مستقبل الصحّة المتّصلة بالشبكة أقرب ممّا تتوقّع

يشير مصطلح الصحة المتّصلة بالشبكة (Connected Health) إلى عصر جديد من الرعاية الصحية، حيث
نتوقع في السنوات الخمس القادمة أن نرى المزيد من التقنيات الصحية والطبية المتصّلة بالشبكة والتي تدمج إنترنت الأشياء الطبية (MIoT) في حياتنا. سيساعدنا تجميع هذا الكمّ الهائل من بيانات المرضى ومعلوماتهم في الوصول إلى نقطة يمكن أن يكون للطب الوقائي فيها تأثيرٌ كبير على تحسين حياة المرضى.

فوائد الصحة المتصلة بالشبكة

يشير مصطلح الصحة المتّصلة بالشبكة (Connected Health) إلى عصر جديد من الرعاية الصحية، حيث تتقاطع التكنولوجيا مع الطب لتمهيد الطريق أمام أخصّائيي ومقدّمي الرعاية الصحية لإدارة طرق التعامل مع المرضى وتعزيز حالات الشفاء، وذلك عن طريق التواصل والترابط بين الأجهزة الطبية وتشارُك بيانات المرضى بسهولة. وهذه البيانات المتاحة يمكن للأطبّاء الاستفادة منها لتكوين نظرة شاملة ومستنيرة عن حالة المريض بهدف تقديم رعاية أفضل. أدّت إنترنت الأشياء، أو ما يُعرف في الوسط الطبيّ باسم إنترنت الأشياء الطبية (MIoT)، إلى ظهور قطاعات جديدة - بالإضافة إلى الذكاء الاصطناعي وتعلّم الآلات - مثل مراقبة الرعاية الصحية عن بُعد وتقديم الاستشارات الطبية عن بُعد، وهي طرق عمل تستفيد من الاتّصال بين التطبيقات والمستشعرات والأجهزة من أجل تحسين طرق تقديم الرعاية الصحية وحصول المرضى على نتائج أفضل.

أصبح بالإمكان الحصول على الرعاية الصحية، من أيّ مكان، بفضل الصحة المتّصلة بالشبكة. يمكن للأطبّاء التفاعل مع بعضهم البعض من مختلف أنحاء العالم من أجل إدارة الحالات المعقّدة، ممّا يعني أيضًا أنّ المرضى في المناطق النائية يمكنهم الوصول إلى أفضل الأطبّاء والحصول على أفضل رعاية ممكنة. بالإضافة إلى ذلك، يزيد استخدام التكنولوجيا والرعاية المتّصلة بالشبكة من إمكانية تماثل المريض إلى الشفاء وخروجه من المستشفى خلال فترة أقصر مقارنة بطرق المراقبة التقليدية. وهذا ما يتيح للمستشفيات أن تواكب حجم العمليات الجراحية المتزايد بعد الانكفاء عن إجرائها بسبب جائحة كوفيد-19.

استطاعت شركات مثل "تيلادوك" (Teladoc) و"ليفونجو" (Livongo) اختراق السوق خلال السنوات القليلة الماضية لتغيّر طريقة تعامل الرعاية الصحية مع أمراض مزمنة مثل مرض السكّري إلى الأبد. قامت "ليفونجو" بخطوات كبيرة لدعم الجهود المبذولة للوقاية من مرض السكّري، في حين نمت شركة "تيلادوك" للمعاينة الطبية عن بُعد في السنوات الماضية بسبب جائحة كوفيد-19، وسيستمرّ نموّ الشركتين وازدياد نسب استخدامهما حتّى بعد انحسار الجائحة. لقد دخل العالم عصرًا جديدًا ستتغيّر فيه طريقة ممارسة مهنة الطب. على سبيل المثال، يمكن لفوائد الاستشارات الطبية عن بُعد أن تساهم في إزالة الكثير من العوائق من أمام أنظمة الرعاية الصحية في العالم، بحيث توفّر للمرضى رعاية صحية معزّزة بصورة أسرع.

حرب البيانات والرعاية الصحية غير المتطوّرة

توفّر عملية رقمنة البيانات فوائد هائلة بقدر ما تطرح من تحدّيات. لقد أصبح الحفاظ على خصوصية المرضى وسرية بياناتهم أصعب مع نقاط الضعف التي تنطوي عليها التكنولوجيا الجديدة، بحيث يمكن أن تتعرّض هذه البيانات للاختراق، ممّا يؤدّي إلى مشاكل جمّة مثل تسريب البيانات. ومع ذلك، يمكن إيجاد حلّ لهذا الأمر عن طريق الاستعانة بنظام أمن سيبراني لحماية سرية التعاملات بين المريض والطبيب.

من جهة ثانية، فشلت بعض أنظمة الرعاية الصحية حول العالم في مواكبة وتيرة التطوّر التكنولوجي، ممّا أدّى إلى غياب البنى التحتية اللازمة لإضافة التقنيات الجديدة إلى هذه الأنظمة. بالإضافة إلى ذلك، أصبح أخصائيو الرعاية الصحية معتادين على نمط معيّن في ممارسة المهنة، ما قد يؤدّي إلى رفض الأساليب الجديدة لإدارة حالات المرضى في بعض الأحيان. ولكن، يمكن القول إنّ جائحة كوفيد-19 قد تدفع إلى تخطّي هذا الرفض أو التخفيف من حدّته حيث أصبحت الحاجة إلى التكنولوجيا أكثر وضوحًا.

الصحة المتّصلة بالشبكة لرعاية صحية وقائية

نتوقع في السنوات الخمس القادمة أن نرى المزيد من التقنيات الصحية والطبية المتصّلة بالشبكة والتي تدمج إنترنت الأشياء الطبية (MIoT) في حياتنا. سيساعدنا تجميع هذا الكمّ الهائل من بيانات المرضى ومعلوماتهم في الوصول إلى نقطة يمكن أن يكون للطب الوقائي فيها تأثيرٌ كبير على تحسين حياة المرضى. ومع تزويد الأطبّاء بالمزيد من البيانات عن المرضى، تساعد الصحة المتّصلة بالشبكة في توضيح صورة أمراض معيّنة وفهمها بصورة أفضل، كما تسمح على سبيل المثال بتفادي بعض الحالات الطبية أو تدهور حالة المريض.

إذا كان الوصول إلى معلومات المرضى متاحًا بشكل أكبر وأفضل، سنتمّكن من إنقاذ الكثير من الحالات وستقلّ نسبة الوفيات، لحسن الحظّ، ما يعني زيادة في متوسّط العمر المتوقّع. ومع تقديم المزيد من الحلول المتعلّقة بالعافية والسلامة، يمكن للأفراد الاهتمام أكثر بصحتهم الشخصية، ممّا يؤدي إلى ازدياد نسبة السكان الأصحاء في العالم وتخفيف الضغط على أنظمة الرعاية الصحية وتحويل الموارد إلى حيث تشتدّ الحاجة إليها.

ابتكارات من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

تشهد المملكة العربية السعودية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تحولات رقمية كبيرة خلال السنوات القليلة الماضية، ومن الواضح أنّ هذه التحوّلات تترافق مع ازدياد صحّة السكان وقوّتهم. بات يُنظر إلى الرعاية الصحية بمنظور مختلف تمامًا، يشتمل على نظرة مستقبلية ورؤية طويلة المدى تسمح للأجيال المقبلة بعيش حياة مزدهرة تقلّ فيها الأمراض المزمنة التي تنتشر في المنطقة منذ وقت طويل. وفي هذا السياق، فإنّ الحكومات، والمبتكرون، ومزوّدو الرعاية الصحية، والمستثمرون، والهيئات التنظيمية، تتّحد جميعها خلف هدف واحد: تحسين نتائج علاج المرضى وتوفير أفضل مستوى ممكن من الرعاية للأفراد في المنطقة.

استطاعت بلدان مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة أن تتعامل مع جائحة كوفيد-19 بطريقة يُحتذى بها في إدارة الرعاية الصحية، كما تبيّن أنّهما الآن أكثر استعدادًا لأيّ جائحة أو أزمة رعاية صحية عالمية قد تحدث مستقبلًا. على سبيل المثال، تركّز "رؤية السعودية 2030" على توفير فرص رعائية أفضل وتأسيس صندوق استثمار جريء للاستثمار في تقنيات الرعاية الصحية المتّصلة بالشبكة التي أثبتت أنّها تخدم الناس بشكل أفضل في المنطقة والعالم.

مجتمع متّصل لصحّة أفضل

من النصائح التي يمكن تقديمها لروّاد الأعمال والمبتكرين في مجال الرعاية الصحية المتّصلة بالشبكة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، هي الاستماع إلى المستخدمين ومعرفة احتياجاتهم. بالإضافة إلى ذلك، من الضروري جدًا إجراء النقاشات والتشاور مع الأطبّاء والهيئات التنظيمية والمسؤولين الحكوميين، والتركيز على احتياجات المجتمع المتغيّرة لضمان النظر إلى المشاكل من الزاوية الصحيحة.

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات