاليف الإعداد للعمل، كما يمكن أن تحصل على مساهمات في رأسمالها من الشركات الأكبر. ومن ناحية المستخدمين، ستسمح شركات التأمين لهم بالوصول إلى معلوماتهم في أيّ وقت دون الحاجة إلى مقابلة ممثل عنها شخصيًا، بفضل الابتكار الرقمي.

بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد "التأمين كخدمة" (IaaS) شركات التأمين الحالية على التحرّك رقميًا بوتيرة أسرع وبتكلفة أقل. يمكن أن يكون الانتقال إلى جانب المزوِّد مثمرًا أيضًا من خلال معالجة المطالبات بصورة أفضل وتحسين إدارة دورة الإيرادات. وبالمثل، يمكن استخدام إصدار الفواتير الإلكترونية وحلول التمويل لتعزيز شفافية عمليات إعداد الفواتير وكفاءتها، فالفاتورة الإلكترونية تلغي تكاليف تجهيز الفواتير يدويًا، وتختصر وقت إرسال واستلام معلومات المعاملة، كما تقلّل من المخاطر مثل الاحتيال.

وأخيراً، فإنّ دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي في قطاعي التأمين الصحي وتأمين المركبات الفرعيين سيساعد في تحليل عقود التأمين التاريخية والتخلص من ملفات تعريف العملاء المحفوفة بالمخاطر. سيصبح الذكاء الاصطناعي في مختلف مجالات القطاع لاعبًا رئيسيًا في تسهيل التنبؤ بالخسائر والوقاية منها وتبسيط التعامل مع المطالبات، ممّا سيساهم في توليد فرص أفضل لتعزيز نمو سوق تكنولوجيا التمويل في السنوات القادمة.

تتطلب رقمنة قطاعات التأمين الفرعية غير القسرية استثمارات ضخمة لبناء السوق، مما يتطلّب تغييرات في سلوكيات وفكر الشرائح المستهدفة. وبقدر ما هي ضرورية، فإنّ رقمنة القطاع يمكن أن تكون عملية طويلة ومكلفة. باختصار، تكنولوجيا التأمين مفيدة لتعزيز كفاءة عمل القطاع في بعض المستويات، ولكنّها ضرورية أكثر لتحسين سير المعاملات وإضفاء المزيد من الشفافية عليها.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات