ساهم التطوّر الكبير في المجالات التقنية في ظهور الكثير من الطرق التقنية المبتكرة والفعّالة التي بدورها أدّت إلى أتمتة المهام. ففي غضون الأعوام القادمة قد يجد الشخص أنه يعمل في وظيفة أو مجال لم يكن موجودًا في السابق، مما يتطلّب الاستعداد لمهام وظيفيّة ومهارات مستقبلية يصعب التنبؤ بها. بالتأكيد، لا يمكن الجزم بماهية المهارات التي يجب تطويرها والعمل عليها، ولكنّي سأحاول من خلال هذا المقال أن أذكر المهارات التي من المتوقع أن تساعد على النجاح في الحياة المهنية المستقبلية والتي ستكون أكثر تنافسيّةً دون شك.
إنَّ ظهور التقنيات الرقميّة في بيئة العمل يعني الحاجة إلى القدرة على التعامل مع الكم الكبير من الفرص والتحديات التي تصاحبها. فكلما كانت لديك القدرة على التكيّف مع التغيّرات واستيعاب الأفكار الكثيرة والمعقّدة؛ كلما أصبحت قادرًا على التأقلم مع متطلبات الوظائف المستقبليّة وأصبحت مطلوبًا من قبل أرباب العمل ومسؤولي التوظيف.
إن الاستمرار من قبل العالم في الاعتماد على التقنيات الحديثة والمتطوّرة؛ سيؤدّي إلى الحاجة إلى تعزيز المهارات الرقميّة والقدرات الحاسوبية من قبل الراغبين بشغل الوظائف المستقبلية. من المؤكّد بأن التوجّه العالمي الآن يسير نحو التركيز على المعرفة الرقميّة والتي تجاوزت ما كان يُتوقّع منها سابقًا، خصوصًا عندما يتعلّق الأمر بالتقنيات الناشئة، مثل الذكاء الاصطناعي (AI)، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء (IoT)، وعلوم البيانات. يقول البروفيسور آدم حبيب، نائب رئيس جامعة ويتواترسراند بجنوب أفريقيا: "نحتاج إلى تدريب العلماء على التعامل مع تحديات القرن الحادي والعشرين الجديدة علينا.(1)". من المهم جدًّا التركيز من قِبَل المؤسسات التعليميّة على مجالات الذكاء الاصطناعي والعلوم الإلكترونيّة في تطوير مجموعة مهارات الطلاب الرقميّة وتحسين قدرتهم التقنية في هذه المجالات الناشئة، ومنها التعرّف على تصوّر البيانات واستكشافها والذكاء الحاسوبي.
وبالرغم من تفوّق تقنية الروبوتات والأتمتة الحاسوبيّة على البشر فيما يخصّ العمليات الحسابيّة وتشخيص المشاكل التقنيّة، إلا أنّ البشر هم الذين يتعاملون بشكلٍ مباشر مع البيانات وتحليلها. وعطفًا على الثورات الصناعية المتسارعة يتعيّن على الأشخاص الراغبين في تعزيز فرصهم في الحصول على أماكنهم الوظيفية في البيئة المستقبلية تعزيز قدرتهم على التعامل مع المعطيات المنطقية والرقمية مما يساعدهم في عملية اتخاذ القرار بصورة أفضل.
وتكمن أهمية التركيز على تنمية المهارات القياديّة في قدرة الشخص على أن يكون قدوةً ومُلهِمًا، ومحفّزًا لغيره بأن يقدّم أفضل ما لديه. وبالتالي تعتبر هذه المهارة من المهارات الضروريّة في بيئة الأعمال لما لها من أثرٍ قويٍّ وملموس على زيادة إنتاجية الأفراد. بالإضافة إلى التطوّر الحاصل في بيئة الأعمال والتنافسية الكبيرة التي سترفع من قيمة ومكانة الأشخاص القياديين، الذين سيشاركون مع فرقٍ متنوعة لإيجاد حلول جذرية ومبتكرة للكثير من المشاكل الشائكة.
يظل الذكاء العاطفي والاجتماعي قدرة بشرية فريدة لا يمكن الاستغناء عنها، فالطلب المتزايد على العنصر البشري في بعض القطاعات يجعل من صفة الذكاء العاطفي والاجتماعي عنصرًا هامًّا للحصول على وظيفةٍ ما. على سبيل المثال، الوظائف في مجال الرعاية الطبية، من المتوقع أن تزداد فرصة الحصول على وظيفتك المستقبليّة والعمل مع الآخرين متى ما كنت تتمتّع بحسن التعامل والقدرة على العمل التعاوني بالإضافة إلى امتلاك مهارات الاتصال الفعّالة.
يشكّل امتلاك مهارة التفكير التحليلي والنقدي قوة إضافية ومرجِّحَة لدى الأشخاص الذين يريدون امتلاك مهارات تُعينهم على فرض أنفسهم، ومن خلال التفكير النقدي يمكن استنباط حلول دقيقة وعميقة، وذات جودة ابتكارية، كما يؤدّي استخدام هذا النمط من التفكير إلى القدرة على حل المسائل المعقدة، وتقوة الحجّة. وتتمحور قوة هذا التفكير باعتماده على المنطق في تحليل البيانات المتوفرة بدلًا من العاطفة، وبعد ذلك تُحدّد الإيجابيات والسلبيات طلبا للوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة.
يذكر التقرير الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي عام 2018 أن الأتمتة وتقنية الروبوتات سينتج عنها توفير الكثير من الوظائف، ومع هذا فسيظلُّ من الضروريِّ المحافظة على المهارات الإبداعية وتطويرها، مع تحفيز العقل وزيادة إمكاناته الإبداعيّة (2). يمكننا القول بأن قدرًا من الإبداع والابتكار البشريِّ لا يمكن محاكاته أو الوصول إليه بسهولة.
ومع هذا؛ فيجدر بنا البدء من الآن بكلِّ محاولات التعلّم واكتساب مهاراتٍ جديدةٍ وفعّالة، فالعالم يتسارع بشكلٍ مذهلٍ في المجال التقني ويتطوّر كثيرًا في بيئة الأعمال.
المصادر:
