يشتهر الفنان عادةً بإبداعه أعمالاً فنية تجذب أحاسيس الناظر إليها، ما يعزز متابعة الجمهور للوحاته. لكن إذا ما نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى، نجد بأن الفنان يقوم عملياً بتقديم تجربة فريدة من نوعها للناظر إلى اللوحة، فلا يستقطب بذلك اهتمامه وتقديره فقط، بل توقه لرؤية أعماله القادمة، وهذا هو جوهر ومفهوم اختصاص تصميم الاتصال/الاتصالات، الذي يقوم على تطوير العلاقة ما بين المشاهد والمرئيات، بهدف إيصال الرسالة المرجوة للعارض.
ونظراً للتقدم التقني الكبير الذي بدأ العالم يشهده في مجال التصميم بكافة مجالاته، اشتدت المنافسة على طرح تصاميم أكثر جودة، تحكمها معايير متغيرة تتماشى مع العصر وقنوات التواصل مع الجمهور، لضمان تحقيق الأهداف المنشودة بأفضل السبل. وعليه فإن تصميم الاتصال يعد من أمثل الطرق المستثمرة في العالم الرقمي والافتراضي لتعزيز مستوى التفاعل الإيجابي للمستخدم، ودفعه للرد على الرسائل الموجهة إليه.
التصميم الغرافيكي وتصميم الاتصال
هناك علاقة بينية وثيقة لا يمكن فصلها تجمع ما بين التصميم الغرافيكي وتصميم الاتصال، وتتمثل في كيفية سرد رواية قادرة بشكل رئيسي على استقطاب الجمهور، وتعزيز متابعته للمحتوى المقدم. على سبيل المثال، ينبغي على مصمم الاتصال، الذي يعمل ضمن مشروع لوحة إعلانية على الطريق، استثمار الكلمات والرسومات وكافة خيارات التصميم المتاحة لإيصال الرسالة المطلوبة منه بصيغتها المرئية للجمهور أثناء القيادة، أو مرورهم بها. لذا، سنستعرض معكم أبرز تخصصات تصميم الاتصال المستخدمة لتعزيز التفاعل والتواصل مع الجمهور:
1. الدعاية
تعتبر الدعاية من الوسائل عالية التأثير المستخدمة من قبل مصمم الاتصال، فضلاً عن كونها صناعة تستثمر مليارات الدولارات سنوياً في مجال التسويق والترويج للخدمات والمنتجات.
2. التحرير والتأليف
يساهم المحتوى النصّي بشكل كبير في رفع مستوى الوعي بالعلامة التجارية، وتعزيز حضورها في منصات التواصل الاجتماعي، وذلك عن طريق نشر وتوزيع سيناريوهات الإعلانات التجارية، وكلمات الأغاني، والكتالوجات، وغيرها الكثير. كما يندرج ضمن هذا التخصص الكتابة التقنية المتخصصة في مختلف المجالات المهنية والرقمية ذات الصلة.
3. استراتيجية المحتوى
يلعب المحتوى المطروح دوراً حيوياً في الارتقاء بدرجة التواصل مع الجمهور، وتعزيز مستويات ولاء العملاء. ويُعنى هذا التخصص بشكل رئيسي في إدارة وتطوير المحتوى بما يواكب تطلعات الجمهور، وتلبية احتياجاته، إلى جانب وضع الخطط المستقبلية لتوجهاته.
4. إدارة العلامات التجارية
تعد إدارة العلامات التجارية من أهم تخصصات تصميم الاتصال، فهي تساهم بدرجة عالية في وضع الخطط الكفيلة بتعزيز وعي وإدراك الجمهور بالعلامة التجارية، كما أنها تلعب دور المحفز لترسيخ قنوات التواصل مع العلامة التجارية.
5. الفنون البصرية/المرئية
إن العمل على إنشاء عناصر ومكونات مرئية وفق مفهوم الفنون الجميلة والتطبيقية، بحيث تكون قادرة على لفت انتباه الجمهور من شأنه تعزيز مستوى رضا العملاء، وإيصال رسالة العلامة التجارية بطرق مختصرة وسريعة. ويتضمن هذا التخصص أيضاً استخدام الرسوم التوضيحية والشرح التصويري للوسائط المنشورة، مثل الرسوم المتحركة، والأفلام، وألعاب الفيديو. وفي بعض الحالات يأخذ التصميم البصري الصناعي منحى أكثر تخصصية، وذلك في حال تم طرح المنتجات والخدمات على نطاق واسع، حيث يتم تحديد خصائص ومزايا التصميم قبل الشروع بتصنيع المنتج، ليصبح بحد ذاته أحد فروع تصميم الاتصال تحت مسمى التصميم الصناعي.
6. العروض التقديمية
يهدف العرض التقديمي إلى إيصال الفكرة الرئيسية للموضوع على شكل رسائل، أو محاضرات، أو عروض توضيحية من شأنها إثراء فكر المشاهد حول العلامة التجارية.
7. الرسومات البيانية
يلجأ مصمم الاتصال للرسومات البيانية لتمثيل بياناته ومعلوماته بشكل مرئي، وذلك بهدف إثراء المحتوى البصري القادر على الوصول بسرعة إلى وعي المشاهد، وتعزيز حضور العلامة التجارية بلغة الأرقام.
من جهةٍ ثانية، نجد بأن فرص العمل المهنية والتخصصية التي ظهرت في السوق السعودية ضمن هذا المجال لا تعد ولا تحصى، فرضتها مسيرة تطور المشاريع بأنواعها، سواءً كانت معقدة، أو كبيرة، أو حتى بسيطة. كما أن مهنة مصمم الاتصال/الاتصالات أصبحت من أبرز المهن التي باتت مطلوبة في شتى قطاعات الصناعة السعودية، وذلك تحت مسمى المصمم التفاعلي، المدير الإبداعي، مصمم الجرافيك، مصمم النشر، المدير الإعلاني وغيرها الكثير من المناصب التي تؤهله العمل في العديد من المجالات، بما فيها الحملات الإعلانية، تصميم العلامات التجارية، التصوير الصحفي، تصميم العبوات، تصميم الملصقات وأغلفة الكتب، تصميم تطبيقات الأجهزة المحمولة والقائمة تطول.
لذا، ينبغي تعزيز الجهود المبذولة في سبيل نشر هذه المهارات الرقمية بين أوساط الشباب والفتيات في المملكة، وذلك بهدف تنمية مهاراتهم وتطوير قدراتهم المهنية بما يواكب متطلبات العصر، ويسهم في النهضة المجتمعية المستدامة للوطن.
