المعرفة اقتصاد

بدور المدني – مسار جازان
هذا المقال بقلم أحد المشاركين المتميزين في برنامج صوت الشباب. صوت الشباب برنامج إثرائي يهدف لإشراك الشباب من مختلف أنحاء المملكة في عدد من الندوات واللقاءات التدريبية والحوارية التي تركز بشكل رئيس على مهارات التواصل والإقناع والتفكير النقدي.

"في غضون 20 سنة، سوف نكون اقتصادًا أو دولةً لا تعتمد بشكل رئيسيٍّ على النفط" 

  • سمو الأمير محمد بن سلمان آل سعود.

المعرفة هي الأفكار والمفاهيم التي تساعد على اتخاذ سلوكٍ فعّال، ومحل منافسة للدول في القرن الحادي والعشرين، فبعد ما  كان رأس المال واليد العاملة والأرض مصدرًا للإنتاج في الاقتصاد القديم أصبح العقل المبتكر هو الاقتصاد الآن، وهذا ما يسمى باقتصاد المعرفة الذي يهتم بالإنتاج، فيلعب على حبل المستقبل دون الحاضر والماضي، بإمكانيات المفكرين وقدرتهم على الابتكار والإبداع والعمل اللامحدود مثل الفضاء والحاسوب وغيره، وباهتمامهم على الخمسة القطاعات التي تهتم بتنمية العلم والمعرفة مثل التعليم، البحوث، والتنمية، الاتصالات، الآلات وخدمات المعلومات. وبذلك نستطيع القول أنَّ اقتصاد اليوم يعتمد بشكل كبير على الفكر، فما هو دور المعرفة في الاقتصاد؟

تكمن أهمية المعرفة في وقتنا الحالي بأنها أصبحت معيارًا لقياس تقدم اقتصاد الدول، حيث تقوم على موردٍ لا ينضب واستثمارٍ دائم على المدى الطويل، يمنح معطياتٍ ومنتجاتٍ مبتكرةٍ وإبداعية من المعرفة المكتسبة عبر المؤسسات البحثيّة، فتوّلد ثروة عقول وأموال، بالاعتماد على مدى توفر المعلومات والتقنيات الحديثة، ولا ننسى رأس الهرم وهو الموارد البشريّة ذات المهارات العالية القادرة على الربط بين الابتكار والتقنية، وهذا ما تهتم به رؤية المملكة 2030.

قال سمو الأمير محمد بن سلمان أنه يريد أن يُكوّن دولة لا يعتمد اقتصادها بشكلٍ أساسيّ على النفط، حيث يريد التقليل من استخدام الموارد الطبيعية من خلال الاعتماد على موارد أخرى، ساعيًا لإيجاد بدائل أكثر تطوّرا وديمومة، واقتصاد المعرفة هو إحدى البدائل التي نستطيع أن نطلق عليه صفة الديمومة؛ لأنه دائمٌ دوام وجود عقولٍ مبدعةٍ على الأرض، وأثر الاقتصاد الذي يقوم على العلم والمعرفة لا يسعى فقط إلى إغناء الدولة بل يسعى كذلك لنشر المعرفة في أفراد المجتمع؛ ليخلق بيئة راسخة ثابتة زاخرة بالإبداع والابتكار.

اتجهت السعوديّة نحو اقتصاد المعرفة وشرعت على تحقيق الاستثمار المعرفي، باعتباره خيارًا جادًا نحو التنمية المستدامة التي تعتمد على التكنولوجيا والإبداع، فتبنّت العديد من الوزارات والجهات الحكومية والخاصة، خططًا واستراتيجياتٍ في سبيل التحوّل المعرفي، وبذلت الدولة جهودًا جبارة لتحقيق هذا التحوّل، حيث تطلّب الأمر بناء أسسٍ رئيسةٍ للاقتصاد بتوفير البنية التحتية اللازمة لتحقيق متطلبات المعلومات والاتصال، الحوافز الاقتصاديّة للدولة، التعليم والتدريب لضمان وجود موارد بشرية مؤهلة، والابتكار الذي يدعم البحث العلمي. 

وبهذه الأسس استطاعت الجهات تحقيق أهدافها للتحوّل، فمن ناحية وزارة التعليم رُفعت نسبة الالتحاق برياض الأطفال وبلغ عددهم 300 ألف مستفيد، ونُشرَ 33,588 بحثًا علميًا، 84٪ من إنتاج المملكة من الأبحاث لكورونا حسب شبكة web of science، بما يقارب 915 بحثٍ علمي عن الفيروس لعام 2020، وأنشأت عددًا من برامج العلوم والمعرفة مثل مسار تميز الذي يهدف لرفع مستوى التأهيل العلمي للطلاب عن طريق ابتعاثهم، وإنشاء برنامج روّاد الترفيه وتدشين 14 معملًا للابتكار الرقمي، وأيضًا تبنـّى المركز السعودي "ساما" برامج تدريبيّة بحثيّة متخصصة لتأهيل وتطوير الكفاءات الوطنية الواعدة مثل الأمن السيبراني والتعليم المهني لحديثي التخرج، وأما هيئة السوق الماليّة فقدمت الدعم لتحفيز قطاع الماليّة وعرضت تدريب طلاب الجامعة، ولا ننسى ذكر سابك أحد أهم ركائز التقنية والابتكار في السعوديّة بمساهمتها بامتلاك 19 مركزًا بحثيًّا حول العالم وأربعة مراكز في السعوديّة، وتأسيس أكاديمية الطيران بهدف تدريب 450 طيارًا و 1200 فنّي سنويًا وإنشاء أكاديميات للرياضة والماليّة وصندوق التنمية الصناعيّة، والحقيقة أن القائمة تطول بالعديد من الوزارات مثل وزارة التجارة والثقافة والهيئات مثل الفضاء والاتصالات وغيرها من المؤسسات الخاصة، ولكن السؤال هنا، ما هو دور الأفراد للوصول إلى المعرفة بابتكار وإبداع؟

ساهمت المؤسسات الحكومية والخاصة لدعم التحوّل المعرفي بشتى الطرق، وهنا يأتي التساؤل عن دور الفرد للوصول إلى مستوى عالٍ من المعرفة والابتكار ساعيًا لتحقيق رؤية المملكة وتحسين بيئته ومجتمعه، حيث يجب أن يشعر الفرد بالمسؤولية المجتمعية ويعمل جاهدًا في تنمية قدراته العقلية، من خلال التعليم المستمر والقدرة على حل مشكلات الحاضر والتنبّؤ بمشكلات المستقبل، لأن المعرفة القويمة تحتاج إلى جودةٍ ومصداقيةٍ وبُعد رؤية، وإيجاد هدفٍ وإلهام يحفّز إلى الوصول لأبعد مناطق الإبداع. 

مع العالم الرقمي والانفجار المعلوماتي والتقنيات الحديثة لا توجد حجةٌ لمن ملكوا الإمكانيات التي وفّرتها المملكة للشباب من أماكن للتعليم والتدريب من كافة التخصصات العلميّة والعمليّة، ألّا يكونوا من المبدعين المبتكرين الذين يتبنّون رؤية المملكة 2030 بكل شغف، فمن واجب المواطن نحو وطنه ونفسه أن يعمل جاهدًا في تحقيق أهدافها والسعي لها، حيث قال صاحب السمو الأمير محمد بن سلمان: "طموحنا أن نبني وطنًا أكثر ازدهار يجد فيه كلُّ مواطنٍ ما يتمنّاه، فمستقبل وطننا نبنيه معا."

logo

كن على إطلاع بآخر المستجدات

اشترك في نشرتنا الإخبارية واحصل على مستجدات البرامج والفعاليات